بقلم ✍️ د. محمد فضل الله
(المستشار الإستراتيجي والقانوني الرياضي الدولي والخبير في دراسات وتقارير مستقبل الرياضة)
»»
تُعتبر الرياضة نشاطا اجتماعيا وتنافسياً هاما يُسهم فى تعزيز قدرات الأفراد البدنية والذهنية، حيث تلعب الرياضة دوراً كبيرًا في تشكيل المُجتمعات وتقوية العلاقات بين الأفراد ، ومع تنوع الرياضات وتعدد أنواعها، تبرز أهمية تحديد القواعد القانونية التي تنظم المجال الرياضى ، من حيث حماية الحقوق وضمان العدالة بين الرياضيين ، الفرق الرياضية ، والمنظمات الرياضية ، ومن هنا يأتي دور الولاية القانونية التي تمثل النظام القانوني الذي يَحكم الأنشطة الرياضية ويُحدد القواعد واللوائح التي يجب أن يتبعها جميع المُنتسبين فى القطاع الرياضى .
فالولاية القانونية في الرياضة تُشير إلى مجموعة القوانين واللوائح التي تنظم النشاطات الرياضية وتُحدد حقوق وواجبات الأطراف المختلفة ، بما في ذلك الرياضيين ، المُدربين، الأندية، الجهات المُنظمة، والجماهير. حيث تختلف القوانين الرياضية من دولة إلى أخرى ، تلك القوانين التى يجب أن يَتم صياغتها وفق المبادئ والقوانين الدولية والتى يجب أن تلتزم بها الدول، بما يُحقق التوازن فى الصياغة النصية بين السيادة الوطنية للدول وسلطة وقواعد المُنظمات الرياضية الدولية ، وبالرغم من أن الألعاب الرياضية جميعُها بدأت بفكرة وطبيعة ممارسة اللعبة الرياضية ، ثم جائت بعد ذلك مرحلة وضع القوانين واللوائح المُنظمة لتلك الألعاب الرياضية ، والتى تتطورت بصورة مّذهلة فيما بعد مع مرور الزمن ، هذا الأمر يؤكد على أن فلسفة الولاية القانونية تُعد أمراً لاحقاً على فكرة الممارسة الرياضية ، مما يُعزز فكرة دور التنظيمى للولاية القانونية فى الممارسة الرياضية ، ولذك فأن الولاية القانونية تستهدف الآتى :-
1- حماية اللاعبين : حيث تُعد حماية الرياضيين من المخاطر المُحتمل أن يتعرضون لها أثناء المارسة الرياضية واحداً من أهداف الولاية القانونية ، والتى تطرق أيضاً إلى حماية حقوق الرياضيين على مستوى العقود، الرواتب، والانتقالات بين الأندية. كما أنها تضمن حماية صحة اللاعبين من خلال فرض قواعد السلامة الطبية ومنع استخدام المنشطات.
2- ضمان النزاهة في المنافسات : حيث تستهدف الولاية القانونية أيضاً وضع القوانين التى تعمل على ضمان عدالة المنافسات ومنع الغش، سواء كان ذلك عن طريق تعاطي المنشطات أو التلاعب بنتائج المباريات .
3- . تنظيم العلاقة بين الأطراف المختلفة : حيث تُحدد الولاية القانونية كيفية تنظيم العلاقة بين الأندية، الرياضيين ، الاتحادات الرياضية، والرعاة، لضمان حقوق كل طرف.
4- التعامل مع النزاعات : حيث تستهدف الولاية القانونية من خلال أنظمة التحكيم الرياضي والمحاكم الرياضية حل النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف المختلفة فى منظومة العمل الرياضى .
وعليه ووفقاً لمستهدفات الولاية القانونية فى الرياضة السالفُ ذكرها ، تَكمُن التحديات المُستقبلية ” الكُبرى ” التى تواجه الولاية القانونية فى الرياضة والتى منها :-
1- المنشطات : حيث تُعد المنشطات واحدة من أكثر تحديات الولاية القانونية التي تواجه الرياضة فى العالم ، حيث تتطلب قوانين الرياضة الحديثة نظاماً صارماً لمكافحة المنشطات وإجراءات صارمة لضمان عدالة المنافسة الرياضية .
2- التلاعب بنتائج المباريات : يعتبر التلاعب بنتائج المباريات تحدياً كبيراً للولاية القانونية في الرياضات العالمية ، حيث هناك حاجة مُلحة لإجراءات قانونية قوية للكشف عن هذه الممارسات ومحاسبة المتورطين فيها .
3- حقوق الملكية الفكرية والبث : في ظل العالم الرياضى الرقمى والتطور المُذهل فى التكنولوجيا الحديثة، يَبرز موضوع حقوق البث التلفزيوني وحقوق استخدام الصور والعلامات التجارية للأندية والرياضيين كأحد القضايا الشائك، التى تُمثل تحدياً كبيراً للولاية القانونية .
4- العقود الرياضية : يواجه اللاعبون والمدربون والأندية عدد كبير من القضايا القانونية التى تتعلق بصياغة العقود، فسخ العقود، شروط الانتقال، وتعويضات فسخ العقود ، وحريه حركة إنتقالات اللاعبين ، ومشروعية المنافسة العادلة ، والاطروحات القانونية المُتشابكة والمعقدة فى هذا المجال تمثل واحداً من أكبر التحديات التى تواجه الولاية القانونية .
*** ختاماً :- يجب أن نؤكد على أن العلاقة بين الرياضة والولاية القانونية هي علاقة تكاملية تهدف إلى تحقيق العدالة وحماية حقوق جميع الأطراف ، ومع تزايد انتشار الرياضة في العالم وزيادة الاستثمارات فيها، يُصبح من الضروري تَطوير الأنظمة القانونية بإستمرار لتواكب التحديات الجديدة ، وتحافظ على نزاهة الرياضة وأخلاقياتها.