مشيت سريعا في ظلام دامس ، أعلن القمر انعزاله عن الكون بأكمله ، والكواكب ملتفعة بأردية السحب ، والفضاء ساكن الصفحة والغيوث منهلة متواصلة كأنها شباك ممتدة بين الأرض والسماء ، ولملمت نفسي بين ضلوعي المنهكة وعدت سريعا إلي منزلي المتواضع ، كان قلبي متهالك ، ودموعي تغزو جوانحي وأخذت اسأل قلبي المتهالك عن أولئك الصامتون فقد كانو بالأمس فرحين يرقصون ويغنون ويجدون السعادة في كل ما يحيط بهم كانما يسمعون الطف الألحان ، ويشعرون في تناولهم للقمة البسيطة بعد الجوع بلذة طعام الوجهاء، إنهم الشرفاء الذين لم تنصب لهم الماثيل ولم ترفع لهم القبعات، كانو في حياتهم شرفاء وعظماء لأنهم كانو متحابين لايحسد فقيرهم غنيهم ولا يخافون شيئا إلا الله .
ايها الوجهاء لا تطمس السطور المنقوشة علي قلائدكم السيئات التي خطها الملائكة في صفحاتهم، رب يد لو اتيح لها الحظ لكانت يد الفنان الذي يعانق الألحان، أو يد الشاعر الذي يثير المشاعر ويسطر الأشجان، ورب قلب جريح هوت به الريح في مكان سحيق لو اتيح له حظا لكان قلب زعيم عظيم ينشر ويظلل السماء بالأماني والأحلام،
كم من قلادة ثمينة لم يعثر عليها وظلت دفينة لم تكد تري نور الشمس حتي هبت عليه ريح عاتية فأذبلتها، وكم من كاتب وعالم وطبيب الخ لو كنا في عالم غير هذا العالم لكان كل منهم في نصابه الصحيح
تحت هذه الأشجار الوارفة والأغصان المتشابكة والأوراق الزابلة كتبت حكايات وحكايات والان فلا نسمات الصبح الباردة ، ولا تغريد لطيور صادحة ، ولا صياح ولا نباح ولاهتاف إلا أنين قلبي الجريح علي تلك الصفحات .
أسفي علي الشرفاء لقد اصبحو لا مأوي لأمالهم، فقد كانو بالأمس اشداء اقوياء تمد السنابل اعناقها لأقلامهم واعمالهم، انهم شرفاء لم يطلبوا تمثالا يقام لهم ، ولا قبة ترفع فوق اضرحتهم، ولا صفحة من صفحات التاريخ تخلد فيها اعمالهم إنهم الشرفاء يا سادة














