سيناء.. وتحقيق الأمن بالتنمية:
لكل معركة هدف استراتيجي كبير تندرج ــ أو تتفرع منه ــ أهداف أخرى كثيرة ، وحرب أكتوبر لم تكن استثناء من تلك القاعدة المهمة ــ والبديهية ــ فالحديث عن العزة والكرامة والهيبة لاينسينا الهدف الأكبر والمتمثل في استعادة أراضينا المحتلة بالحرب وأيضاً بالتفاوض.
هذه حقيقة يجب ألا تغيب أو تتوه وسط الأهداف الكثيرة التي حققها انتصار أكتوبر المجيد، فالحرب وما قدمنا فيها من دماء خيرة أبناء الوطن، ومن بعدها مفاوضات شاقة للتسوية السلمية لم تكن تستهدف غير تحرير الأرض في المقام الأول، وبالتوازي تحققت تلقائياً باقي الأهداف المعنوية والعسكرية.
وقد تنبه الرئيس الراحل “أنور السادات” مبكراً لخطورة ترك سيناء دون تنمية فقد كانت هدفاً للمستعمرين على مر التاريخ، ووضع رؤية شاملة لتوطين الملايين بها إيماناً منه بأن زرعها بالبشر هو صمام الأمان وحائط الصد الأول في مواجهة أحلام ــ أو أوهام ــ المتربصين بنا وبوطننا.
ولأسباب عديدة أهملت الحكومات المتعاقبة مشروع “السادات”، قبل أن يعود للنور من جديد بعد مرور ما يزيد عن أربعة عقود على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يولي اهتماماً غير مسبوق بتنمية سيناء حيث تم انفاق مئات المليارات لاقامة مشروعات عملاقة تساعد على الهجرة العكسية من جميع المحافظات لنحقق المعادلة الصعبة بالتنمية والأمن في ذات الوقت.
المعركة في سيناء اتخذت في السنوات الأخيرة شكلاً جديداً ومبتكراً حيث تتم في محورين متوازيين الحملات الأمنية والعسكرية ومعها التنمية في ذات الوقت، فتحقيق الأمن عبر المشروعات التنموية كثيفة العمالة هو الإتجاه الأمثل لحماية أرض الفيروز من ناحية وتوفير فرص عمل لأبنائنا الشباب من ناحية أخرى.
ومن ثم يجب التوقف بإعجاب أمام ما يتم من مشروعات في تلك البقعة المباركة ومردودها الإقتصادي والأمني، فما يجري من تشييد بنية أساسية ومشروعات تنموية ضخمة بصورة غير مسبوقة سيعود علينا بالنفع في أكثر من اتجاة أهمها بالطبع أنه سينهي الأطماع فيها الى الأبد.
من أهم المشروعات فتح باب تملك الأراضي أمام المصريين من جميع المحافظات لاقتناء منزل وعشرة أفدنة بمشروعات سيناء التنموية، للإستفادة من تلك المساحات الشاسعة الصالحة للزراعة وستعود بالخيرعلى جميع أهالي المحروسة، فضلاً عن الإستفادة من رمالها في إنشاء مصانع للزجاج والأسمنت والرخام وغيرها بالاضافة الى المواد الخام وبعضها نادر ولايتواجد الا في مناطق محدودة من العالم.
مايجري الآن وعلى مدار سنوات في سيناء من تنمية غير مسبوقة سيضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهذه المشروعات الجاري تنفيذها أو المخطط العمل فيها مستقبلاً ستقضي على الارهاب بصورة نهائية بتجفيف منابعه والقضاء على البيئة الحاضنة للمتطرفين والتكفيريين .
كما أنها تساهم بقوة في زيادة الناتج القومي، والأهم أنها ستفتح أبواب الرزق لأبنائنا من مختلف المحافظات بدلاً من تركهم فريسة لجماعات وأطراف عديدة داخلية وخارجية تعيث في الأرض فساداً بالقتل والتخريب ونشر الشائعات المحبطة والمدمرة، سواء في سيناء أو غيرها.
أرض الفيروز كانت دائماً هدفاً للغزاة والإتجاه الآن الى تحقيق الأمن عبر التنمية واقامة المشروعات، بمثابة رؤية خلاقة ستغير شكل الحياة على تلك الأرض المباركة وتغلق الباب أمام أي هواجس شيطانية قد تراوض البعض في المستقبل.
أيمن عبد الجواد