لست ناقداً فنياً ولا سينمائياً ومن ثم لن أخوض في فيلم “ريش” من هذه الزاوية، ولكنني وجدت نفسي مدفوعاً بالبحث عنه ومشاهدته مثل الملايين غيري بعد الهجوم الضاري عليه واتهام صناعه بالإساءة الى مصر، خاصة وأن تلك الإتهامات صادرة من فنانين كبار لهم شهرتهم وإسمهم وتاريخهم لذلك ابعدت فكرة “النفسنة” من حساباتي تماماً!!!
فجأة ودون سابق انذار انطلقت السهام تجاه صناع الفيلم بتهمة غريبة ومطاطة اسمها الإساءة الى الدولة رغم تكريمهم من الدولة ذات نفسها ممثلة في وزيرة الثقافة باعتبارهم حققوا انجازاً كبيراً بالحصول على جائزة كبرى من مهرجان كان السينمائي ويستحقون الدعم والمساندة وهو ماحدث في حينه دون أي مزايدات.
وبعد مشاهدتي للفيلم خرجت بعدة ملاحظات أو أسئلة أظنها مشروعة ومنطقية وتستحق الرد ممن تطوعوا بالهجوم لأسباب غير معلومة أو واضحة وان كانت كلها تستتر خلف عنوان كبير اسمه “الإساءة لمصر”، والحقيقة أن كلامهم هو الذي يسيء لبلد كبير لديه تاريخ فني عريق ويطلقون عليه هوليود الشرق !!
سؤالي الأول: لماذا الهجوم الآن والفيلم حاصل على الجائزة الكبرى من المهرجان الفرنسي الدولي منذ عدة أشهر وتم تكريم صناعه في الثالث من أغسطس الماضي من د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة ، وهل للأمر علاقة بالتغطية على مهرجان الجونة بعد الضجة التي أثيرت حوله وماشهده ــ على غير العادة ــ من انتقادات بسبب ملابس الفنانين والفنانات؟!..ومن المثير والغريب أن الفيلم حصل في النهاية على جائزة أفضل فيلم عربي بمهرجان الجونة!!
ثانياً: هل يعيب وزارة الثقافة أو ينتقص من وطنيتها أنها ساندت ودعمت فيلماً حصل على جائزة النقاد من “كان” لأول مرة في تاريخنا، واذا لم تكن قد فعلت، فما هي نوعية الأفلام التي تستحق التكريم والإحتفاء؟!
ثالثاً: هل انتقاد الفيلم بهذه الصورة له علاقة فعلاً بالإساءة لبلدنا أم أن هناك أسباباً خفية تختلف من منتقد الى آخر وكل يغني على ليلاه؟ّ!، وهل يمثل الفقر إهانة لأحد شخصاً كان أو دولة؟!
واذا كان الفقر جريمة أو “عورة” من وجهة نظر هؤلاء ويجب سترها، فلماذا تعمل الدولة ــ وتفخر ــ بدعمها للفقراء والمحتاجين عبر العديد من برامج الحماية الإجتماعية، سواء بالتوسع في مظلة معاش التضامن أو تطوير العشوائيات لتوفير مسكن آدمي لسكانها، وأخير مشروع تطوير القرية المصرية الذي يستهدف توفير حياة كريمة لأهالينا في الريف؟ّ!
رابعاً: يتردد أن هناك نواباً بالبرلمان ينوون التقدم باستجواب لوزيرة الثقافة وربما المطالبة بمنع عرض الفيلم، بينما كان الأحرى بهم ــ إن صح الأمر ــ أن تأخذهم هذه الحمية تجاه مهرجان الجونة نفسه، بعد الإنتقادات الكثيرة التي طالته من مختلف الفئات والطبقات، مع إيماننا وتأكيدنا على أن مصر أكبر من أن يسيء إليها فيلم أو مهرجان.
القصة في اعتقادي مجرد هوجة انطلقت من مهرجان الجونة لسبب في نفس يعقوب، وستهدأ وحدها والخاسرون هم من ركبوا موجة الهجوم فقد كشفهم الجمهور بعد أن كان يتعامل معهم على أنهم كبار، بينما حقق الفيلم دعاية لاتقدر بثمن نتيجة الهجوم المتواصل وزيادة أعداد من اهتموا بمشاهدته، ليكون التقدير من الجمهور أيضاً بعد الحصول على الجائزة الدولية.
تغريدة:
نحن الآن في معركة فاصلة ضد “كورونا” بعد أن قطعنا شوطاً طويلاً في مكافحة الفيروس اللعين سواء بتخصص ميزانية ضخمة جداً لتجهيز مستشفيات العزل أو بتوفير كميات كبيرة من اللقاح وتصنيعه محلياً، وهذا أمر يستدعي البناء عليه والإلتزام بالإجراءات الإحترازية بصورة أشد حتى نتخلص من الكابوس نهائياً بدلاً من العودة الى نقطة الصفر لاقدر الله.
أيمن عبد الجواد