يحل يوم التاسع من شهر سبتمبر من كل عام وسط احتفالات ملايين المصريين من الدلتا إلى الصعيد بوداى النيل حتى أقاصي الجنوب مروراً بالوادى الجديد بالذكرى السنوية التى توافق مرور 72عام على ثورة 23 يوليو 1952 وصدور قوانين الإصلاح الزراعى وبناء جسر التواصل مع المواطنين ، لتجنى بذلك ثمار سنوات من العمل والبناء بدعم وتأييد رئيس البلاد.
يأتى الاحتفال بعيد الفلاح تزامنا مع قرب افتتاح موسم جنى ثمار محصول القطن”الذهب الأبيض” أحد المحاصيل الاستراتيجية الهامة في الاقتصاد المصري، والذى ارتبط اسمه بتاريخ طويل من الزراعة والصناعة والتجارة على مدار عقود وسنوات شهدت مصر فيها اهتمامًا كبيرًا بزراعته منذ العصور القديمة.
وفي خطوة هامة نحو تعزيز إنتاج القطن صنف جيزة ٩٨ ، شهدت مناطق متفرقة في محافظة الوادي الجديد، مثل باريس والفرافرة، نجاحًا ملحوظًا في تجربة زراعة صنف “جيزة 98” من القطن طويل التيلة والذي يعد من الأنواع المحسنة حديثًا، بعد ان أثبت قدرته على التكيف مع الظروف المناخية الصعبة في هذه المناطق، حيث ترتفع درجات الحرارة وتنخفض معدلات الأمطار.
“المساء” ترصد نتاتج تجربة زراعة أول محصول للقطن صنف جيزة 98 على مساحة 2083 فدان و12 قيراط من الأراضي المستغلة لهذا الشأن بمحافظة الوادى الجديد ، والتى تم توزيعها لتشمل 30 فدانًا في مركز باريس، و12 قيراطًا بمركز بلاط، بالاضافة إلى 53 فدانًا بزمام واحة الفرافرة، فضلا عن التوسع باستثمار مساحة 2000 فدان في منطقة العوينات ضمن إطار الجهود الحكومية لتوسيع الرقعة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية.
أكد الدكتور مجد المرسي ، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الوادى الجديد على نجاح تجربة زراعة القطن جيزة 98 بفضل التعاون المثمر بين الجهات المعنية وذات الاختصاص بالتنسيق بين مديرية الزراعة ومركز البحوث ، مشيراً إلى متابعة مراحل الإنتاج ومواصلة أعمال الفرق الإرشادية الريفية التابعة لمركز البحوث الزراعية بتنظيم فعاليات وأنشطة مستمرة للوقوف على جودة المحصول وتقديم الإرشادات اللازمة للمزارعين من خلال عقد الندوات ودورات الإرشاد والمدارس الحقلية للرفع من كفاءة المزارعين، وتقديم برامج المكافحة المناسبة وفقًا للتوصيات العلمية الحديثة.
كشف وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الوادي الجديد في تصريحات خاصة ، بأن هذه التجربة الناجحة تعد خطوة هامة نحو تعزيز الأمن الغذائي في مصر ، مؤكدا على أهمية الدور الذي يلعبه التعاون بين الجهات المختلفة لضمان نجاح مثل هذه المشروعات ، لافتاً إلى مواصلة بذل الجهد ومتابعة مستوى الإنتاج بحقول القطن التابعة لمركزى باريس والفرافرة والمناطق المجاورة لهما، والتي تم زراعتها بمحصول القطن صنف جيزه ٩٨، مؤكدا أن الحقول خالية من الحشائش والإصابات المرضية والحشرية، وأطوال النباتات تتراوح بين ٥٠: ٩٠ سنتيمتر، وهذا التباين يرجع إلى ترقيع بعض الجور وبعدد أفرع ثمرية يتراوح بين ١٠ : ١٣ فرعا ثمريا أولها على العقدة الثمرية السادسة ، مشيدا بالتزام المزارعين فى تطبيق عمليات الخف والعزيق والتسميد والري المنتظم منذ بدء الزراعة.
أوضح المهندس عمر بحر ، مدير إدارة المكافحة بمديرية الزراعة ، أن الالتزام ببرنامج المكافحة يأتى وفقا للتوصيات العلمية وتوعية المزارعين بضرورة اتباع الممارسات الزراعية في هذة الفترة وخاصة مع زيادة درجات الحرارة بالمنطقة وتقليل فترات الرى والاهتمام برش البوتاسيوم والمكافحة، بجانب استمرار انشطة وفاعليات الفرق الإرشادية الريفية التي ينظمها مركز البحوث الزراعية بالتعاون مع قطاع الإرشاد الزراعي ومديرية الزراعة بالمحافظة في ظل التوسع في زراعة المحاصيل الصيفية وخاصة القطن والذرة وتوفير عدد كبير من الحقول الإرشادية ، لافتاً إلى مواصلة تقديم الدعم الفني والإرشادي لضمان تحقيق أعلى إنتاجية ممكنة من محصول القطن.
وحول خطة العمل وتبنى البحوث الزراعية دعم المشروع وتوفير الإمكانيات اللازمة للمزارعين ، أكد الدكتور سامي سعد بدر رئيس بحوث بقسم التقييم الإقليمي لاصناف القطن بمعهد بحوث القطن التابع لمركز البحوث الزراعية ، أن القرار الوزاري رقم 89 لسنة 2024، هو الذي يحدد مناطق زراعة القطن واختيار الأنسب منها طبقا لنتائج التقييم الإقليمي والتراكيب الوراثية ، وعوامل المناخ والتربة والمياه ، ومن بين هذه المناطق المخصصة لزراعة صنف جيزة 98، تأتي محافظات الوادي الجديد، سوهاج ، والتى تُعتبر بمثابة أحد المصادر الرئيسية لإنتاج الاقطان والتقاوي المختارة لموسم الصيف القادم لعام 2025.
