نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة، تحت إشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، لقاءً، لتكريم اسم الكاتب والناقد المسرحي الراحل عبد الغني داود والاحتفاء بمسيرته الإبداعية، ضمن برنامج “عطر الأحباب”، بقصر ثقافة الجيزة، في إطار برامج وزارة الثقافة لإحياء التجارب الإبداعية لمبدعي مصر.
وبحضور أسرة الكاتب والناقد الراحل، عقد اللقاء الذي أداره الكاتب المسرحي ناصر العزبي، المخرج المسرحي د. عمرو دوارة، والكاتب أسامة عرابي، والناقد المسرحي أحمد هاشم، وشهد حضور الشاعر والباحث مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، الشاعر عبده الزراع مدير عام الثقافة العامة، كرم ربيع مدير عام ثقافة الجيزة، د.ربيع شكري رئيس نادي أدب الجيزة السابق، وكثير من المبدعين وتلاميذ ومحبي الراحل.
بدأ اللقاء بكلمة “العزبي” طرح خلالها أهم المحطات في مسيرة عبد الغني داود ابن محافظة دمياط، مؤكدا أنه يعد أحد أهم كتّاب المسرح والنقد في جيل السبعينيات، وحارس من حراس السينما المصرية، قبل أن يتجه للكتابة المسرحية ويحصد العديد من الجوائز.
وفي كلمته، شبه الشاعر مسعود شومان إبداعات داود بأنه من المبدعين الحدائق لتنوع وغزارة إنتاجه، ولم ينل حظه في الكشف عن مجمل إبداعاته التي تنوعت بين النقد والمسرح والترجمة وكتابة السيناريو فضلا عن اهتمامه بالجمع الميداني للسير خاصة السيرة الهلالية.
ورأى “شومان” أن المسرحي الراحل يمثل خطا مهما بمجال الكتابة المسرحية في استلهام المأثور الشعبي، مؤكدا أن عبد الغني داود يحتاج إلى الكثير من الدراسات حول مسرحه ومنجزه التوثيقي، واختتم حديثه مبديا استعداد الهيئة العامة لقصور الثقافة لنشر الأعمال الكاملة للراحل بعد دراسة أعماله وجمع ما لم ينشر منها، وتوثيق مسرحياته وإبداعاته المختلفة.
أما د. عمرو دوارة فتوجه بالشكر للقائمين على برنامج “عطر الأحباب” لتكريم اسم المبدع الراحل الذي شارك في العديد من المهرجانات وكان عضوا ثابتا في معظم الجمعيات الثقافية، وأعرب عن امتنانه للراحل في كثير من المواقف وذكر منها وصف داود له بـ حارس بوابة المسرح.
وعن أعماله، أشاد “دوارة” بكتاب “فن الأداء التمثيلي” الذي يقدم تحليلا متخصصا لأساليب أداء الكثير من النجوم الذين غابوا عن ذاكرتنا، من أداء طبيعي وكلاسيكي ومنهجي أكاديمي.
وعلى الصعيد الإنساني، أكد المخرج المسرحي أن داود كان دمث الخلق متواضعا يتميز بالسلاسة في تعاملاته، وصاحب حق في معاركه الأدبية، وفي ختام كلمته أكد على امتلاك داود لكل أدوات الناقد الحقيقي وأوصى بتجميع أعماله وإتاحتها كي يستفيد منها شباب الباحثين من دراسات المثقف الشامل الموسوعي عبد الغني داود، مطالبا قطاع الإنتاج بتقديم مسرحيات الراحل على مسارح الهيئة العامة لقصور الثقافة.
من جهته، تحدث الشاعر عبده الزراع مشيرا إلي أن داود كان من الوجوه النيرة في الحقل الثقافي، وكان له كبير الأثر في مجال التحكيم المسرحي لشرائح نوادي المسرح في شتى ربوع مصر، مشيرا لدوره الفاعل واهتمامه بمسرح الأقاليم ومبدعيه، لإيمانه بأن الأصل في الحفاظ على المسرح يأتي من الاهتمام بالمسرح الإقليمي وكتابه.
وبدوره ذكر الكاتب أسامة عرابي أن حياة عبد الغني داود فيها الكثير الذي يستحق أن يروى ويذكر، فقد خاض نضالا متصلا من أجل قضايا أمته ووطنه التي طالما انشغل بها، مع حرصه الدائم على التحذير من التقريرية وتجنب إقحام السياسة في الثقافة والفن، محتفظا بتصوره المختلف عن الواقع الفني والأدبي يحمل مزيجا من العمق والبساطة.
وأضاف أنه التحق بالمؤسسة العامة للسينما، وشغل منصب رئيس مكتب السيناريو بالمركز القومي للسينما، كما عمل مديرًا للأرشيف القومي بالمركز القومي للسينما، واهتم بالسير الشعبية واستلهم أعماله من أحداث القرية والموروث الشعبي كالسير الهلالية والأساطير القديمة وجعلها خلفية للأحداث الواقعية السياسية والاجتماعية، في إطار ما يسمى “مسرح المناقشة”.
وعن علاقته بالراحل، تناول الناقد المسرحي أحمد هاشم بعض المواقف التي جمعته بالراحل خلال فترة صداقاتهم التي امتدت لسنوات طويلة بدأت بمقال نقدي قاس حول مسرحية “دعوة من فوق المنبر” تقبله عبد الغني داود بصدر رحب بكل حب واحترام ورأى فيه نقد صادقا وحقيقيا، فكان متقبلا للنقد ولا يواكب المسير، متمسكا بوجهة نظره الخاصة.
وطرح “هاشم” عددا من الجوائز العربية والدولية التي حصل عليها عبد الغني داود، أهمها جائزة “أبو القاسم الشابي” من تونس، بجانب عدة تكريمات كان آخرها من قِبل الهيئة العامة لقصور الثقافة في مهرجان “مسرح الهواة” في دورته 19 في سبتمبر 2023.
أما كرم ربيع، فقد أعرب عن سعادته باستضافة هذا اللقاء الذي يضم كوكبة من الأدباء والنقاد ورموز الثقافة المصرية، مستعرضا بعض من مؤلفات داود منها: من أجندة السينما المصرية، مدارس الأداء التمثيلي في تاريخ السينما المصرية، القاهرة في السينما التسجيلية، بيرم التونسي قيثارة الفن، المسرح الإقليمي.. مسرح المستقبل.
واختتم اللقاء بشهادات تلاميذ الراحل ومنهم المخرج عادل بركات والباحث أحمد خليفة اللذان عرضا عددا من مواقفه الداعمة والمساندة لهم في بدايات مشوارهم الأدبي والفني، واختتم اللقاء بتكريم اسم الراحل وإهداء أبنائه شهادة تقدير ودرع الهيئة العامة لقصور الثقافة.
برنامج “عطر الأحباب” أطلقته الإدارة المركزية للشئون الثقافية، بهدف إحياء ذكرى الراحلين من خلال تناول سيرهم الذاتية وإبداعهم الأدبي، وينفذ بإشراف الإدارة العامة للثقافة العامة، ويقام اللقاء بالتعاون مع إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، برئاسة لاميس الشرنوبي، وفرع ثقافة الجيزة.