بقلم ✍️ د.محمد الجوهري
(دكتوراه اصول التربية والتخطيط التربوي،أمين لجنة التعليم بحزب الجيل الديمقراطي)
انتهت أيام العيد والإجازات، وعاد الأبناء إلى مقاعد الدراسة والاستعداد للامتحانات، وليواجهوا تحديًا كبيرًا يتمثل في استعادة تركيزهم ونشاطهم للتحصيل الدراسي، فالانتقال من جو المرح والراحة إلى جو الجد والاجتهاد ليس سهلًا، خاصة مع ضغط المناهج واقتراب التقييمات وموسم الامتحانات.
وهنا تبرز أهمية دور الأسرة في مساعدة الأبناء على تجاوز هذه المرحلة بنجاح، مع الصبر على تقلباتهم وضعفهم المؤقت، لأن التعامل بحكمة في هذه الفترة قد يصنع الفارق في مستقبلهم الدراسي.
فالمذاكرة ليست مجرد وسيلة للحصول على درجات عالية، بل هي رحلة بناء شخصية الأبناء وتعويدهم على تحمل المسؤولية ، حيث يتعلم أبناؤنا من خلال المذاكرة الانضباط،وتحديد موعد للمذاكرة ،كما تنمي المذاكرة فيهم مهارة حل المشكلات، من خلال التفكير المنطقي وتحليل المعلومات. والأهم من ذلك أنها تعلمهم أن النجاح ليس ضربة حظ، بل ثمرة جهد وعمل دؤوب.
ويحتاج الابناء في هذه المرحلة إلى الدعم النفسي والمعنوي أكثر من أي شيء آخر، فالبعض منهم قد يعاني من صعوبة في استعادة تركيزه بعد الإجازة ، والبعض الآخر قد يشعر بالإرهاق من كثرة المواد، والآخر قد يكون في مرحلة المراهقة حيث التمرد والاهتمامات الأخرى؛ و هنا يأتي دور الآباء والأمهات في التعامل بحكمة وصبر، إذ لا فائدة من التوبيخ أو التذمر، بل المطلوب هو التشجيع والاحتواء، فالكلمة الطيبة والابتسامة الصباحية والدعوات بالتوفيق قد تشعل حماس الابناء أكثر من أي شيء آخر، وأنا كأب اعلم ان هذا الامر قد يكون شاق على الآباء نظرا لحرصهم على تفوق الاولاد ولكن التربية تحتاج للصبر والنفس الطويل، لذا من المهم أن يحرص الأهل على مساعدة أبنائهم في تنظيم وقتهم، خاصة أن بعض الطلاب قد يشعرون بالحيرة ولا يعرفون من أين يبدأون؟ او يظنون ان الوقت انتهى ولا توجد فرص؟ ولهذا يمكن الجلوس معهم لوضع جدول مذاكرة مرن، يخصص ساعات للمذاكرة وأخرى للراحة، حتى لا يشعروا بالملل أو الإرهاق، وينبغي أن نتذكر أن لكل طفل قدراته الخاصة، فالبعض قد يحتاج إلى وقت أطول لفهم بعض المواد، وهذا لا يعني الفشل، بل يحتاج فقط إلى أسلوب شرح مختلف أو تكرار أكثر.
ورسالتي لأبنائنا : لا تتركوا أنفسكم فريسة للتسويف أو الكسل؛ و ابدؤوا المذاكرة الآن، ولو بخطوات صغيرة، لأن التأجيل لن يفيدكم إلا بمزيد من الضغط لاحقًا، حاولوا أن استخدموا طرقًا فعالة في مذاكرتكم مثل التلخيص والخرائط الذهنية، ولا تترددوا في طلب المساعدة من معلمكم أو زملائكم او آبائكم إذا واجهتم صعوبة في فهم شيء ما، وتذكروا أيها الأبناء أن الضعف المؤقت بعد العودة من الإجازة أمر طبيعي، لكن النجاح يعتمد على مدى سرعة استجابتكم وعودتكم إلى المسار الصحيح.
ولا ننسى دور المعلمين في هذه المرحلة، فهم بمثابة حجر الزاوية في العملية التعليمية. من المهم أن يبدؤوا بمراجعة خفيفة وشيقة لمساعدة الطلاب على استعادة حماسهم للدراسة. كما أن التعزيز الإيجابي وتجنب النقد الحاد سيشجع الطلاب على بذل جهد أكبر، خاصة أولئك الذين يعانون من ضعف مؤقت.
وفي النهاية فلنكن عونا لأبنائنا، ولنعلم أن الصبر والتفهم في هذه المرحلة سيعود عليهم بالنجاح والتقدم، فالطفل الذي يشعر بدعم أهله ومعلميه، سيكون أكثر ثقة بنفسه، وأكثر قدرة على تحقيق أهدافه.
وفق الله أبناءنا وبناتنا إلى كل خير.














