كتب- عثمان الدلنجاوي
استعرض د. جميل حلمي مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لشئون متابعة خطة التنمية المستدامة، التجربة المصرية الرائدة في مجال التنمية الشاملة والمتكاملة وتوطين أهداف التنمية المستدامة، من خلال المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، ودوره في تسريع جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك خلال مشاركته عبر الفيديو كونفرانس بالندوة التي عقدتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، على هامش معرض اكسبو 2020 بدبي.
وتناول حلمي الحديث حول رؤية مصر 2030 والتي أطلقها سيادة رئيس الجمهورية في 2016، كخطة عمل شاملة للدولة، تتضمن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، متابعًا أن التنمية الريفية تمثل أحد أولويات رؤية مصر 2030، حيث يتضمن البعد الاقتصادي برنامج التنمية الاقتصادية الإقليمية، وبرنامج إنشاء تجمعات للصناعات الزراعية، كما يتضمن البعد الاجتماعي برنامج تحقيق التوازن الجغرافي في توزيع الخدمات، وبرنامج رفع جودة تقديم الخدمات الصحية، وكذا برنامج تحسين جودة المنشآت التعليمية، فضلًا عن برنامج رفع كفاءة منظومة إدارة المخلفات الصلبة، و الارتقاء بمستوى جودة البنية العمرانية ضمن البعد البيئي.
وقال حلمي، المشرف العام على “حياة كريمة” بوزارة التخطيط، إن مشروع “حياة كريمة” يمثل إحدى الركائز الأساسية لـ “رؤية مصر 2030″، موضحاً أن الدولة المصرية لا تبدأ من جديد، لكنها تبني على ما حققته من مكتسبات في المرحلة السابقة، مشيراً إلى أن مصر استطاعت إحراز تقدمًا كبيرًا نحو توطين أهداف التنمية المستدامة، بما انعكس على تحسين خدمات البنية الأساسية والبشرية في المناطق الريفية، مستعرضًا عدداً من المؤشرات والتي تمثلت أبرزها في عدد القرى التي يتوفر بها وحدة صحية بلغ 71.6% في 2020، كما بلغت نسبة القرى التي يتوفر بها وصلات غاز طبيعي إلى 7.4% عام 2020، وارتفاع نسبة القرى التي يتوفر بها جمعيات أهلية وخيرية إلى 83% عام 2020.
وأشار حلمي إلى أن المرحلة التمهيدية لـ “حياة كريمة”، والتي تغطي 375 قرية في 14 محافظة، ساهمت في خفض معدل الفقر بنسبة 11%، مما أدى إلى تحسن في مؤشر جودة الحياة المتعلق بمعدل إتاحة الخدمات الأساسية، مشدداً على أن مصر تتقدم بخطى ثابته نحو “الجمهورية الجديدة”، والتي تعلي مفهوم المواطنة وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية، كما تتطلع لتنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع المصري كما ترسي مبادئ العدالة الاجتماعية في إطار دولة ديمقراطية مدنية حديثة.
وتابع حلمي أن السيد رئيس الجمهورية أطلق الوثيقة الرسمية لمشروع “حياة كريمة” يوليو 2021، وهو أكبر مشروع تنموي في العالم، وأكبر مشروع إنمائي شامل في مصر من حيث مخصصات الميزانية، والجدول الزمني للتنفيذ، وعدد المستفيدين بتكلفة تصل إلى 800 مليار جنيه بمدى زمني 3 سنوات ويستفيد منه 58% من سكان الريف المصري.
وأشار حلمي إلى أن مشروع تنمية الريف هو المشروع الأول الذي يحسن مستوى معيشة كل سكان الريف المصري، حيث يغطي أكثر من 4500 قرية، بإجمالي 175 مركز في 20 محافظة، مؤكدًا أن مشروع “حياة كريمة” يمثل مظلة كبرى للمشروعات القومية كافة في مصر، واصفاً إياه بـ “أكبر مُبادرة إنسانية تنموية في التاريخ الحديث”، تساهم في تحقيق كافة الحقوق المتضمنة في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وخاصةً حقوق الفئات الاجتماعية الأولى بالرعاية، مثل النساء، وذوي الإعاقة، والأطفال، وكذلك الشباب، من خلال توفير مراكز الشباب ودور الحضانة للأطفال، فضلاً عن الدعم الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، مؤكداً أن “حياة كريمة” سيغير من حياة المصريين مما يقلل من بحثهم عن خيارات أفضل للحياة.
