تفوق على أقرانه فى التخصص وحاز على ثقة أساتذته بجامعة الأزهر
اعاد إلى الأذهان قادرون باختلاف فامتلك قلوبهم وحقق النجاح
أحمد : قمة سعادتى أراها على وجوه اخوانى من الصم أثناء مشاهدة العرض..
ابن الأزهر: هؤلاء أصحاب الفضل الاكبر واسعي لنشر ثقافة لغة الاشارة فى كل منزل..
ابن الداخلة: الترجمة الأكاديمية أفضل وأكثر واقعية الى قلوب ابناء الصم والانطوائية..
تعزيز الفهم المجتمعي والثقافة المرتبطة بلغة الإشارة.. رسالتى فى الحياة وهدفي
بفكر جديد وطموح واعد تدفعه روح الشباب من أجل ادخال البهجة على قلوب البسطاء ممن لم تمنحهم الحياة الفرصة الكاملة أسوة بالاصحاء ، تمكن صاحب ال22 عام وهو لايزال طالبا فى السنة الرابعة من الدراسة بجامعة الأزهرالشريف ، أن يشق طريقه إلى عنان موطن بيت الاحزان حيث يعيش أبناء الصم في ظلام الأيام ليتجدد الحلم مدفوعا بالامل وقد أصبح قاب قوسين أو أدنى على الدرب الأمثل من المنال في أبعد نقطة جنوب الصعيد بالوادى الجديد .
أكثر المتفائلين تطلعا لم يكن يتصور يوما أن يبتسم الحظ في وجه هؤلاء وأن تعود الرياح إدراجها لتنثر قطرات السعادة على رؤوسهم وبين صدورهم لتبتسم الحياة لهم من خلال مبادرة أحد طلاب الازهر بجامعة أسيوط والذي نجح فى كتابة أول سيناريو وحوار حول كيفية رسم البسمة على وجوه اصحاب البراءة والهمم من ابناء محافظته بعد أن قرر المضي قدما فى الطريق الذى رسمه لنفسه ، مهما كلفه السعي من جهد، ليصبح أول طالب ازهرى ينجح فى تقديم ترجمة فورية لعدد من الأعمال الفنية المسرحية بطريقة لغة الإشارة الاكاديمية.
بوابة “المساء” التقت الطالب أحمد محمد عبد الرحمن ، من أبناء قرية الراشدة بمحافظة الوادى الجديد ،أول طالب أزهرى مترجم للفنون المسرحية الحية بلغة الإشارة فى مصر ، والذى يعمل بمجال التدريب المعتمد ، ومسؤول لجنة ذوي الإعاقة بمؤسسة القادة للعلوم والتنمية، ومؤسس مبادرة بيننا أصم لتعلم لغة الإشارة ، فضلا عن مشاركته الدائمة في العديد من المؤتمرات والندوات التثقيفية حول كيفية التعامل مع الأصم وحقوقهم في المجتمع كان آخرها بمؤتمر نبض للتمريض التابع لمحافظة اسيوط ، ومؤتمر سند شباب الصعيد برعاية وزارة الشباب والرياضة بمحافظة قنا ، إضافة إلى تطوعه بعقد دورات تأهيل لابناء محافظته لتعلم لغة الاشارة من المنزل والعمل لخدمة المجتمع.
يقول أحمد عبد الرحمن ، مترجم اكاديمي للغة الإشارة المسرحية، أبن قرية الراشدة بمركز الداخلة ، ان أجمل لحظات مايشعر به المرء فى حياته ، وهو يشاهد ثمار عمله ومشاركته الإنسانية ينعكس على وجوه أصحاب الهمم بالسعادة والغبطة الحقيقية ، مشيراً إلى ماهية مجال تخصصه الذي يستهدف تعزيز التكامل الاجتماعي وتحسين جودة الحياة للأفراد من مجتمع الصم وضعاف السمع من خلال تعليم ونشر لغة الإشارة، مؤكدا إيمانه الراسخ وعقيدته الفكرية بأن التعلم والتواصل الفعال هما مفتاحا النجاح لبناء جسور تفاهم وتقارب اكبر بين افراد هذا المجتمع وأقرانهم السامعين.
أوضح عبدالرحمن الفرق بين لغة الإشارة العادية ، والطريقة الأكاديمية لترجمة الأعمال المسرحية الحية ، بأن الأولى “هي التي تصف شيئا معينا وتساعد علي توضيح صفات الشئ مثل فتح الذراعين للتعبير عن الكثرة ، أو تضيق المسافة للدلالة علي الصغر ، والصم والاسوياء كلاهما يستخدمون الإشارات العادية الوصفية ، بينما لغة الإشارة الاكاديمية يمكن تسميتها بالإشارات غير الوصفية والتى لايستعملها إلا الصم ، مضيفاً بأن لها دلالة خاصة للغة متداولة بين الصم فقط ، وبذلك يستطيع المترجم لهذه اللغة لصعوبتها أن يندمج مع الصم وينال ثقتهم بسرعة كبيرة تصل إلى حد إدخال السعادة على قلوبهم لما يرون من أعمال حية تشعرهم بالمساواة مع اقرانهم فى ذات الوقت.
