كانت ليلة رائعة قارئي الكريم ومثل هذه الليالي الجميلة لا نراها إلا قليلا ، كانت السماء مرصعة بالنجوم ، شديدة الصفاء كالحمائم البيضاء بحيث إن من يتطلع إلي نقائقها وصفائها يتساءل أيمكن أن يعيش تحت هذه السماء ، هذه الأنواع المختلفة من الناس ذوي النفوس الحاقدة ؟ نعم عزيزي القارئ يعيش تحتها الأشرار ومتقلبي الأطوار، وفي هذا الصباح امتلكني شعور غريب بالوحدة ، نعم أنا وحيدة قد هجرني الناس جميعا ، كل الناس تخلو عني عزيزي القارئ، لم أستطع أن أقيم اية علاقة صداقة ولكن ما حاجتي للعلاقات والصداقات؟ ولكن قلبي خائف مضطرب من أن ابقي وحيدة فما كان مني إلا أن أقتحم هذا العالم الملبد بالغيوم ، كان الناس لا يعرفونني ولكنني كنت اعرفهم وأشعر بهم وبملامحهم أصبحت مع مرور الأيام صديقة للعجوز التي تجلس بعيدا عن الناس تغني وتعيش في عالمها الصغير الذي خلقته لنفسها بعيدا عن البشر ، شيئا فشيئا اصبحت اجول في شوارع المدينة كطفلة صغيرة تبحث عن رفقاء يتبادلون معي اللهو واللعب ، ولن انسي ابدا المنزل الصغير جدا واللطيف كثيرا بألوانه المزركشة، كنت انظر إليه بكثير من الفخر كان كقطعة من الماس بين البيوت المجاورة ، ولكنني صعقت عندما رايتهم يبدلون الوانه ويقتلون أشجاره وتبدل الحال بين ليلة وضحاها ماذا يجري عزيزي القارئ إلي أين أذهب ؟
وحل الظلام وتعرضت لمغامرة مفاجأة
علي شاطئ النهر كان متكئا علي الحاجز الحديدي وكان ينظر نور القمر علي صفحة الماء ، كان شابا وسيما ، قلت في نفسي غريب هذا الشاب وتجمدت في مكاني تنهدات مكبوحة ، نعم إنها دموع ، احسست في اللحظات أن قلبي انشق من صدري حزنا علي شبابه ، فاقتربت منه ماذا بك ؟
سيدتي انا شاب متفوق لكن زملائي يكرهونني ويدبرون لي المكائد لإنهاء عملي وانا اعملي كي اربي اطفالي ماذا أفعل؟ كان يبكي بحرقة اه من قهر الرجال.. حاولت أن اخفف عنه ولكن كان قلبه حزينا مكسورا اي نوع من البشر هولاء الناس إنهم لا يعرفون طريقا لرأفة ولا رحمة وفي لمح البصر حاول أن يغادر ولكنني تعقبته، وكان قلبي يخفق كثيرا من الخوف ، كان يسير مترنحا محموما مستندا علي الجدران ودموعه تتساقط كسهام تخترق عنان السماء ، وبسرعة البرق كان تحت العجلات نعم انهي حياته غير آسف عليها في لحظات إنه القهر ، اصبحت أنا المقهورة الحزينة علي ما رأيت في تلك الليلة الحزينة هرعت إليه بقيت طويلا حتي أتت الشرطة وركضت مسرعة إلي بيتي وعلقت قلمي بين اصبعي وسطرت هذه السطور الحزينة.