دقت أجراس مشاعري احتجاجا علي كلمات تندب حروفا كنت اظنها صادقة ، وظللت امشي بين الحقول حتي اخذت قطعان الماشية تعود إلي حظائرها حتي مد الظلام رواقه الأسود علي ظلال الطبيعة المنبسطة وظننت أنها نامت كما تنام عيوني ، وساد السكون الرهيب ، لا اسمع إلا صوت البلبل يشكر للقمر ما أهدي إلي جناحيه من أشعة متلألئة، يا له من ليل طويل انهكني تحت ظلاله الضخمة اليابسة ورغم ذلك اختباءت بين احضانها المنهكة مستسلمة، لا أشعر بنسمات الصباح الباردة ولا تغريد الطيور الصادحة، ولا صياح الديك وكأنني مت قبل هذا .
واطلت الشمس من مخدها وقلبي كالكتاب المغلق الذي يتألم ولا يتكلم ، تسيل دمائه بين حروف صفحاته حتي تعانقت وتشابكت كالشعر الذي يوصف ويصور ، كالنغمة الموسيقة والروح السارية فيها .
ايها العظماء رب يد لو اتيح لها الحظ في حياتها لكانت يد البطل الذي يزرع التيجان أو يد الشاعر الذي يثير الأشجان ويبعث في إلي القلوب السرور والأحلام .
أه يا قلبي المتعب إلي من اتحدث ؟
كم من لؤلؤة لم تعثر يد الغواصين عليها فظلت دفينة بين صدفتيها، وكم من زهرة لم تكد تري النور حتي هبت عليها رياح الصحراء المحرقة فأذبلتها، وكم من ماسة لم تقدر فأنطفأت شعلتها.
عزيزي القارئ كل ما أطمع إليه في هذه الحياة البائسة ليس تمثالا يقام لي ، ولا صفحة من صفحات التاريخ تخلد أعمالي، إنما اطلب الحب والمودة والسلام