وأوضح بدر ، أنه منذ بداية العملية الزراعية لمحصول القطن بمحافظة الوادى الجديد وهو يتابع بشكل دوري على مدار الموسم، بدءًا من تجهيز الأرض للزراعة وحتى مرحلة الجنى ، مشيرا إلى ان الحالة العامة لنمو النباتات جيدة ، حيث تجرى المتابعة وتوفير الاسمدة والمبيدات اللازمة بمعرفة مديرية الزراعة، فضلا عن تنفيذ الحملات القومية والبرامج الإرشادية ، وإقامة الحقول والمدارس الحقلية.
وتابع أن صنف “جيزة 98” يمثل أحد السلالات الجديدة التي أدرجتها وزارة الزراعة على الخريطة الصنفية للمرة الأولى بدءًا من موسم 2023 الماضي ، مؤكدًا أنه أحد الأصناف الواعدة مبكرة النضج، التي لا تتجاوز فترة مكوثه المحصولي بالتربة حدود الـ160 يومًا على أقصى تقدير ، لافتا إلى كونه واحدا من الأصناف الموفرة للمياه ، ومقاوم لارتفاع درجات الحرارة والانعكاسات السلبية الناجمة عن انحرافات الطقس، حيث يتحمل ارتفاع الحرارة حتى 55 درجة مئوية.
أعرب رئيس بحوث التقييم الإقليمي للقطن ، عن تقديره البالغ للتعاون المثمر بين البحوث ومديرية الزراعة على مدار موسمين متتاليين والذى يمضي بالتجربة إلى معدلات نجاح غير مسبوقة وزيادة فى الإنتاجية بشكل ملحوظ مقارنة بالأصناف الأخرى، الأمر الذي يساهم فى تحفيز عدد كبير من المزراعين على خوض التجربة بمناطق أخرى جديدة على أرض المحافظة ، داعيا ابناء المحافظة واصحاب المزارع الايمان باهمية تلك الخطوة الرائدة نحو تعزيز زراعة القطن طويل التيلة ، وبخاصة بعد نجاح تجربة صنف “جيزة 98” فى مناطق متفرقة مثل باريس والفرافرة ، والعوينات قريبا.
وقال الدكتور صلاح جميل مدير المحطة الإقليمية للبحوث الزراعية ، أن الاشهر القليلة الماضية شهدت تنفيذ العديد من الندوات الارشادية لمحصول القطن صنف جيزه ٩٨ ضمن القوافل الارشادية التي يقوم بتنفيذها معهد بحوث القطن في المحافظات المختلفة ومنها الوادى الجديد ، والذى يعتبر باكورة الأصناف المصرية القادرة على تحمل التغيرات المناخية ، مشيراً إلى تمتعه بقدرة محصولية تصل إلى حوالى 10 قنطار للفدان، علاوة على أن المساحة المنزرعة من الصنف جيزة 98 بمحافظة الوادى الجديد تتخطى ٢٠٠٠ فدان تتمركز عالبيتها بمنطقة شرق العوينات.
أكد أحمد عبدالعاطى، نقيب العماليين بالمحافظة ، أن مسيرة التنمية الزراعية في المحافظة تشهد تطورًا كبيرًا وتوسعًا غير مسبوق، وذلك بفضل الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة المصرية لهذا القطاع الحيوي ،وأشادوا بالمتابعة المستمرة والدعم المتواصل لمناخ الاستثمار الزراعي من قبل اللواء د.محمد سالمان الزملوط، محافظ الوادي الجديد، الذي يعمل جاهدًا على تعزيز المشاريع الزراعية وتوفير البنية التحتية اللازمة للنهوض بالإنتاج ، مثمنين نتائج هذه الجهود والتى تسهم في تحسين مستويات الإنتاج الزراعي، مما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المحلي والقومي.
بعث أهالي الوادي الجديد برسائل تهنئة إلى رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال بعيد الفلاح ال72 فى إشارة منهم إلى بالغ تقديرهم وعظيم امتنانهم لجهوده الدائمة في دعم الفلاحين وحرصه الشديد على الحضور والمشاركة في المناسبات الوطنية والزراعية، مما يسهم في إدخال الفرحة والطمأنينة على قلوب الفلاحين ويعزز من روح الانتماء لديهم ، مجددين العهد والوفاء وثقتهم المطلقة في استمرار دعم القيادة السياسية لقطاع الزراعة وتطويره لتحقيق المزيد من التقدم والرخاء.
يأمل مزارعى الواحات أن تشهد السنوات القادمة تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف مجالات الإنتاج الغذائي، من خلال تطوير التقنيات الزراعية وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي ، ويطمحون إلى تحسين إنتاجية المحاصيل الرئيسية مثل الحبوب والخضروات والفواكه، بالإضافة إلى تعزيز قطاعات الثروة الحيوانية والسمكية ، مؤكدين أن تحقيق الاكتفاء الذاتي سيسهم في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يعزز من استقرار الاقتصاد الوطني ويحقق تنمية مستدامة تسهم في تحسين معيشة المواطنين.