أضاف إبن جامعة الأزهر ، أن كلتا اللغتين تكملان بعضهما البعض، حيث تعتمد لغة الإشارة العادية على التلقائية والبساطة، بينما تعتمد لغة الإشارة الأكاديمية على التعقيد والدقة ، لافتا إلى أنه منذ تقلده مهام العمل فى هذا التخصص سواء كمترجم أو مدرب معتمد وهو يشعر بالقبول والمردود الفكرى والانساني على مختلف أطياف المجتمع داخل محافظته وخارجها ، وبخاصة عندما يرتبط الهدف بتوصيل رسالة 7.5 مليون شخص من الصم، وإدماجهم في المجتمع، فكان ينقل إحساس المتحدث للمشاهد، ليطلق عليه البعض بأنه “مذيع البهجة”، ومترجم السعادة.
وتابع : فى تصريحات خاصةً ل “المساء” ، تبنيت مشروع الترجمة إلى لغة الإشارة الأكاديمية الحية، وهي لغة وصفية ولها قاموسها، وكان من حسن حظي أنني كنت أترجم لغة الإشارة إلى عدد كبير من الصم المشاهدين في مختلف الفعاليات والمناسبات بالعروض المختلفة ، واكتسبت خلالها كيفية القدرة على نقل المشاعر بدون كلام، والمترجم المتمكن ينقل الإحساس والصورة من خلال الإشارات فقط” ، مؤكداً على أهمية بناء قدرات المعلمين في المدارس والعاملين بالقطاعات الحكومية وتمكينهم في مجال لغة الإشارة بما يعزز التواصل الفعال مع الطلبة الصم، بالإضافة الى ضرورة دعم المناهج التعليمية بوسائل بصرية لضمان جودة العملية التعليمية.
أكد أحمد أن فكرة ترجمة الأعمال والمشاهد المسرحية الحية إلى لغة الإشارة الاكاديمية جاءت بعد يقين وايمان بقيمة واهمية الرسالة المقدمة لجمهور المشاهدين بالمنزل أو القاعات ، واثر ذلك على مشاعرهم وقلوبهم النقية من معايشة للاحداث وادراك لكل ما يقال فى التو واللحظة اسوة بالاصحاء فى هذا المجتمع ، معربا عن سعادته البالغة وهو يرى جميع العيون ترمقه بنظرات يملؤها الاحترام والتقدير عرفانا لما يقدم من عمل طيب ورسالة تفيض بروح الإنسانية من أجل رسم الابتسامة والسعادة لذوى الهمم والاعاقة من ابناء الصم .
وحول رؤيته لمستقبل رسالته ، يري ابن ٢٢ عام أن الصم والبكم وضعاف السمع يستحقون منا كل الفخر والدعم وتسخير مبادرات لدمجهم في المجتمع ولو كانت بشكل فردي، فالله كرم كل عباده، ولم يخلق أحدًا منهم عبثًا، فمن حقهم أن يعيشوا حياتهم ويشكلونها حسبما يرون ، متحدثين بلغتهم، ومعبرين عن كل مشاعرهم بها، فمن الواجب علينا فهمهم واستيعابهم ، مجددا العهد بمواصلة إنشاء جسور التواصل بنشر لغة الإشارة وتبسيطها لخدمة فئة الصم وضعاف السمع داخل وخارج محافظته الوادى الجديد ، وبذل الجهد لتقليص حجم الفجوة بين الأصم ومقدمي الخدمة بما يرتقي ورفع مستوى الوعي لدى المستهدف بحقوقه الصحية وواجباته تجاه مجتمعه.
على جانب آخر ، فى ذات السياق ، لم يتوقف ابن محافظة الوادى الجديد عند إطلاق المبادرات وتبنى جهود المشاركة بالعديد من الفعاليات الرائدة لنشر ثقافة لغة الإشارة الحية على الطريقة الأكاديمية ، بل يأمل في مزيد من الدعم والمساندة من قبل الجهات المعنية بذلك وبخاصة في ظل اهتمام ورعاية اللواء دكتور محمد سالمان الزملوط محافظ الوادى الجديد بكل ما يمس ويرتبط بحقوق وتعليم ودعم فئة الصم وضعاف السمع على أرض المحافظة ، مناشدا بدراسة إمكانية إنشاء مقر دائم تقدم فيه خدمات التوعية والترفيه لتلك الفئة بعينها كنواة وبداية لدمجهم مع ذويهم فى مختلف مجالات العمل.
