»» الرسالة ناقشت اتجاهات التصوف المعاصر في فكر أحمد الجزار
بعد مناقشات علمية مستفيضة ورصينة استمرت لعدة ساعات في رحاب كلية جامعة العريش قررت لجنة الحكم والمناقشة منح للباحثة زينب عبدالرؤوف درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى ،مع الإشادة بجهود الباحثة وتميز موضوع الدراسة.
جاءت الرسالة بعنوان (اتجاهات التصوف المعاصر في فكر أحمد الجزار ، دراسة تحليلية نقديّة.
تكونت لجنتا الإشراف والحكم والمناقشة من:
– الدكتور مجدي إبراهيم، أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف بكلية دار العلوم جامعة أسوان. ” مشرفا رئيسيا”.
ـ الدكتور عثمان محمد عثمان، أستاذ الفلسفة الإسلامية وعميد كلية الآداب جامعة العريش “مشرفا مشاركا”.
ـ الدكتور السيد محمد عبد الوهاب، أستاذ الفلسفة الإسلامية كلية الآداب جامعة المنيا.”عضوا ومناقشا”.
ـ الدكتور عبدالحميد درويش أستاذ الفلسفة الإسلامية كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة قناة السويس.”عضوا ومناقشا”.
شهد المناقشة كوكبة من الاساتذة والباحثين وعدد من أهل وأقارب وأصدقاء الباحثة.
عرضت الدراسة في إطار تحليلي ونقدي لرؤية الدكتور أحمد الجزارِ في التجديد والإصلاح لما له من منهجيةً علميةً ممتدةً في مجال البحث العلمي، وفي دراسات الصوفية مما جعله محطَّ أنظارِ جميعِ الباحثين في العديد من المجالاتِ المختلفةِ في الفكرِ الإسلامي.
ويعد الدكتور أحمد الجزار من أبرزِ روادِ دراسةِ التصوفِ الإسلاميِّ في العصر الحديثِ ، وهذه المنهجيةُ ساعدت في تغييرِ مسارِ الفكرِ الإسلاميِّ والتصوفِ الإسلاميِّ، وطرحت هذا المجالَ في صورةٍ جديدةٍ لم تكن من قبلِ، مما أضاف العديدَ من الإسهاماتِ البحثيةِ المختلفةِ والمتميزةِ؛ لما به من رؤيةٍ منهجيةٍ دقيقةٍ وهادفةٍ.
أشارت الدراسة إلى أن الدكتور “أحمد الجزار” بسعةِ الاطلاعِ في شتى مجالاتِ العلمِ والفكرِ، حيث جمعَ بين خيوطِ فروعِ الفلسفةِ في قوةٍ ورسوخٍ عقليٍ وثباتٍ ووضوحٍ.
ولم يقتصرِ الدكتور “الجزار” في إشرافِهِ على موضوعاتٍ تختصُّ بمجالِ أبحاثِهِ الأكاديميةِ الدقيقةِ “التصوفِ الإسلاميِّ”، بل جمعَ فيما أشرفَ عليه من الرسائلِ العلميةِ العديدَ من الدراساتِ المقارنةِ، والمجالاتِ المتنوعةِ، مما يدلُّ على أن لديه من القدرةِ على الربطِ بين الأفكارِ، وعقدِ العديدِ من المقارناتِ بين عصورِ الفلسفةِ المختلفةِ، وتخصصاتها المتنوعةِ.
كما أن لديه القدرةَ على ربطِ أنساقِ الحياةِ الصوفيةِ على اختلافِ الدياناتِ والفلسفاتِ، وكذلك الانغماسِ في مجالِ التصوفِ المقارنِ، فقد أشرفَ على رسالةٍ بعنوانِ “التجربةِ الصوفيةِ بين الحلاجِ والقديسِ برنارد”، مما يدلُّ أيضًا على أنه يتمتعُ بالعديدِ من الثقافاتِ العلميةِ المتنوعةِ. فهو – بحقٍ – موسوعةٌ علميةٌ فريدةٌ جمعت بين العديدِ من الاتجاهاتِ المختلفةِ.