وأوضح مساعد وزيرة التخطيط، أن مشروع “حياة كريمة” يحقق كافة أهداف التنمية المستدامة، وأبرزها القضاء على الفقر والتعليم الجيد وتوفير الخدمات الصحية، والمساواة بين الجنسين، وتوفير المياه النظيفة والصرف الصحي، وفرص العمل اللائق.
وأضاف حلمي أن الاعتمادات المالية الموجهة لقرى المرحلة الأولى من المبادرة بلغت “200 مليار جنيه” بإجمالي 52 مركز، في 1436 قرية، مؤكدًا أن إدراج الأمم المتحدة لمشروع “حياة كريمة” على منصاتها “منصة شراكات أهداف التنمية المستدامة”، “إجراءات تسريع أهداف التنمية المستدامة” يعد إنجازًا كبيرًا نظرًا لتميزها في تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة من خلال أهداف قابلة للقياس تأخذ في الاعتبار جميع أبعاد التنمية المستدامة في إطار زمني محدد، مشيراً إلى أن “حياة كريمة” سينتج عنها تحقق العديد من مستهدفات رؤية مصر 2030 بحلول عام 2025 أي قبل الموعد المُحدد لها بحوالي 5 سنوات.
وأكد حلمي أن مشروع “حياة كريمة” يستهدف تغيير وجه الحياة بالكامل في الريف المصري، من خلال تضمنه كافة أبعاد التنمية المستدامة والتخطيط المستجيب للنوع الاجتماعي والتعافي الأخضر، وهذا ما يميزه عن غيره من المشروعات التنموية، مستعرضاً أبرز ما يهدف المشروع القومي إلى تحقيقه في عدد من القطاعات، منها توفير خدمات الصرف الصحي لجميع قرى المرحلة الأولى من خلال إنشاء وتطوير 130 محطة معالجة، وكذا توفير خدمات مياه الشرب وتعزيزها من خلال توسيع محطات التنقية، وكذلك استبدال وإعادة تأهيل البنية التحتية القديمة للمياه، فضلًا عن تطوير خدمات الاتصالات من خلال توسيع مكاتب البريد وتغطية شبكات المحمول ومواقع توزيع الألياف الضوئية ومجمعات الخدمات الحكومية، وكذا توفير 120 ألف وحدة “سكن كريم” في عام واحد فقط، مع التوسع في إتاحة الخدمات التعليمية دون تمييز، من خلال إنشاء المدارس وتحسينها، وكذلك توفير فصول دراسية ذكية، فضلاً عن نشر الوعي المجتمعي والثقافي والصحي لضمان استدامة المشروعات المنفذة.
وأشار مساعد وزيرة التخطيط إلى تطبيق معايير الاستدامة البيئة في “حياة كريمة”، من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من إجمالي الاستثمارات المُوجهة لتصل إلى حوالي 20%، فضلًا عن تأهيل وتبطين الترع وإنشاء محطات معالجة الصرف الصحي ومحطات مياه الشرب وتوفير مراكز الخدمات الزراعية والتوسع في منظومة “الري الحديث”.
وتطرق حلمي إلى تنفيذ خطة تنمية الأسرة المصرية ضمن “حياة كريمة” والتي تهدف إلى تحسين الخصائص السكانية والسيطرة على النمو السكاني، من خلال توسيع مراكز التنمية الأسرية، وتطوير مستشفيات التكامل، وميكنة الخدمات المقدمة، مستعرضاً أبرز التأثيرات الإيجابية لمشروع “حياة كريمة “على أوضاع المرأة المصرية، باعتباره “تخطيط مستجيب للنوع الاجتماعي”، كما أشار حلمي إلى إطلاق أول نظام إلكتروني متكامل يتضمن التحديثات الفورية لمؤشر “جودة الحياة” في القرى المًستهدفة، وذلك تنفيذاً لتعليمات سيادة رئيس الجمهورية بضرورة ميكنة عملية المتابعة.
وجاءت الندوة بحضور د. هبه مغيب رئيس قطاع التخطيط الإقليمي بالوزارة، د.خالد زكريا مدير مركز السياسات الاقتصادية بمعهد التخطيط القومي، وبمشاركة د. ماجد عثمان الرئيس التنفيذي لمركز بصيرة، فريدريكا ميير ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر، م. سارة البطوطي رئيس شركة إيكو كونسلت.