اكد يانغ يي، القنصل العام لجمهورية الصين الشعبية بالإسكندرية علي انه في الآونة الأخيرة، أدلى الرئيس الأمريكي بتصريحات صادمة على وسائل التواصل الاجتماعي، حينما قال إنه على السفن الحربية والتجارية الأمريكية أن تُمنح حرية المرور مجاناً عبر قناتي بنما والسويس. كما ادعى أنه لولا الولايات المتحدة، لما وُجدت هاتان القناتان، وطالب وزير الخارجية روبيو بالتحرك فوراً بهذا الشأن. لقد ظهرت شريعة الغاب القائمة على البقاء للأقوى بشكل علني، إذ لم تخفَ ممارسات التنمر والتسلط بأي قناع. وقد أثارت تصريحاته فور صدورها ضجة كبيرة، وواجهت رفضاً شديداً من مختلف الأوساط في مصر.
في 7 مايو 2025، وخلال المؤتمر الصحفي الدوري لوزارة الخارجية الصينية، أكد المتحدث باسم الوزارة في رده على سؤال ذي صلة أن سيادة مصر وحقها في إدارة وتشغيل قناة السويس لا جدال فيهما. وأعرب عن دعم الصين الثابت للحكومة والشعب المصري في الدفاع عن السيادة والحقوق المشروعة، ورفضها لأي تصرفات وسلوكيات التنمر.
وقوف الصين بجانب مصر هذه المرة يذكرنا بموقفها النبيل والداعم منذ عام 1956، عندما استعادت مصر سيادتها على قناة السويس. ففي أكتوبر 1956، قام الغرب بشن هجوم غزوا مسلحا على مصر للسيطرة على القناة، مما أشعل الحرب الثانية في الشرق الأوسط. في ذلك الوقت، كانت جمهورية الصين الشعبية قد تأسست منذ وقت قريب، ولم تكد تخرج من مقاومة العدوان الأمريكي في كوريا، وكانت في بداية مرحلة إعادة البناء. ورغم ذلك، عندما حاول الغرب الاستيلاء على قناة السويس، وقف الشعب الصيني في العاصمة بكين متضامنًا مع الشعب المصري، ووقف بلا تردد إلى جانب مصر. وفي 10 نوفمبر 1956، بعث رئيس الوزراء الصيني تشو ان لاي برقية إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، قال فيها: “إن الحكومة الصينية والشعب الصيني يتخذان مختلف الإجراءات لدعم النضال الشجاع الذي يخوضه الشعب المصري وحكومته. وقد قررت الحكومة الصينية أن تقدم لمصر 20 مليون فرنك سويسري نقدًا كمنحة غير مشروطة، استجابةً لنداء حكومتكم.”
وفي النهاية، حققت مصر نصرًا كبيرًا في معركتها لاستعادة السيادة على قناة السويس، وأعلنت رسميًا تأميم القناة، وهو ما حظي باعتراف واسع من المجتمع الدولي.
في الوقت الحاضر، يشهد العالم تغيرات غير مسبوقة منذ قرن من الزمان، وتعمل دول “الجنوب العالمي”، بما في ذلك الصين ومصر، معًا نحو تحقيق التحديث، كما يزداد تأثيرها في الشؤون الدولية، وتتعاظم قوتها في دعم السلام والاستقرار العالميين والتنمية الاقتصادية. وفي ظل القيادة الاستراتيجية للرئيس شي جينبينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، تزداد العلاقات الصينية المصرية عمقًا، وتشهد العلاقات بين البلدين في أفضل مرحلة في التاريخ. يدعم البلدان بعضهما البعض، ويراعيان المصالح الجوهرية والانشغالات الكبرى لكل طرف، ويؤيدان جهود الطرف الآخر في حماية السيادة والأمن ومصالح التنمية. كما يرفضان الهيمنة والأحادية بشكل حازم، ويعملان معًا على مواجهة مختلف التحديات العالمية.
ويُظهر التاريخ والواقع بوضوح أنه في مواجهة سلوك التنمر والسلب، لا مجال للتراجع أو التنازل، فسياسة الاسترضاء لا تؤدي إلا إلى تشجيع المعتدي على التمادي. وحدها الوحدة والتعاون تمثلان الرد الأقوى. إن الدفاع المشترك عن مصالحنا يحمل دلالة أعمق في هذا العصر، وله أهمية ملحّة. وبهذا، يصعب على الهيمنة أن تنجح أو تستمر.