كما أشارت إلى تميزَ الدكتور أحمد الجزار بقدرتهِ على حفظِ العلمِ بمجالاتهِ المتعددةِ، وتعليمهِ لتلاميذِهِ بأسلوبٍ منهجيٍ يُيسِّرُ على الباحثين مشقةَ البحثِ العلميِّ ومتاعبَهُ وصعوباتهِ، إضافةً إلى غرسِ القيمِ الأخلاقيةِ والعلميةِ القويمةِ في نفوسِ الباحثين. فهو ليس منبعا للمعرفةِ فحسب، بل هو طاقةٌ أخلاقيةٌ وقيمةٌ خلاقةٌ، تجعل المعرفةَ مؤثرةً فيمن حوله من تلاميذِهِ، بل وفي المجتمعِ الذي يعيشُ فيه.
وتبرُزُ أهميَّةُ الموضوعِ وأسبابُ اختيارِهِ فيما يلي:
ـ لقد لفت نظر الباحث أنَّ الدكتورَ “أحمدَ الجزَّارَ” له مشاركاتٌ عديدةٌ ومتنوعَّةٌ في مجالِ التَّصوفِ الإسلاميِّ، وله جهودٌ بارزةٌ في الكتابةِ عن الصُّوفيَّةِ المعاصِرةِ بصفةٍ خاصَّةٍ. فقد اهتمَّ بالمنطقِ، ودعا إلى كتابةِ التَّصوفِ بتصوُّرٍ منطقيٍّ دونَ معاداةٍ أو تحيُّزٍ لأيِّ طرفٍ. فجاءت كتاباتُهُ متزنةً وغيرَ متحيزةٍ. علاوة على ذلك، اتَّبعَ منهجًا خاصًّا يُقتدى بهِ في مجالِ التَّصوفِ الإسلاميِّ، وهذا الأمرُ يُعَدُّ غايةً في الصعوبةِ إذا نظرْنا إلى دراساتِهِ العلميَّةِ وأبحاثِهِ في هذا الجانبِ.
ـ بالإضافةِ إلى ذلك، تعرَّضَ الدكتورُ الجزَّارُ لإشكالاتٍ متعدِّدةٍ ومسائلَ متنوِّعةٍ في مجالِ التَّصوفِ، وقد وضعَ لها حلولًا تتَّسمُ بالموضوعيَّةِ وحضورٍ منطقيٍّ مع تصوُّرٍ إبداعيٍّ.
ومن أبرزِ ما تناولَهُ -على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ- مسألةُ “وحدةِ الوجودِ والفناءِ عندَ الصُّوفيَّةِ”، و”الكشفِ الصُّوفيِّ”، و”الحقيقةِ والشريعةِ عندَ الصُّوفيَّةِ”، وأخيرًا -وليسَ آخرًا- قضيةُ “الولايةِ والكرامةِ”. وهذه القضيَّةُ تُعَدُّ من أهمِّ وأخطرِ القضايا التي يُشادُ بإقرارِ إثباتِها، والوقوفِ عليها بمَزيدٍ من الإمعانِ والنَّظرِ المُتَأمِّلِ الواعيِ الذي يُدركُ دقائقَ الأمورِ في هذا المجالِ.
ـ وَعَنْ أَسْبَابِ اخْتِيَارِ المَوْضُوعِ فَتَجَلَّتْ فِي النِّقَاطِ التَّالِيَةِ:
1- إِنَّ طَبِيعَةَ العَصْرِ الَّذِي نَعِيشُ فِيهِ تُؤَكِّدُ أَنَّ المُجْتَمَعَ الإِسْلَامِيَّ فِي أَمَسِّ الحَاجَةِ المُلِحَّةِ لِمَعْرِفَةِ الحَيَاةِ الرُّوحِيَّةِ أَوْ التَّصَوُّفِ الإِسْلَامِيِّ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرُورَةِ لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ مَطَالِبِ المَادَّةِ وَمَطَالِبِ الرُّوحِ، خَاصَّةً فِي عَالَمِنَا المُعَاصِرِ فِي مُوَاجَهَةِ الفَلْسَفَاتِ المَادِّيَّةِ الَّتِي تَسْيِطِرُ عَلَى حَضَارَتِنَا المُعَاصِرَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُتَّفِقًا مَعَ الإِسْلَامِ وَشَرِيعَتِهِ الَّتِي لَا تُلْغِي العَقْلَ وَلَا تَرْفُضُهُ كَمَنْهَجٍ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعَالَمِ الطَّبِيعَةِ وَالحَيَاةِ المَادِّيَّةِ.
