هدى: العناية الإلهية أنقذت طفلتي “قمر” من الموت المحقق.. والنمل الأبيض يقتات على بقايا المنزل
الأم: لايغمض لى جفن ليلا أو نهارا.. ولا نشعر بالأمان في بيت الأحزان
والدتها تناشد المحافظ النظر للأسرة بعين الرأفة وتشكيل لجنة لانقاذها
الوادى الجديد _ عماد الجبالى
بين لحظة وأخرى قد تلفظ انفاسها الأخيرة ، أو تسقط فريسة سهلة بين انياب الطبيعة ، تكالبت عليها الأيام وخذلتها مرؤة الفرسان حتى أصبحت فى منأى بلا مأوى تعانى مرارة الخذلان.. لتتجسد اسمي معانى الرحمة والحكمة فى مشهد شبه يومى متكرر تقف فيه العناية الالهية حائلا بين لدغات العقارب المتدلية من سقف مهلهل وهذا الملاك الصغير النائم على فراش الفقر المدقع .
مآساة انسانية يدمى لها الجببن ، ومعاناة أشد ألما من سجن الجحيم ، حيث تعيش أسرة ” هدى” وطفلتها الرضيعة “قمر” وبرفقتهم والدتها البالغة من العمر ٨٠ عام فى منزل قديم متهالك وسقف تسكنه العقارب ، وجدران تحولت الى انفاق وملاذ تأوى إليها أسراب الحشرات والفئران ، فلا صوت يسمع سوى أنين الليل الحزين ولا قلب يحنو بالعطف على تلك الارواح البائسة فى عزبة البرابخ بقرية أولاد عبدالله التابعة لمركز بلاط حيث تتجدد الهموم والأحزان ممزوجة بدموع الحسرة وصرخات الإستغاثة تنشد العون ومد يد المساعدة قبل فوات الاوان.
” المساء” ترصد معاناة اسرة فقيرة مكونة من ٣ أفراد تعولها سيدة تدعي هدى ربة منزل وابنتها قمر ٣ سنوات ووالدتها طريحة الفراش والتى تعيش فى منزل آيل للسقوط تتقاسمه مع اشقائها وشقيقاتها لوالدهم المتوفي منذ سنوات ، فكانت عزبة البرابخ مأوى يحتضن بضع منازل متناثرة، حيث الخيارات محدودة وفرص الرزق نادرة، لتصبح الحياة اليومية معركة لكسب قوت اليوم وتوفير الغذاء بينما تكافح هذه الأسر للبقاء ، لا تملك إلا أن تواجه التحديات التي تضعها الظروف القاسية في طريقها.
تقول هدى على ادريس ، ٣٦ عام خريج دبلوم فنى بمركز بلاط ، أنه ومنذ وفاة والدها ، وانفصالها عن زوجها تحولت حياتها إلى معاناة تفاقمت بمرور الوقت حتى بلغت ذروة المآساة وبخاصة بعد تعرض والدتها لوعكة صحية مزمنة فى منزل غير آمن وحياة غير آدمية ، مضيفة بانها تعول طفلتها الصغيرة قمر البالغة من العمر 3 سنوات ووالدتها المسنة صاحبة ال ٨٠ عام تعانى من أمراض السكر والضغط وانزلاق غضروفي ولا تغادر الفراش إلا للضرورة.
لفتت إدريس إلى أنه بالرغم من حصول أسرتها على إعانة شهرية تقدر ب ٩٠٠ جنيه من بيت الزكاة ومبلغ ٤٠٠ جنيه نفقة من زوجها السابق، إلا أن هذا الدخل غير كافٍ لتوفير بيئة معيشية آمنة ومستقرة ، مشيرة إلى تمنكها بعد رحلة عذاب وانتقالات بين مكاتب المسئولين على رخصة لكشك حلوى في محاولة لتحسين دخلها، كما تم دعمها ببعض المواد لبناء الكشك من قبل الوحدة المحلية لقري اولاد عبدالله ، لكن الظروف ما زالت غير مواتية ولا فائض يتبقي ، فضلا عن متطلبات الحياة المعيشية والتى هى في تزايد مستمر بلغ حد خلو المنزل من أبسط الأمور مثل الطعام ونعمة الأمان.
كشفت والدة قمر عن حجم المعاناة وظروف الحياة الصعبة التى تمر بها الاسرة منذ قدوم نجلتها ومرض والدتها بالضغط والسكر وتآكل المفاصل ، مشيرة إلى أن حياة ابنتها قمر في خطر وذلك لكثرة الهجمات التي تتعرض لها من قبل العقارب المتدلية من فتحات السقف العلوية وكذلك الفئران والحشرات وضرواة النمل الأبيض الذي يتغذى على أخشاب المنزل المتهالك إلا أن عنابة الله وحدها تحول دون ذلك ، مضيفة بأن المنزل لم يعد صالحا للسكن بل تزداد حالته سوءا وقد أصبح وجبة يومية تقتات عليه حشرة الأرضية (النمل الأبيض)، مما يزيد من خطورة الإقامة وسلامة قاطنيه وعدم وجود صيانة مستمرة ليصبح الوضع أسوأ مما كان عليه.
