بقلم ✍️ د.خلود محمود
(مدرس الإعلام الرقمي بالمعهد العالي للدراسات الأدبية بكينج مريوط والمحاضر الزائر لليونسكو)
الصيام ركن من أركان الاسلام ..فريضة سنها الله تعالي لنصوم فيها عن جميع الشهوات شهر الرحمة والمغفرة.. شهر الخير والكرم والبركات طقوس وعبادات روحانيات وقرآن ترك لكل الذنوب والمعاصي شهر التوبه إلي الله ، جعلوه تحت مسمي الفن شهر للمعاصي وارتكاب الآثام ..مسلسلات موسم رمضان بمشاهد رقص وابتذال تحرك مشاعر شباب ومراهقين وغيرهم ومشاهد بها سُكر وشرب وضرب واعتداءات تحمل ألفاظا وعبارات تخرج لنا كـ “ترند” يرددها الأطفال والكبار ، يعلمون الناس الفساد الأخلاقي فلا هي حرية فنية ولا ابداع فني الموضوع لا يتعلق بحرية الفن، والإبداع، إطلاقا وإنما يتعلق بنشر قيم شاذة، وغريبة مثل نشر البلطجة، واستسهال أعمال القتل، والسرقة، والاغتصاب وكأنها أمور اعتيادية عادية، نتيجة قيام البعض بتقمص شخصية الممثل «س»، أو «ص»، من الذين يقومون بنشر تلك القيم السلبية، لتنتشر تلك الظواهر بدلا من انحسارها وهو ما حدث في جريمة اغتصاب طفلة العاشر من رمضان منذ أيام قليلة .
وسيدافع البعض عن أن الفن ليس هو المسئول فقط وبالطبع فإن الفن ليس العامل الوحيد في عملية التغيير المجتمعي للأسوأ ولكنه يلعب دورا رئيسيا عبر ما يٌقدم من خلاله وما يترسخ بواسطته في عقول ونفوس الجماهير إنهم يخاطبون الجزء اللاواعي في عقول الشعوب وهو ما يُمكنهم من نقل أفكارهم والمساهمة في تشكيل ثقافة المجتمع وتطوير طريقة تفكيره أو الانحدار بها للقاع وهو ما يحدث الآن في دراما رمضان ومن هذه الزاوية تتبلور قدرة تأثير الفنّان المتمثلة في قدرته على تحويل أفكاره إلى عمل يحمل في طياته أبعاد متعدّدة ورؤى تعبيرية تترجم عنها.
فالفن ليس إعادة إنتاج للواقع وحسب ولكنه إعادة عرض للواقع ذاته وهو ما كان يسميه الفيلسوف الفرنسي جان بوديار “ثقافة الصورة” وما عبر عنه بيكاسو بقوله: “نعرف جميعًا أن الفن ليس الحقيقة إنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة” ولكن الفن الآن أصبح أبشع من الحقيقة بل هو يرسخ جرائم تتم بنفس طريقة التمثيل علي الحقيقة وذلك هو الفن الهابط بالمجتمع وأفراده ..
إن المعارضين للفن الهابط، وهم ليسوا الأغلبية، يرون أن تلك الأعمال لا ترتقى إلى مستوى الفن، وأن الموضوع كله لا علاقة له بالفن، أو الإبداع، وإنما هو «إسفاف» و«سفه»، وتدمير لسلوكيات المجتمع، ولذلك لابد من منع هذا «الإسفاف»، ووقفه، لأن تداوله يفسد الذوق العام.
بعيدا عن الانفعال، لو قارنا بين الفن قديماً أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ، وتأثيرهما الإيجابى على كل أفراد المجتمع بكل طبقاته طريقة تمثيلهم اختيارهم للالفاظ والكلمات ، وبين أمثال هؤلاء «الذين يطلقون علي أنفسهم فنانون الآن »، الذين لا يتركون إلا التأثير السيئ، والسلبى، على كل من يشاهدونهم لادركتم جميعاً الفرق بين حال المجتمع قديماً وحاله الآن وكيف وصل لذلك .
وهو الحال نفسه عندما نقارن ارتباط الجمهور بالمطربين وتأثرهم بهم وبكلامهم ولِباسهم وخاصة في إعلانات رمضان ، مع حالة الخلاعة التي تُكسى بها الحالة الغنائية ستفسر جيداً تدني الذوق العام وأدابه في الشارع المصري بشكل عام وفي رمضان بشكل خاص ومثل هذا الارتباط والتأثير يؤثر بصورة أو بأخرى في شريحة كبيرة من المجتمع وبالأخص شريحة الشباب على مستوى اللغة التي تتفاعل بها مع بعضها البعض أو تقاليدها اليومية وعلي مستوي التعاملات بين الأسر علي المستوي الضيق وعلي المستوي الأوسع وهو تعامل أفراد المجتمع مع بعضهم البعض .
إن فن موسم رمضان ماهو الا تدمير للاجيال بواسطة مشاهد سيقال أنها تمثيلية ولا ينصح بمشاهدة لمن دون الاثني عشر عاماً ولنفس هذه الجملة سيأخذ الفضول ذا الاثني عشر عاماً ليشاهده بل وينتهجها ونظل في دوامة الهبوط بالمجتمع وبعاداته وتقاليده والتقليل من عظمة الشهر الفضيل فبدل من أن يكون موسم للعبادات والروحانيات جعلوه موسم لدراما الانحطاط وتشويه المجتمع وترسيخ لمشاهد عنف وجرائم تزيد الواقع سوء بدل من أن ترتقي به .