2- تَعَدَّدَتْ إِسْهَامَاتُ الجَزَّارِ وَجُهُودُهُ فِي الكِتَابَةِ عَنْ الصُّوفِيَّةِ وَالتَّصَوُّفِ الإِسْلَامِيِّ، وَوَضَعَ حُلُولًا جَذْرِيَّةً لِلْعَدِيدِ مِنَ الإِشْكَالَاتِ الَّتِي تُمَثِّلُ جَانِبًا جَوْهَرِيًّا فِي مَجَالِ التَّصَوُّفِ الإِسْلَامِيِّ، خَاصَّةً فِي الوَاقِعِ المُعَاصِرِ.
3- يَرَى الجَزَّارُ أَنَّ التَّصَوُّفَ الإِسْلَامِيَّ أَحَدُ جَوَانِبِ الفَلْسَفَةِ الإِسْلَامِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِالإِضَافَةِ إِلَى تَزْيِينِ القِيَمِ الأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَشْكُلُ أُسُسَ الإِسْلَامِ، فَإِنَّ حَيَاةَ مُعْظَمِ النَّاسِ تُمَثِّلُ -لَا شَكَّ- سُمُوًّا رُوحِيًّا بِالْأَخْلَاقِ الإِسْلَامِيَّةِ.
ثانياً : منهجُ البحثِ والدراسةِ :
لَمَّا كانَ مَوْضِعُ الدِّرَاسَةِ هُوَ اتِّجَاهَاتُ التَّصَوُّفِ المُعَاصِرِ فِي فِكْرِ “أَحْمَدِ الجَزَّارِ” دِرَاسَةً تَحْلِيلِيَّةً نَقْدِيَّةً، فَإِنَّ المَنْهَجَ المُنَاسِبَ لِلدِّرَاسَةِ هُوَ المَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ النَّقْدِيُّ، حَيْثُ يَقُومُ هَذَا المَنْهَجُ عَلَى تَحْلِيلِ المَعْلُومَاتِ وَالبَيَانَاتِ الَّتِي جُمِعَتْ حَوْلَ ظَاهِرَةِ البَحْثِ أَوْ مُشْكِلَتِهِ، وَمُحَاوَلَةِ اسْتِخْلَاصِ أَهَمِّ مَا بِهَا مِنْ مُمَيِّزَاتٍ، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ تَنْفِيذِ البَحْثِ وَعَمَلِيَّاتِهِ المُخْتَلِفَةِ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا المَنْهَجُ التَّحْلِيلِيُّ.
أَمَّا عَمَلِيَّةُ النَّقْدِ فَتُعْنى بِالتَّعَرُّفِ عَلَى أَوْجُهِ القُصُورِ وَالخَطَأِ فِي المَوْضُوعِ أَوْ مُشْكِلَةِ البَحْثِ، وَالتَّعَرُّفِ عَلَى أَسْبَابِ هَذِهِ النَّقَائِصِ أَوِ القُصُورِ وَالخَطَأِ. وَفِي بَعْضِ الأَحْيَانِ تَكُونُ مَرْحَلَةُ النَّقْدِ أَيْضًا مُشْتَمِلَةً عَلَى مَرْحَلَةِ مُعَالَجَةِ هَذِهِ النَّقَائِصِ وَالأَخْطَاءِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا تُبْرِزُ مَرْحَلَةُ النَّقْدِ مَظَاهِرَ الحُسْنِ وَالجَمَالِ فِي الظَّاهِرَةِ البَحْثِيَّةِ وَالمُشْكِلَةِ البَحْثِيَّةِ. وَهَذَا يُبْرِزُ عَنَاصِرَ الظَّاهِرَةِ البَحْثِيَّةِ بِصُورَةٍ جَلِيَّةٍ وَاضِحَةٍ، مِمَّا يُزِيدُ مِنْ أَهَمِّيَّةِ هَذِهِ المُشْكِلَةِ البَحْثِيَّةِ.
