بقلم ✍️ د. فراج خليل الصعيدي
(أستاذ الچيولوچيا،الباحث في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة)
الإعجاز العلمي في قوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (سورة الحديد: 25)
تُعتبر هذه الآية الكريمة واحدة من أروع الآيات التي تحمل اعجازا علميا مذهلا، حيث أشارت إلى حقائق لم تكن معروفة في عصر نزول القرآن، لكنها أصبحت اليوم من المسلّمات العلمية. من خلال تحليل هذه الآية، نجد فيها ثلاثة أوجه من الإعجاز العلمي:
1- معنى “أنزلنا الحديد” علميا
ذكر الله تعالى أنه “أنزل الحديد”، وهذه العبارة قد تبدو للوهلة الأولى غريبة، إذ إن الحديد معدن يُستخرج من الأرض. لكن العلم الحديث أثبت أن الحديد لم يتكون في الأرض، بل جاء من الفضاء!
• تشير الدراسات الفلكية إلى أن الحديد لم يُخلق على كوكب الأرض، لأن نواة الذرة الحديدية تحتاج إلى حرارة وضغط يفوقان ما هو متاح في كوكبنا.
• الحديد يتشكل في النجوم العملاقة خلال مراحلها النهائية عندما تنفجر فيما يُعرف بـ “المستعرات العظمى” (Supernovae).
• هذه الانفجارات الكونية قذفت بالحديد إلى الفضاء، حيث اندمج مع السُّدم والمجرات، وسقط على الأرض في شكل نيازك حديدية منذ ملايين السنين.
وهذا يوضح أن القرآن الكريم أشار إلى إنزال الحديد من السماء بدقة مذهلة قبل أكثر من 1400 عام، وهو ما لم يكتشفه العلم إلا حديثًا.
2- الحديد عنصر فريد في الكون
• الحديد هو العنصر الأكثر استقرارا في الطبيعة، ونواته هي الأقوى من بين جميع العناصر الكيميائية.
• يتميز الحديد بكونه عنصرا أساسيا في تكوين الكواكب، وهو المسؤول عن تكوين المجال المغناطيسي للأرض، الذي يحميها من الأشعة الكونية الضارة.
• يدخل الحديد في تركيب الدم البشري من خلال جزيء الهيموغلوبين، الذي ينقل الأكسجين في الجسم، مما يعني أن الحياة نفسها تعتمد على الحديد.
3- “فيه بأس شديد ومنافع للناس”
• وصف الله الحديد بأنه “فيه بأس شديد”، وهو ما يوافق الحقائق العلمية، حيث إن الحديد هو العنصر الأساسي في صناعة الأسلحة والمعدات الثقيلة.
• في العصر الحديث، يُستخدم الحديد في بناء ناطحات السحاب، الجسور، السكك الحديدية، المركبات الفضائية، وصناعات عديدة أخرى.
• بدون الحديد، لم يكن للبشرية أن تتقدم علميا وتقنيا كما هو الحال اليوم.
ـ عظمة هذا الإعجاز
• السبق العلمي المذهل: لم يكن أحد يعرف في عصر النبي ﷺ أن الحديد جاء من الفضاء، ولكن القرآن ذكر ذلك بدقة علمية فائقة.
• تكامل الدين والعلم: يثبت هذا الاكتشاف العلمي أن القرآن كتاب الله، حيث أشار إلى معلومات لم تكن معروفة للبشرية وقت نزوله.
• إثبات أن الإسلام دين العلم: الإسلام لا يتعارض مع العلم، بل يشجع على البحث والاكتشاف.
إن هذه الآية ليست مجرد إشارة إلى معدن الحديد، بل هي دليل على أن الإسلام هو دين العلم والمعرفة، وأن القرآن ليس كتابا بشريا، بل هو كتاب إلهي يحمل بين آياته حقائق علمية لم يكن من الممكن معرفتها وقت نزوله. كلما تطور العلم، زاد المؤمن يقينا بأن هذا الكتاب هو وحي من عند الله. وسبحان الله إذ يقول:
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{ (فُصِّلَتْ: 53).