بقلم ✍️ شحاته زكريا
(باحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية)
في خضم الأحداث المتسارعة وسط زحام الأزمات الإقليمية والدولية تقف مصر بثبات يحسدها عليه الجميع ، دولة تجاوزت اختبارات قاسية وعبرت ألغاما سياسية واقتصادية لم يكن أحد يتوقع أن تنجو منها بهذه القوة.
ليس سرا أن العالم يمر بمرحلة غليان غير مسبوقة صراعات تشتعل في كل مكان ، تحولات سياسية ترسم خرائط جديدة ، وأطراف تتصارع في الخفاء والعلن ، بينما تبقى مصر متماسكة، واثقة، غير منجرفة نحو الفوضى ، تدير معاركها بحكمة تحافظ على توازنها في عالم يميل مع الرياح.
في السياسة كما في الاقتصاد تبقى مصر لاعبا أساسيا في معادلة الشرق الأوسط تدرك أبعاد المشهد جيدا وتتحرك وفق حسابات دقيقة، لا تنجر خلف المزايدات، ولا تفرط في حقوقها، تضع مصلحتها الوطنية فوق كل اعتبار ، ولا تقبل بأي حل لا يحفظ أمنها القومي. في معركة الوعي تواجه مصر حروبا لا تقل خطرا عن المعارك العسكرية ، إذ يدرك أعداؤها أن كسر الإرادة يبدأ من زعزعة الثقة ، وأن التشكيك في كل إنجاز والنيل من كل خطوة إيجابية ، هما الطريق لإضعاف الجبهة الداخلية.
لذا تأتي الرسالة واضحة: لا خوف على مصر فهذه دولة تجاوزت المستحيل ، وخرجت من عواصف أقوى مما يواجهه غيرها اليوم.
القضية ليست مجرد تصريحات أو شعارات بل حقائق يؤكدها الواقع. دولة بحجم مصر بجيشها القوي ، بمؤسساتها الراسخة لا يمكن أن تسقط في دوامات الفوضى كما يريد البعض. التجارب حولنا أثبتت أن الدول لا تسقط إلا من الداخل عندما تفقد شعوبها الثقة عندما تستسلم للأكاذيب والشائعات عندما تفقد بوصلتها وسط العواصف. لكن مصر مختلفة شعبها أثبت أنه يملك وعيا استثنائيا يميز بين الحقيقة والزيف يعرف متى يصطف خلف دولته ، ومتى يعبر عن مطالبه يدرك أن البناء أصعب من الهدم.وأن الحفاظ على الوطن مسؤولية الجميع.
لا يمكن الحديث عن مصر دون التوقف عند دورها الإقليمي فهي ليست مجرد دولة تبحث عن مصالحها بل قوة إقليمية تدير ملفات المنطقة بحنكة، تحافظ على توازن استراتيجي دقيق تتعامل مع أزمات الجوار بحكمة ، وتدافع عن قضاياها العادلة بثبات. في معركة غزة كان موقف مصر واضحا لا يقبل التأويل.
رفض التهجير ،رفض تصفية القضية الفلسطينية الدفاع عن حق الفلسطينيين في دولتهم دون مزايدات أو شعارات جوفاء.
وسط التجاذبات الدولية كانت مصر الصوت العاقل ، الذي يتحرك بواقعية ، لا يخضع للضغوط ، ولا يندفع وراء العواطف بل يدير معركته بوعي استراتيجي يحمي مصالحه ويحافظ على دوره التاريخي.
على المستوى الداخلي لا ينكر أحد أن هناك تحديات اقتصادية بالأساس، لكن هذه التحديات ليست استثناء فالعالم كله يعاني من أزمات اقتصادية خانقة ، من التضخم إلى تراجع معدلات النمو من اضطراب الأسواق إلى ارتفاع الأسعار. الفرق أن بعض الدول تملك أدوات المواجهة ومصر من بينها تعمل بصبر ودأب على تجاوز الصعاب تستثمر في مشروعات المستقبل تبني قدراتها الإنتاجية تدعم اقتصادها الحقيقي ولا تعتمد على المسكنات المؤقتة.
من يراقب المشهد بإنصاف يدرك أن ما يحدث ليس عشوائيا ، بل خطة واضحة المعالم طريق طويل بدأ ولن يتوقف رغم الضغوط والتحديات.
في ظل كل ذلك تبرز أهمية الوعي الشعبي فهو السلاح الأهم في مواجهة حملات التشكيك وهو الحائط الذي تتكسر عليه محاولات هدم الثقة وهو الضمانة الحقيقية لاستمرار المسيرة.
من السهل أن ينجر البعض خلف موجات الإحباط لكن من يقرأ التاريخ جيدا يدرك أن الأمم العظيمة لا تبنى إلا بالصبر وأن طريق النهوض ليس مفروشا بالورود بل بالتحديات والتضحيات.
المصريون يدركون ذلك جيدا، فقد عاشوا مراحل أصعب ، وخرجوا منها أكثر قوة ، وأكثر وعيا، وأكثر إصرارا على استكمال الطريق.
لذا عندما تأتي رسالة الطمأنينة فهي ليست مجرد كلمات ، بل حقائق يؤكدها التاريخ والواقع. مصر لم تكن يوما دولة هشة، ولم تكن يومًا لقمة سائغة ، بل كانت وستظل رقما صعبا في المعادلة الدولية ، دولة يعرف العالم كله أنها قادرة على حماية أمنها وقادرة على تحقيق أهدافها وقادرة على الصمود في وجه العواصف. فاطمئنوا هذه مصر.