ثالثاً : مكوناتُ الدراسةِ :
تَتَكَوَّنُ الدِّرَاسَةُ مِنْ مُقَدِّمَةٍ، وَخَمْسَةِ فُصُولٍ، وَخَاتِمَةٍ، عَلَى النَّحْوِ الآتِي:
أَمَّا المُقَدِّمَةُ، فَتَشْمَلُ أَهَمِّيَّةَ المَوْضُوعِ، وَأَسْبَابَ اخْتِيَارِهِ، وَإِشْكَالِيَّاتِهِ، وَتَسَاؤُلَاتِهِ، وَأَهْدَافِهِ، وَالمَنْهَجِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ البَحْثُ.
أَمَّا فُصُولُ الدِّرَاسَةِ، فَقَدْ جَاءَتْ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:
الفَصْلُ الأَوَّلُ: الدُّكْتُورُ الجَزَّار: حَيَاتُهُ وَعَصْرُهُ وَمُؤَلَّفَاتُهُ.
الفَصْلُ الثَّانِي: مَنْهَجُ أَحْمَدِ الجَزَّارِ فِي دِرَاسَةِ التَّصَوُّفِ الإِسْلَامِيِّ.
الفَصْلُ الثَّالِثُ: مِنَ التَّصَوُّفِ إِلَى التَّصَوُّفِ المَشْرُوعِ (الجُذُورُ وَالأُصُولُ).
الفَصْلُ الرَّابِعُ: أَثَرُ الخِطَابِ الصُّوفِيِّ المُعَاصِرِ فِي الإِصْلَاحِ الدِّينِيِّ (رُؤْيَةُ أَحْمَدِ الجَزَّارِ).
الفَصْلُ الخَامِسُ: أَهَمِّيَّةُ النَّقْدِ فِي الحَيَاةِ الصُّوفِيَّةِ المُعَاصِرَةِ.
وَأَمَّا الخَاتِمَةُ، فَفِيهَا أَهَمُّ النَّتَائِجِ الَّتِي تَوَصَّلْتُ إِلَيْهَا مِنْ خِلَالِ البَحْثِ.
ثُمَّ أَتْبَعْتُهَا بِالفَهَارِسِ، وَفِيهَا فَهْرَسُ المَصَادِرِ وَالمَرَاجِعِ، وَفَهْرَسُ المَوْضُوعَاتِ.
وَقَدْ تَوَصَّلْتُ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الدِّرَاسَةِ إِلَى عَدَدٍ مِّنَ النَّتَائِجِ جَاءَتْ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:
• جَاءَتْ دِرَاسَةُ الجَزَّارِ لِلتَّصَوُّفِ عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ تَقْلِيدٍ، فَقَدْ وَجَّهَتْهُ هَذِهِ الوَجْهَةَ النَّتَائِجُ الَّتِي حَصَلَ عَلَيْهَا مِنْ دِرَاسَتِهِ لِكُلِّ مَا دَرَسَ مِنَ العُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ.
• تَمَيَّزَ مَنْهَجُ الدُّكْتُورِ أَحْمَدَ الجَزَّارِ فِي دِرَاسَتِهِ لِلتَّصَوُّفِ بِالتَّنَوُّعِ فِي تَنَاوُلِ المَوْضُوعَاتِ الصُّوفِيَّةِ، حَيْثُ رَكَّزَ عَلَى مَنْهَجِ تَحْدِيدِ المَصْطَلَحِ الصُّوفِيِّ، حَتَّى لَا يَقَعَ خَلَطٌ أَوْ لُبْسٌ بَيْنَ المَصْطَلَحَاتِ، خَاصَّةً أَنَّ الصُّوفِيَّةَ لَهُمْ مَصْطَلَحَاتٌ خَاصَّةٌ، كَذَٰلِكَ تَمَيَّزَ فِي الرَّبْطِ بَيْنَ المَنْهَجِ التَّحْلِيلِيِّ وَالمُقَارَنِ فِي دِرَاسَةِ المَسَائِلِ الصُّوفِيَّةِ بِمَوْضُوعِيَّةٍ.
