هل تتذكرون أزمة الحمير منذ عدة سنوات، وارتفاع أسعارها بسبب غلاء جلودها وزيادة طلب الصين عليها، وقيل إنه يستخرج من تحت جلودها مادة الكولاجين التى تدخل فى استخدامات طبية، وبات الحمير لها سعر بسبب ظهور فوائدها ويسعى الكثيرون حاليا فى الأرياف إلى تربية الحمير كما يهتمون بتربية المواشى والاغنام تماما.
وما حدث مع الحمير من قبل يحدث الان مع التبن، والتبن لمن لا يعرفه هو قش القمح بعد تقطيعه من خلال ماكينة تسمى ” الدراسة” بتشديد الراء، ويستخدم كطعام للمواشى فى فصل الصيف، وفى الواقع تأثير أزمة الحمير لم يكن مباشرا أو قويا على أعمال الفلاحة وبالتالى سارت الأمور عادية على حياة الفلاحين أو المواطنين، خاصة مع انتشار الماكينات والالات فى أعمال الزراعة، بدلا من الاعتماد على الحمير، واستطاع الفلاحون تدبير حياتهم الزراعية بدون الحمير.
لكن الأمر يختلف تماما بالنسبة لأزمة التبن والذى يعد طعاما أساسيا للمواشى والاغنام والماعز، ولهذا تأثيره كبيرا ومباشرا على حجم الثروة الحيوانية وبالتالى على أسعار اللحوم، والتى نعانى من ارتفاع أسعارها قبل الأزمة.
وما حدث أن التبن يتم استخدامه فى صناعة الخشب المضغوط، والذى يعد بديلا رخيصا ومعقولا للاخشاب العادية غالية الثمن والتى يتم استيرادها بالعملة الصعبة من الخارج، وقد اتجه القطاع الخاص بالاستثمار فى هذا النوع من الأخشاب وتم افتتاح عدة مصانع فى الوجه القبلى مما أدى إلى اقبال كبير على شراء التبن فى مدخوله وبأسعار مغرية وكبيرة جدا، تسيل لعاب الفلاحين والمزارعين الذين يبحثون عن أى جنيه يعوضهم ما بذلوه من تعب طوال العام، ولكن أسعار التبن الحالية بعد ارتفاع أسعارها إلى أرقام فلكية باتت الان فوق قدرة تجار المواشى والمربين، مما ينذر بتفاقم أزمة اللحوم الحمراء والتى نعانى منها بالرغم من جهود الحكومة فى مشروع البتلو.
ما يحدث الان يهدر كل الجهود، سواء الحكومية أو القطاع الخاص أو حتى الشعبية وصغار المربين، لحل أزمة اللحوم الحمراء، وهذا يؤكد على غياب التخطيط طويل المدى، والرؤية المتكاملة والشاملة، وهذا أظهر أن القطاع الصناعى فى وادى والقطاع الزراعى فى واد آخر، لان نجاح مصانع الاخشاب المضغوطة سيكون على حساب مشروع البتلو.
فعلى الحكومة التدخل لكى تقوم بعمل توازن بين الحفاظ على الثروة الحيوانية والتوسعة فى مصانع الخشب المضغوط، وكل ذلك يستلزم استراتيجية شاملة متكاملة، خاصة وأننا مقبلون على عيد الأضحى وربما بعد ارتفاع أسعار التبن بهذا الشكل سنجد اسعارا جنونية للحوم الحمراء.
يمكن للحكومة ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد وحل الأزمة بقرار يمنع استخدام التبن تماما فى تصنيع الخشب المضغوط، والتركيز على مواد أخرى بديلة، كانت تمثل مشكلة بيئية للدولة المصرية مثل قش الأرز وأعواد الذرة وكانت هذه المواد تتسبب فى السحابة السوداء لأن المزارعين يعتبرونها غير ذات جدوى فيقومون بالتخلص منها من خلال الحرق وهذا كان يتسبب فى السحابة السوداء
وانا شخصيا اعتبر قرار منع استخدام تبن القمح فى تصنيع الخشب المضغوط مهم جدا للحفاظ على الثروة الحيوانية وأسعار اللحوم، وعلى الحكومة تقنين بيع التبن على طريقة توريد القمح حتى تتحكم فى الأمر وتوازن الأمور بين القطاع الزراعى والقطاع الصناعى
اللهم بلغت
[email protected]