في العديد من المجتمعات العربية، حياة الفتاة ليست ملكا لها.. خياراتها وأفعالها ملك لعائلتها، وجسدها يصبح شرفهم الذي لا يجب المساس به. لكن السؤال الذي ألّح نفسه على المخرج الشاب محمود زين، ماذا عن هذا الجسد إذا أصبح جثة هامدة، هل ستظل التقاليد والأعراف تتحكم به؟.
في فيلمه الأحدث، “ولا عزاء للسيدات”، من بطولة الفنان صدقي صخر، يطرح المخرج محمود زين هذا التساؤل بجرأة ووضوح، حيث يُعرض هذا الفيلم لأول مرة بمهرجان أسوان السينمائي الدولي لأفلام المرأة، وهو أول مهرجان سينمائي مصري مختص بالأعمال السينمائية المتعلقة بقضايا المرأة أو من إبداعها على مستوى الإخراج والكتابة، وهو ما يمنح الفيلم تأكيدا على أهمية فكرته في هذا الصدد.

فيلم “ولا عزاء للسيدات” للمخرج محمود زين يتتبع قصة الأخوين زاهر ومراد، اللذين يجدان نفسيهما في خلاف حول كيفية غسل وتكفين شقيقتهما المتوفاة غير المتزوجة، هيام، بعد اكتشاف آثار عضَّات حب على رقبتها وصدرها، خوفا من الفضيحة مع بدء وصول المعزين، يضطر الشقيقان وزوجتاهما إلى اتخاذ قرار قد يؤثر على العائلة بأكملها.
بفكرة جديدة وبمعالجة جريئة، يضع محمود زين تقاليد المجتمع وأعرافه على طاولة المساءلة، فجثة هيام الراقدة على طاولة الغُسل أصبحت في حد ذاتها رمزا لتحدي الأفكار التي من شأنها حرمان الفتاة من أبسط حقوقها فقط لأنها تجاوزت الحدود المجتمعية. أو مثلما جاء على لسان المخرج “لطالما شغلتني فكرة الموت، وخصوصًا فكرة أن يموت الإنسان ويكتشف مَن حوله أمرا يجعله عُرضة لإطلاق الأحكام بعدما أصبح جثة هامدة”.
ومع الوقت تطورت الفكرة داخل رأسه حتى أثارت سؤالا أكثر إلحاحا: “ماذا لو كانت تلك الجثة لامرأة في مجتمع يهيمن عليه الذكور؟ وماذا لو كان الأمر متعلق بشرفها؟ هل ستحظى هذه المرأة وقد أصبحت جثة بأبسط حقوقها في أن تُغسَّل وتُكفَّن وتُدفَن بصورة شرعية، أم سيمارس عليها المحيطون بها سلطتهم الذكورية وسُلطة العادات والتقاليد؟”.
فيلم”و لا عزاء للسيدات” يقف كمرآة للمجتمع تنعكس فيه أفعاله وأفكاره، واعيا تماما لدور الفن في الدفع بالمجتمعات للأمام.