• شَدَّدَ الجَزَّارُ عَلَى أَنْ التَّصَوُّفَ المَشْرُوعَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْطَوِي عَلَى إِهْمَالٍ تَامٍّ لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَوَافَقُ مَعَ وُسْطِيَّةِ الإِسْلَامِ، إِذْ إِنَّ أُسْلُوبَ الوُسْطِيَّةِ يُحَقِّقُ الكَمَالَ فِي كلا الحَيَاتَيْنِ.
• إِنَّ رُؤْيَةَ الجَزَّارِ لِلتَّصَوُّفِ المَشْرُوعَ وَاضِحَةٌ بَعْضُهَا مُتَّفِقَةٌ وَمُتَكَامِلَةٌ، وَبَعْضُهَا الآخَرُ خَاصٌّ بِوَجْهَةِ نَظَرِهِ الخَاصَّةِ، كَمَا يُشَارِكُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ التَّصَوُّفِ وَالمُتَصَوِّفَةِ.
• أَوْضَحَ أَحْمَدُ الجَزَّارُ مَدَى التَّوَافُقِ بَيْنَ الصُّوفِيَّةِ وَالفُقَهَاءِ مِنْ خِلاَلِ النَّمَاذِجِ الَّتِي يُقَدِّمُهَا لِكُلٍّ مِّنْهُمَا، بِالإِضَافَةِ إِلَى مَا قَدَّمَ الجَزَّارُ مِنْ أَدِلَّةٍ تُبَيِّنُ مَدَى التَّرَابُطِ وَالتَّكَامُلِ كَالْعَلَاقَةِ بَيْنَ الشَّرِيعَةِ وَالحَقِيقَةِ، وَأَنَّ هَذِهِ العَلَاقَةَ كَانَ لَهَا الفَضْلُ فِي فَضِّ إِشْكَالٍ كَبِيرٍ لَهُ خَطَرُهُ عَلَى الفِكْرِ الإِسْلَامِيِّ، وَهُوَ الإِشْكَالُ الَّذِي صَوَّرَ الأَمْرَ قَطِيعَةً بَيْنَ الفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ.
• إِنَّ مَنْهَجَ الجَزَّارِ فِي مَفْهُومِ التَّصَوُّفِ ظَهَرَ فِي كُونِهِ يَسْتَرْشِدُ بِرِسَالَةٍ فَلْسَفِيَّةٍ عَامَّةٍ وَرِسَالَةٍ إِنْسَانِيَّةٍ نَبِيلَةٍ خَاصَّةٍ، تَهْدِفُ إِلَى جَعْلِ الصُّوفِيَّةِ فِي خِدْمَةِ الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ، وَهُوَ مَا يُفَسِّرُ اخْتِلَافَهَا وَتَفَرُّدَها. وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِإِعَادَةِ قِرَاءَةِ مَفْهُومِ التَّصَوُّفِ الإِسْلَامِيِّ وَعَلَاقَتِهِ بِالْعِبَادَةِ وَدَلَالَاتِهِ الأَخْلَاقِيَّةِ وَالرُّوحِيَّةِ.
• تَأَثَّرَ الجَزَّارُ بِمَجْمُوعَةٍ مِنْ أَعْلَامِ التَّصَوُّفِ الإِسْلَامِيِّ فِي العَصْرِ الحَدِيثِ مِثْلَ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الحَلِيمِ مَحْمُودٍ، وَأَبِي الوَفَا التَّفْتَازَانِيِّ، وَالدُّكْتُورِ أَحْمَدَ صُبْحِيٍّ… وَغَيْرِهِمْ، بِالإِضَافَةِ لِإِعْجَابِهِ الشَّدِيدِ بِالنَّظَرَاتِ الَّتِي يَجْمَعُ بَيْنَ العِلْمِ وَالإِيمَانِ لَدَى الدُّكْتُورِ مُصْطَفَى مَحْمُودٍ، وَكَانَ يَتَمَنَّى أَنْ يُجَلِّي مواقِفَهُ الصُّوفِيَّةَ أَحَدُ البَاحِثِينَ الجَادِّينَ وَيَكُونُ هُوَ مُشْرِفًا عَلَى رِسَالَتِهِ.













