# من أول السطر
وتمضي الأيام والسنون ،وبعد ساعات قلائل يودع أبناء المعمورة في مختلف بقاع الدنيا عام 2024 ، ويستقبلون عاما جديدا وسط امنيات وتطلعات بأن يكون عام خير من سابقه، مع هذا الكم الهائل من الزخم والأحداث والتحديات غير المسبوقة والمتغيرات المتلاحقة.
تمضي الأيام وتنطلق السنون سريعا ، ويفرح المرء بمرور الأيام، وهو لا يعلم أنّ في مرورها انتزاعا لأيام حياته، ومن ثَم يقترب شيئا فشيئا لدنوّ أجله، وتلك السنة كونية ويقين ثابت لمن فقه حكم وابتلاءات ودروس الحياة الدنيا.
وصدق القائل: يسر المرء ما ذهب الليالي وكان ذهابهن له ذهابا ،فعمر الإنسان أشبه ما يكون بأوراق “التقويم “المعلق فى كل منزل ،فكل ورقة ننزعها من التقويم لا يمكن أن ترجع أبدا،وكل يوم يذهب، يودع صاحبه إلى موعد آخر يلقاه به ..وياله من موعد، فكل يوم يذهب يبعدنا عن الدنيا ويقربنا من الآخرة.
وبانتهاء الدقائق والساعات والأيام تأتي حكمة الحياة الموقوتة علي ظهر الدنبا كما أرادها الله عز وجل إلي أن يرث الأرض ومن عليها.
وصدق العلي القدير عز وجل:(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ). آل عمران 30.
ومع جبال الهموم والقلق والتوجس مما هو قادم، ومع نذر التراجع القيمي الأممي الذي أصاب بلدان العالم مع استمرار الشد والجذب وتفشي قيم النفعية واستمرار النزاعات والصراعات وتراجع قضايا حقوق الإنسان علي كافة المحاور ،تتأرجح أحوال البشر بين اليأس والرجاء بين عالمين: واقع مظلم مليء بالأخطاء والقناعات الفاسدة، وعالم غامض مليء بالضبابية وبالمتغيرات المصيرية ،والعشرات من علامات الاستفهام،حين تتحول الحياة إلى سلسلة من التحديات والعقبات التي لا يمكن الهروب منها، وتصبح الكوابيس هي الحقيقة!.
ومع توقعات المردود السلبي لهذه المؤشرات خلال عام 2024 وماسبقه ، يبقي الفيصل هو إرادة الحياة ورغبة الإنسان في غرس الآمال ونزوعه نحو الإنجاز وصناعة التفوق وتحقيق الأفضل وأهداف ومتطلبات رسالته في الحياة.
ومع التحلي بروح التفاؤل والإيجابية تبدأ رحلة إصلاح الذات والتغير للأفضل وتحسين نمط الحياة، ويمكن تحقيقه ، ووفقا لرؤي المختصين من خلال:
ـ التغيير الشخصي: ويأتي عن طريق تعلم مهارات جديدة، تحسين الصحة النفسية والجسدية ،تطوير العلاقات الاجتماعية، تحديد أهداف واضحة ودقيقة ،والتأمل والتفكير الإيجابي.
ـ التغيير المهني : ويأتي عن طريق تطوير المهارات المهنية،وتحسين الأداء الوظيفي ،والبحث عن فرص جديدة ،وتطوير الشبكات المهنية،وتحسين التواصل والقيادة.
ـ التغيير الاجتماعي : والطريق لهذا يأتي بالمشاركة في الأنشطة التطوعية دعم القضايا الاجتماعية والإنسانية وتعزيز التعليم والوعي، تحسين العلاقات المجتمعية، ودعم الحقوق الإنسانية.
ـ التغيير البيئي: عن طريق تغيير السلوك والاتجاهات السلبية نحو البيئة وتفهم أبعاد المأزق البيئي وأسباب التغيرات المناخية ،ودعم السياسات البيئية والتشريد بصورة عامة ،واستخدام الطاقة المتجددة ،والحفاظ على الموارد الطبيعية، تعزيز الاستدامة.
ومن أهم خطوات التغيير: تحديد الأهداف، إعداد الخطط ، تنفيذ التغيير، تقييم النتائج، والاستمرار في التحسين.
وفي هذا السياق قدم “فريق أخضر” من أنجح قنوات “اليوتيوب” العربية خلاصة لكتاب”التغير للأفضل” كعصارة لمجموعة من كتب ودراسات التنمية البشرية، بأسلوب سهل وجذَّاب وممتع، لإيمان القائمين عليها بأن المعرفة قادرة على تحسين الحياة، وبأن فكرة جيدة واحدة كفيلة بتغيير حياة شخص إلى الأفضل والارتقاء بها.
وقدم الكتاب مجموعة من المحددات والأدبيات والإرشادات في الطريق نحو تحقيق هذا الهدف علي النحو التالي:
ـ التغيير يبدأ من الداخل : يؤكد الكتاب أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل،ويجب على الشخص أن يكون مستعدا لتغيير تفكيره وسلوكه الداخلي قبل أن يتوقع رؤية نتائج ملموسة في الخارج.