وحول دور شركاء النجاح وأصحاب الفضل ، وجه أحمد عبدالرحمن ، الشكر والتقدير العميق ، معربا عن امتنانه الصادق لاستاذه الدكتور ماجد محمد عثمان عميد كلية تربية بنات بجامعة الأزهر على كل ما قدمه من دعم وجهود مخلصة على مدار سنوات التعليم والتدريب فضلا عن المتابعة والتحفيز والتواصل الدائم ، مؤكدا بأن نصائح استاذه لا تزال تهمس فى أعماق وجدانه وتنير الطريق أمامه ، والتى منها “إن عملك الدؤوب وإسهاماتك الرائعة تظل منارة للجميع”، مؤكدا أن فضل المعلم على متلقيه يظل نبراسا مضيئا مهما تناوبته الصعاب والتحديات يبقي صامداً وخير أنس ورفيق .
واختتم حديثه قائلا ، لقد أدرك استاذه الدكتور ماجد عثمان ، الدور الحيوي والضروري الذي تلعبه لغة الإشارة في تمكين الأفراد ذوي الإعاقة السمعية وتسهيل اندماجهم الكامل في المجتمع من خلال قيادته الحكيمة والرؤية المستقبلية، مشيرا إلى تبنيه مبادرات نوعية في تنظيم دورات وورش تدريبية داخل كلية تربية بنين وبنات بجامعة الأزهر، مما أتاح فرصاً عظيمة للطلاب والطالبات لتعلم لغة الإشارة والتفاعل معها بشكل فعال وحيوي ، ولا سيما فى ظل اهتمامه برفع الوعي المجتمعي: وتعزيز فهم ومعرفة أفراده بلغة الإشارة وأهمية استخدامها لتسهيل التواصل مع الصم وضعاف السمع.
وقالت إسراء دهب ، أحد مؤسسي مبادرة بيننا أصم ، ومترجم لغة إشارة معتمد ، أن هناك بعض الطرق التي نسعى من خلالها للوصول إلى الجميع منها تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية في لغة الإشارة بنظام الاوفلاين تضم جميع المحافظات المختلفة بهدف تداول اللغة وتعريف الأفراد بثقافة الصم وضعاف السمع ، مشيرة إلى توافر دبلومة لغة الإشارة الشاملة لإعداد مترجم ومدرب لغة معتمد علي مدار 5 شهور نظير رسوم رمزية ، يستطيع بعدها ترجمة عروض مسرحية وفنية حية بلغة الإشارة، كما حدث في محافظة أسيوط لأول مرة داخل الجامعة وللمرة الثانية داخل قصر ثقافة ببا بمحافظة بني سويف لنقل المسرح والفنون إلى جمهور أوسع.
أشارت دهب إلى نتائج المبادرة خلال مشاركتها بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم: بعرض ” أحداث لا تمت للواقع بصلة ” المترجم بلغة الإشارة علي مسرح قصر ثقافة روض الفرج لأول مرة ، من ايجابيات شكلت نقله نوعية في تمكين الأشخاص من فئة الصم وضعاف السمع للاستمتاع بالفنون المسرحية وفهم محتواها بشكل متساوي مع الجميع
، لافتة إلى أهمية المشاركة في الفعاليات العامة، كالمؤتمرات والندوات لتعريف الجمهور بالمبادرة وتشجيعهم على تعلم لغة الإشارة والمشاركة في أنشطتها.
تابعت أن مبادرة “بيننا أصم لتعلم لغة الإشارة ” تهدف إلي زيادة الوعي والتوعية بلغة الإشارة والتواصل مع الصم وضعاف السمع، من خلال بناء جسر تواصل بين الأفراد الصم والمجتمع بهدف تعليم لغة الإشارة، وتشجيع الناس علي استخدامها في حياتهم اليومية ، مؤكدة أهمية الاستخدام للسوشيال ميديا فى نشر محتوى تعليمي وترفيهي على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، بما في ذلك فيديوهات تعليمية وتوجيهية حول لغة الإشارة ، فضلاً عن تعزيز دمج الصم وجعلهم جزءًا لا يتجزأ من النسيج الإجتماعي ، إضافة إلى تأهيل افراد المجتمع وأسر الصم واصدقائهم والطلاب والخريجين ليتمكنوا من استخدام لغة الإشارة بكفاءة من خلال توفير الأدوات اللازمة للصم ليكونوا قادرين علي التواصل بحرية وسلاسة مع من حولهم.
أعربت دهب عن سعادتها بنجاح المبادرة ، مشيدة بجهود مؤسسيها ، والتى تمتد اواصرها لتصل إلى ألا يكون هناك مكان لا تصل إليه نتائجها في تحقيق التواصل الشامل بين أسر الصم واصدقائهم وتوفير الدعم اللازم لهم لتسهيل التواصل اليومي ، موجهة بأهمية نشر ثقافة لغة الإشارة إلى المدارس والجامعات لرفع وعي الطلاب وتعليمهم مبادئ لغة الإشارة بهدف تعزيز قدراتهم علي التواصل مع اصدقائهم الصم ، وكذلك تدريب الموظفين لخلق بيئات عمل شامله وقادرة علي استيعاب الصم بالقطاعات الحكومية والشركات لتصل إلى المجتمع بوجه عام .