بقلم ✍️ د.محمد يحيى فرج
(مدرس الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة جامعة السادات)
من المتعارف عليه أن لكل عملية إنتاجية مخلفاتها التي تتبقى بعد الانتهاء منها، وهذه المخلفات كثيرا ما تحتاج إلى تخصيص جانب من الربح للتخلص منها بطريقة آمنة ومناسبة.
وتعتبر هذه التكاليف ضريبة لابد منها ومغرما لا فكاك منه، ولكن عندما يسمع المرء عن طريقة تحول هذه المخلفات إلى مدخلات لعملية جديدة وتحول هذا المغرم إلى مغنم فإنه لا بد أن يترك كل ما في يده و يحملق بإعجاب في هذا الفتح العلمي و التكنولوجي.
من هذه الطرق المذهلة تبرز وحدات انتاج الغاز الحيوي من المخلفات العضوية في الريف والمزارع، فهذه الوحدات تستخدم المخلفات من روث الماشية وقش الأرز وغيرها وينتج منها غاز حيوي يوفر وقود بتكلفة بسيطة وكذلك تنتج سمادا عضويا جيدا للأراضي الزراعية كما تساعد على التخلص الآمن من هذه المخلفات.
هذه الوحدات تعتمد على التخمير اللا هوائي لهذه المخلفات حيث ينطلق غاز الميثان وتتجمع كميات الغاز الحيوي موفرةً مصدرا رخيصا للطاقة.
وعلى الرغم من وجود تكلفة عالية نسبيا في البداية لإنشاء هذه الوحدات، إلا أن الانتاج المتراكم من الطاقة الرخيصة و السماد العضوي كفيل بتعويض صاحب رأس المال مع مرور الوقت.
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا المصدر للطاقة يعد من مصادر الطاقة المتجددة النظيفة التي تقلل من انبعاث غازات الاحتباس الحراري وتساعد على مقاومة التغير المناخي وتقلل الحاجة الى الوقود الأحفوري الغير متجدد.
وهذه الوحدات تتراوح بين الوحدات الصغيرة المنزلية وبين الوحدات المتوسطة وبين المعامل الكبيرة التي تعتمد على مخلفات مزارع الماشية الكبيرة والتي تنتج كميات من الغاز الحيوي قد توفر الطاقة لمدن بأكملها.
وهذا الكشف العلمي والتكنولوجي بحلوله السحرية قد جذب إليه الأنظار في مختلف الأقطار، ففي الصين والهند يوجد ملايين من هذه الوحدات كما أن الاتجاه لهذه التقنية يتزايد بشكل مطرد في الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
وفي بلدنا الحبيب، فإنه لابد من الإشادة بالبرامج الحكومية في هذا الشأن والتنويه بها، حيث تم الاهتمام بهذا الإختراع المذهل وتوجيه الأنظار إليه واليوم تتوافر برامج لدعم المزارعين الراغبين في إنشاء هذه الوحدات و توفير مختلف اشكال المساعدة لهم.
ومع ازدياد الوعي أكثر بهذه التقنية وتشجيع المزيد من المزارعين على الاعتماد عليها، فإنه من المنتظر انتشارها بصورة أكبر و تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنية الفريدة.
إن المشاكل غير التقليدية التي يواجهها إنسان العصر الحديث تتطلب حلولا غير تقليدية، وعندما يجتمع الابتكار والدأب مع المعرفة العلمية والتكنولوجية ويصاحبهم التوفيق الإلهي فإن حلولا مبهرة غير تقليدية وغير مسبوقة مثل وحدات الغاز الحيوي تبرز لتقدم حلولا لمشكلات عديدة بطرق بالغة البساطة والإبهار في آن واحد. فهذا المزيج من الميزات العديدة و المتنوعة التي يوفرها إنتاج الغاز الحيوي انما يدل على أن هذا الغاز الحيوي هو بحق بمثابة كنز حقيقي لا ينضب.