كما أن تغيير الذات يتطلب وعيا وإدراكا للرغبة في التحسن، مع الاستعداد لبذل الجهد اللازم لتحقيق ذلك.
ـ الاستمرارية والصبر: التغيير لا يحدث بشكل فوري؛ بل يحتاج إلى صبر ومثابرة، ويتحتم علي الشخص الإلتزام بهذه القيمة على المدى الطويل، مع الاستعداد لمواجهة التحديات والتغلب عليها.
– الصبر جزء مهم من التغيير، والتخلي عن الهدف في منتصف الطريق قد يؤدي إلى الفشل.
-تعلم من الفشل: الفشل ليس النهاية، بل هو جزء من الرحلة نحو النجاح، ومن المهم استخلاص الدروس من الأخطاء والفشل والعمل على تحسين النفس من خلالها ،ويجب أن نوقن كل تجربة فاشلة هي فرصة للتعلم والنمو.
ـ الإيجابية والتفاؤل: الحفاظ على النظرة الإيجابية للأمور هو عامل مهم في عملية التغيير، فعندما يكون لديك عقلية إيجابية وتفاؤل بالمستقبل، تكون أكثر استعدادا لمواجهة العقبات وتحقيق أهدافك.
كما أن التفاؤل يساعد على التغلب على الإحباط والإحساس بالعجز، ويمنح القوة لمواصلة الرحلة نحو التغيير.
ـ تحقيق التوازن :يشير الكتاب إلى أهمية تحقيق التوازن في حياتك، سواء كان ذلك بين العمل والحياة الشخصية أو بين الروح والجسد ،فالتوازن يسهم في تحسين نوعية الحياة والشعور بالرضا.
ويجب أن تحرص على تخصيص وقت للعائلة، والأصدقاء، والنمو الشخصي، والعمل، والراحة.
ـ التعلم المستمر : التغيير يحتاج إلى معرفة، والمعرفة تأتي من التعلم المستمر والتحفيز علي القراءة، والتدبر والتعلم، وتطوير مهارات جديدة باستمرار، فكلما زادت معرفتك، زادت قدرتك على مواجهة التحديات والتكيف مع التغيير ،كما أن تطوير الذات يبدأ باكتساب المعرفة في المجالات التي تهم الشخص.
ـ المرونة والتكيف : الحياة مليئة بالتغيرات غير المتوقعة، من المهم أن يكون لديك المرونة للتكيف مع الظروف المختلفة والتعامل مع المواقف الجديدة بذكاء وحكمة فلا ريب أن القدرة على التكيف تساعد على التغلب على الصعوبات وتحقيق النجاح في مختلف الظروف.
ـ التواصل الفعّال: العلاقات الاجتماعية والقدرة على التواصل مع الآخرين بطريقة فعالة تلعب دورا كبيرا في نجاح عملية التغيير. كما أن التواصل الجيد مع الأصدقاء، العائلة، وزملاء العمل يساعد في خلق بيئة داعمة ومحفزة للتغيير..والإصغاء الجيد والتواصل بصدق وشفافية يعزز العلاقات ويسهم في التغيير الإيجابي.
ـ التخطيط وتنظيم الأهداف: التغيير الإيجابي يتطلب خطة واضحة وأهداف محددة ، ويجب أن تحدد ما ترغب في تغييره وكيف ستصل إلى ذلك الهدف. التخطيط يساعد في التركيز على الخطوات الضرورية لتحقيق التغيير.
وتحديد الأهداف القابلة للتحقيق تعطي شعورا بالإنجاز وتساعد في الحفاظ على الحماس والالتزام.
ـ الاعتماد على الله والاستعانة به : التغيير ليس فقط عملية مادية، بل أيضا روحية للحصول على القوة والقدرة على تحقيق التغيير المنشود فالإيمان بأن الله يساندك في رحلتك نحو الأفضل يمنح شعورا بالاطمئنان والثقة.
ـ البحث عن الإلهام: يمكن أن تكون قصص النجاح مصدرا قويا للإلهام. فالبحث عن نماذج ناجحة أو متابعة قصص أناس تغلبوا على صعوبات وتحديات ليصبحوا أفضل، يعزز الحافز للاستمرار في عملية التغيير.
ـ الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية: التغيير الإيجابي يتطلب جسدا وعقلا سليمين ،فالصحة النفسية والجسدية لهما تأثير مباشر على قدرتك على تحقيق التغيير. ويجب الحرص على ممارسة الرياضة، الأكل الصحي، والنوم الكافي، بالإضافة إلى الاهتمام بالصحة العقلية.
بادر قبل أن تغادر .. وابدأ جديد من أول السطر.
كن مستعدا للتغيير..تعلم من الأخطاء..ابحث عن الدعم..كن حكيما صبورا ومثابرا..ولله الأمر من قبل ومن بعد.. وكل عام وأنتم بكل خير وأمل.