كتب: عبدالقادر الشوادفي وصلاح طواله
عاد الهدوء والاستقرار إلى حي القنطرة البيضاء بمدينة كفر الشيخ، عقب اندلاع حريق هائل بأحد منازل المنطقة، نتيجة احتكاك في أسلاك الضغط العالي التي تمر فوق أسطح المنازل، والتي مضى على إنشائها أكثر من ستين عامًا. وقد أسفر الحريق عن اشتعال سطح أحد المنازل دون وقوع إصابات بشرية.
وفور اندلاع الحريق، الذي تكرر في مواقع مختلفة من الحي خلال الأيام القليلة الماضية وكذلك في العام الماضي، تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا عاجلًا، لتسارع قوات الحماية المدنية بدفع أربع سيارات إطفاء إلى موقع الحادث. وبفضل استجابتهم السريعة، تمكنت الفرق من السيطرة الكاملة على النيران وإخمادها خلال دقائق، دون تسجيل أي خسائر في الأرواح.
في إجراء احترازي، قامت الجهات المعنية بفصل التيار الكهربائي عن المنطقة فورًا، وشرعت فرق الطوارئ بشركة الكهرباء في إجراء فحص شامل لخطوط الضغط العالي المتضررة، بهدف الوقوف على أسباب تكرار مثل هذه الحوادث، واتخاذ الإجراءات الفنية اللازمة لتفاديها مستقبلاً.
الجدير بالذكر أن المنطقة ذاتها شهدت خلال الساعات الماضية سقوط أحد أسلاك الضغط العالي على منزل آخر، مما أدى إلى نشوب حريق في غرفة نوم وتسبب في خسائر مادية بمنزل مجاور، بينما لم يتم تسجيل أي إصابات بشرية في هذا الحادث أيضًا.
ويستحضر أهالي المنطقة ذكرى مأساوية وقعت في العام الماضي، حين تسبب انفجار مفاجئ في أسلاك الضغط العالي التي تمر فوق أحد منازل الحي في وفاة ثلاثة أشخاص: السيدة بسمة عبدالغني (28 عامًا)، وطفلها علي محمد رمضان (4 أعوام)، وشقيقة زوجها مي رمضان محمد (16 عامًا)، التي كانت قد تمت خطبتها قبل الحادث بأيام قليلة، ولفظت أنفاسها الأخيرة داخل العناية المركزة بعد ساعات من الحادث.
وقد وقع هذا الحادث المأساوي عندما كان الضحايا الثلاث جالسين أعلى سطح المنزل على السلم الخرساني، ليفاجأوا بانفجار مفاجئ في أسلاك الضغط العالي أدى إلى تفريغ شحنة كهربائية قوية أشعلت النيران وأودت بحياتهم في لحظات. وأمرت نيابة بندر كفر الشيخ حينها بدفن الجثامين وانتداب مهندس فني لمعاينة موقع الحادث والوقوف على أسبابه.
وسط هذا الواقع المؤلم، ناشد أهالي حي القنطرة البيضاء، ومن بينهم أحمد الشامي، وعلاء جمال الشرقسي، ورمضان محمد جمعة، وخميس مدحت الناصرة، الجهات التنفيذية والكهرباء ونواب البرلمان، بسرعة التدخل الفوري لتغيير أسلاك الضغط العالي المتهالكة، واستبدالها بكابلات أرضية أسوة بما جرى في مناطق أخرى، في محاولة لوضع حد لتكرار هذه الكوارث المؤلمة التي تهدد أرواح الأبرياء.
وأكد الأهالي أن شركة كهرباء كفر الشيخ تطالب بمبلغ 10 ملايين جنيه لتنفيذ هذا التغيير، متسائلين عن دور نواب البرلمان في هذه الكارثة الإنسانية. وطالب الأهالي النواب بتحمل مسؤولياتهم والضغط على وزارة الكهرباء لاتخاذ إجراءات حاسمة لحماية المواطنين من هذا الخطر الداهم، الذي تكرر مرات عديدة وأسفر عن عشرات الضحايا.
كما أوضح عدد من الأهالي أن تلك الكوارث لم تتوقف عند العام الماضي، بل سبقها في العام الذي قبله مصرع أحد عمال البناء وترك خلفه ثلاثة أطفال، كما أصيب ثلاثة أفراد من أسرة واحدة إثر تفريغ شحنة كهربائية على منزلهم بسبب وقوف صقر على الأسلاك، وكل ذلك وسط غياب واضح لتحركات مسؤولة من الجهات المعنية.
وتحدثت فاطمة محمد عبد العاطي، والدة الضحية مي رمضان، بأسى بالغ، قائلة: “ابنتي مي، 17 عامًا، كانت وحيدتي، وقد تمت خطبتها قبل الحادث بأيام فقط. سمعنا صوت انفجار مرعب، وهرعنا لنجد النيران تحاصرها هي ورفاقها فوق السلم. الأم بسمة وطفلها توفيا على الفور، بينما تم نقل ابنتي إلى المستشفى لكنها فارقت الحياة هناك. لا توجد صيانة لأسلاك الكهرباء المارة فوق منازلنا، ونحن مهددون في كل لحظة، دون أن نحصل حتى الآن على أي دعم مادي من المحافظة أو وزارة التضامن.”
وأشارت إلى عزمها رفع دعوى قضائية عاجلة ضد شركة الكهرباء، بسبب الإهمال الجسيم الذي تسبب في هذه الحوادث المأساوية المتكررة، في ظل تجاهل صريح لمناشدات المواطنين المطالبة بتغيير الأسلاك المتهالكة.
وفي ختام مطالبهم، جدد الأهالي مناشدتهم للواء دكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، والمهندس أحمد عيسى، رئيس مركز ومدينة كفر الشيخ، ووكيل وزارة الكهرباء، بسرعة التدخل، والعمل على استبدال أسلاك الضغط العالي بكابلات أرضية، حماية لأرواح الأبرياء الذين يعيشون يوميًا تحت رحمة خطر قاتل يمر فوق رؤوسهم.
















