بين 1973و 2021:
تختلف الأساليب والإستراتيجيات ويبقى الإتفاق غير المكتوب بين الشعب بكل أطيافه ومكوناته (حكومة وجيش وشرطة وقضاء واعلام وأطباء ومهندسين ومعلمين وعمال ومزارعين وغيرهم) بأننا معاً صف واحد في مواجهة الصعاب والتحديات والمؤامرات حتى نترك وطننا عزيزاً أبياً مرفوع الرأس للأبناء والأحفاد.
من أهم دروس حرب أكتوبر بكل معطياتها ونتائجها والزلزل الذي أحدثه الجيش المصري وغير به ــ ومعه ــ موازين القوة بالمنطقة والعالم أنه أنهى للأبد أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايقهر وأكد أن الإنسان المصري بمثابة لوغاريتم يصعب قراءته أو توقع ردود فعله وأنه لا يستسلم أبداً لليأس والإحباط ولديه القدرة دائماً على الإبتكار وصناعة المستحيل.
لقد حققنا معجزة بكل المعايير العسكرية في ظل إتفاق القطبين اللذين كانا يحكمان العالم في ذلك الوقت أمريكا والإتحاد السوفيتي “روسيا” على استمرار حالة اللا سلم واللا حرب.. هذا الوضع الضبابي الذي ارتضى به الفرقاء والشركاء جعل الخبراء العسكريين على مستوى العالم يؤكدون أن اقدام مصرعلى الحرب بمثابة انتحار.. لكن مصر “الشعب والجيش” لم تكن تقبل بغير القتال حتى لو أدى الأمر الى الإستشهاد على أعتاب سيناء تلك البقعة المباركة التي تجلى فيها المولى سبحانه وتعالى لسيدنا موسى عليه السلام.
كانت قواتنا تصم آذانها بالتجاهل التام وعدم الإهتمام أو التأثر بما يشيعه ويروجه الإعلام الغربي قبل المعركة وكان جزءاً من الحرب النفسية المستمرة ضدنا طوال الوقت، وتفرغت للاستعداد لمعركة فاصلة كان الشعب يدرك بوعيه وعمقه الحضاري والتاريخي أنها آتية لامحالة .
أهم درس يمكن أن نتوقف أمامه ونتذكره دائماً ونرويه بالفخر والإعزاز لأبنائنا وأحفادنا أن المواطن المصري هو صانع الإنتصار دائماً، فقد كان حجر الزاوية في جميع معاركنا وانتصاراتنا، في حرب أكتوبر المجيدة وقبلها وبعدها وفي كل موقف تحتاج اليه الدولة المصرية وقت السلم والحرب.
هذه المعاني أشار اليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة وأعاد التأكيد عليها خلال الندوة التثقيفية الرابعة والثلاثين للقوات المسلحة بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر يوم الأربعاء الماضي، حيث أكد الرئيس أن صمود الشعب ومساندته للقوات المسلحة كان العامل الحاسم في تحقيق الإنتصار العظيم، وأن الجيش رد الجميل بعمل غير مسبوق.
المواطن المصري الذي ربط الحزام وادخر من قوته للمجهود الحربي خلال سنوات حرب الإستنزاف هو ذاته الذي تصدى لحالة عدم الإستقرار التي شهدتها البلاد في مرحلة استثنائية من عمر الوطن عندما تكالب الأعداء علينا من الداخل والخارج ومن كل حدب وصوب.
وهو نفسه الذي يبني ويعمر في كل بقعة من أرض المحروسة، وخلال سنوات قليلة جداً لاتكاد تذكر في عمر الأمم كانت مصر في معركة وجود وسط أجواء لم تكن الأفضل حققنا مايشبه المستحيل، فما فعله المصريون سيتوقف أمامه التاريخ طويلاً بالإجلال والإعجاب والعبر والدروس المستفادة.
الأمر المؤكد أن الوطن لم يكن ليتجاوز عثرته دون وعي أبنائه وادراكهم بأهمية الوقوف صفاً واحداً لعبور التحديات والذي لايقل أهمية عن عبور القناة في أكتوبر 73 .