في إطار الجهود الرامية إلى ترسيخ مفاهيم الدولة المدنية الحديثة وتعزيز بناء الإنسان، اختتم منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية مؤتمره السنوي تحت عنوان “الإنسان في الدولة المدنية الحديثة”، الذي عُقد يومي 25 و26 نوفمبر 2024. جاء المؤتمر برعاية الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، وشهد مشاركة نخبة من القيادات الدينية والثقافية والإعلامية، من بينهم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الذي ألقى كلمة افتتاحية أكد فيها أن ثقافة الحياة والإحياء هي جوهر بناء الإنسان في مجتمعاتنا.
ناقش المؤتمر مفهوم بناء الإنسان باعتباره أساسًا للدولة المدنية الحديثة، حيث أكد المشاركون أن عملية البناء تتطلب تضافر جهود مؤسسات الدولة كافة، من سياسية واقتصادية وتعليمية وثقافية ودينية وإعلامية. وركزت المناقشات على أن بناء الإنسان لا يقتصر على تطوير وعيه وتعزيز قيم المواطنة والعيش المشترك، بل يشمل أيضًا تحسين مختلف جوانب حياته، بما في ذلك الصحة والتعليم والاقتصاد والثقافة، مع إيلاء اهتمام خاص بفئة الشباب وذوي الإعاقة.
من أبرز ما تم تناوله في المؤتمر أهمية تعزيز المبادرات الوطنية الكبرى مثل “بداية جديدة” و”حياة كريمة”، التي تمثل نماذج حية لتضافر الجهود الوطنية في بناء الإنسان. دعا المشاركون إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يشارك فيه جميع أفراد المجتمع، قائم على قيم المواطنة واحترام الاختلاف، لتحقيق التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة. كما تناول المؤتمر ضرورة تمكين الإنسان اقتصاديًا من خلال دعم الصناعات المحلية والحرف التقليدية وتطوير القرى المنتجة، بما يسهم في توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة.
وأكدت الجلسات أيضًا أهمية تجديد الخطاب الديني بما يعزز قيم التسامح والتعايش واحترام التنوع، مع دعوة المؤسسات الدينية – مثل الأزهر والأوقاف والكنائس المصرية – إلى المساهمة في بناء الإنسان من خلال نشر مفاهيم تدعم الانتماء الوطني، وتنقل المجتمع من دائرة التشكك إلى البناء والتطوير.
كما سلط المؤتمر الضوء على الدور المحوري للإعلام والثقافة في تشكيل وعي الأفراد. وأوصى المشاركون بتعزيز رسائل الإعلام والفن بما يسهم في نشر قيم التسامح والمواطنة، بالإضافة إلى إطلاق حوار مجتمعي شامل يشارك فيه ممثلو كل شرائح المجتمع، لمناقشة التحديات التي تواجه بناء الإنسان وسبل مواجهتها.
واختتم المؤتمر بتأكيد تقدير المشاركين لجهود الدولة المصرية في بناء الإنسان، مع الإشادة بدورها في دعم القضية الفلسطينية ودعوة المجتمع الدولي إلى الالتزام بحقوق الشعب الفلسطيني. لقد أظهرت مخرجات المؤتمر أن بناء الإنسان ليس مجرد شعار، بل ضرورة لبناء دولة حديثة قادرة على تحقيق التنمية والتقدم.