تابعت أن فقدان الأب أثر بشكل كبير على استقرار الأسرة، حيث كان يمثل الدعامة الرئيسية لها. مع عدم وجود دعم مادي كافٍ وعدم القدرة على إصلاح المنزل، مؤكدة أن أفراد عائلتها تعاني من خطر الانهيار ومن التهديدات الصحية الناتجة عن الآفات ، واردفت دخل الأسرة المتواضع، الذي لا يتجاوز ٢٠٠٠ جنيه شهريًا، لا يكفي لتغطية احتياجات الحياة الأساسية، مما جعل الأسرة تواجه ظروفًا صعبة للغاية لا تكفي تغطية المصاريف اليومية من غذاء ودواء، وتوفير مايلزم من إصلاحات في المنزل الذي يهدد حياتهم، بالإضافة إلى رعاية الأم المريضة.
وذكرت والدة هدى وتدعي زينب سيد حسن مسنة طريحة الفراش أن ابنتها تعاني ليس فقط من الفقر المدقع والظروف المعيشية السيئة، بل أيضًا من الإهمال والنسيان من قبل أصحاب القرار ، مشيرة إلى تقدم نجلتها بشكوى رسمية عدة مرات، تطلب فيها تشكيل لجنة فنية لمعاينة منزلها المتهالك، لكن لم تتلق أي استجابة جدية. الأسوأ من ذلك، أنها تفاجأت بوصول إخطار يفيد بأن الوحدة المحلية قامت بترميم المنزل ورفع كفاءته، وهو ما لم يحدث بالفعل.
أوضحت صاحبة ال٨٠ عام أن الاخطار الذى تسلموه عن طريق مكتب بريد مركز بلاط أفاد أن الوحدة المحلية لقري اولاد عبدالله قامت بإرسال لجنة معاينة لمنزلهم علي الطبيعة وتم العمل علي المساعدة من حيث صرف المستلزمات اللازمة لترميم الاسقف المتهالكة بالمنزل لحين إنشاء وحدات سكنية للحالات الاولي بالرعاية بمركز بلاط ، مؤكدة أن هذا الامر لم يحدث على الإطلاق ولم يتم ترميم المنزل من قبل ، لافتة بأن هذا االتصرف يزيد من معاناة ابنتها وطفلتها ويعمق شعورها بالعجز والإحباط، حيث لا ترى أي حل حقيقي لمشكلتها، بل تواجه تزييفًا للواقع دون معالجة للوضع الخطير الذي تعيشه .
وتابعت أن هذه الواقعة تعكس حالة من الإهمال والتجاهل لمشاكل الأسر المحتاجة، ما يتركهم عالقين في دوامة الفقر والخطر دون أي مساعدة فعلية ، مؤكدة أن ابنتها تعيش في عزلة تامة عن المجتمع وتشعر بالإهمال الشديد من قبل الجهات المعنية ، وأن مطالبها ليست مطالب رفاهية، بل هي حقوق أساسية مشروعة لكل إنسان: مسكن آمن، بيئة معيشية صحية، وحياة كريمة لها ولطفلتها ومع ذلك، تجد نفسها مهمشة وغير مرئية، مما يعمق إحساسها بالعزلة عن المجتمع، وكأنها تُركت لتواجه مصيرها وحدها.
وكشف بعض المقربين لأسرة هدى ، أنه خلال السنوات السابقة تحملت تلك الأسرة أشد المعاناة ولطمات الحياة فى ظل تردى احوااهم المعيشية وتعرضهم لمواقف صعبة وأخرى تئن لها الإنسانية ،مناشدين المحافظ بضرورة التدخل العاجل لرفع المعاناة عن أسرتها الصغيرة التي تعاني من ظروف قاسية تهدد حياتهم اليومية ، بدءاً من الطفلة التى تعيش في خطر مستمر بسبب هجمات العقارب المتكررة وانتشار الفئران في منزلهم المتهالك، الذي يكاد يسقط فوق رؤوسهم وانتهاء إلى والدتها المريضة والتى تحتاج إلى الرعاية الطبية وحياة هادئة فيما يتبقي من عمرها.
وبدورها وجهت هدى استغاثة عاجلة إلى اللواء د محمد سالمان الزملوط محافظ الوادى الجديد تناشده بتشكيل لجنة إنسانية تراعي حقوق اسرتها من أجل حياة كريمة وآمنة تحفظ ادميتهم ، وأن يتخذ قرارًا عاجلاً إما بتوفير وحدة سكنية آمنة أو بترميم منزلهم الحالي الذي أصبح غير صالح للسكن ، كما تأمل في الحصول على دعم لبناء الكشك الذي حصلت على رخصته، حيث لا تستطيع تحمل تكاليف البناء بمفردها، مما سيتيح لها فرصة لتحسين وضعها المالي وتأمين حياة أفضل لأسرتها.