حبا الله مصر ميزة رائعة، وهى توسطها بين دول العالم، فمصر على الخريطة بمثابة القلب فى جسم الإنسان والذى وهبه الله القدرة على ضخ الدم إلى كل أجزاء الجسم، واعتقد أن الاستعمار حاول الاستفادة من مصر وموقعها الاستراتيجي ونجح أكثر من قدرة المصريين أنفسهم على الاستفادة من هذه الميزة الربانية
مصر بهذا الموقع وهذه الميزة، من السهل أن تكون محطة استراتيجية ولوجستية ومركزا إقليميا للتحكم فى التجارة العالمية من الشرق إلى الغرب والعكس ومن الشمال إلى الجنوب والعكس، فقط الأمر يحتاج إلى فكر اقتصادى وعقليات قادرة على التخطيط والابداع، ودراسة حية وميدانية للأسواق حول العالم، مع جذب مستثمرين أصحاب خبرة وسمعة واسم فى عالم البيزنس، لإقامة مشروعات على الأراضى المصرية ليس فقط لاستغلال الموارد الطبيعية فى الأراضى المصرية فقط ولكن لإضافة قيمة مضافة لكل المنتجات التى تمر بمصر
هل تصدق أن حجم التبادل التجارى بين مصر ودول القارة الأفريقية لم يتعد ال١٠ مليارات دولار فقط، رغم أن مصر هى مفتاح القارة من ناحية الشمال، وقرب المسافة بين مصر ومعظم دول القارة السمراء من خلال شبكة طرق برية تربط كل دول الصحراء الكبرى توفر على اى مستثمر الكثير والكثير من مصاريف الشحن البحرية والتى تضطر من المرور عن طريق غرب القارة، كما أن طريق القاهرة كيب تاون المزمع إقامته والذى يربط مصر بجنوب افريقيا قاطعا القارة طوليا من الشمال إلى الجنوب يعد مثابة نقلة تجارية كبرى لصالح تنشيط التجارة مع دول القارة السمراء
الأسواق الأفريقية واعدة وتحتاج الكثير والكثير، وأيضا لديها الكثير والكثير لتقدمه لمصر وأيضا للعالم بالرغم من سيطرة المستعمر الحديث على الكثير من خيرات القارة، إلا أن خيرات أسواق القارة لا تنفذ، فقط تحتاج الفكر الاقتصادى
لى صديق عزيز وجار محترم من دولة الكاميرون ويدرس فى جامعة الازهر، قال لى كلاما عجيبا رغم أنه ليس متخصصا فى الاقتصاد، قال يوجد منتجات مصرية هنا رخيصة جدا بينما توجد فى الكاميرون بأسعار مرتفعة، مثل العبايات الحريمى – مثلا – وهناك منتجات فى الكاميرون رخيصة جدا وتباع هنا فى القاهرة بأسعار مرتفعة، مثل الموز – مثلا – لكن أكد أن الطريق البحرى طويل ومكلف ويرفع سعر السلع، فى حين أن الطرق البرية فى القارة خطرة وتعانى من سيطرة قطاع الطرق واللصوص، والاهتمام بالطرق البرية بين دول القارة يوفر الكثير والكثير خاصة بالنسبة للسلع التى تأتى من أوروبا.
فكر القيادة السياسية يسير فى هذا الاتجاه وهو جعل مصر مركزا إقليميا وعالميا ولوجستيا لكل دول العالم والعمل على إضافة قيمة مضافة لكل المنتجات المصرية وعدم تصديرها فى صورتها الاولى كمادة خام، ولكن الاهتمام بالتصنيع وبالتالى تشغيل الأيدى العاملة وإدخال عملة صعبة إلى قلب الاقتصاد الوطني، وهذا يحتاج إلى رؤية متكاملة وشاملة، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ودعمها ومساعداتها لتنجح وتربح وفتح الأسواق الأفريقية أمامها.
افريقيا هى العمق الاستراتيجى لمصر، كما أن تواجد مصر فى العمق الأفريقى هو فى حد ذاته قطع الطريق على دول أخرى تريد التسلل إلى القارة الأفريقية والتقليل من الدور المصرى وتصوير مصر على أنها لا تحب دول القارة وهذا غير حقيقى، كما أن تواجد مصر فى القارة هو فى حد ذاته رعاية ورقابة لمنابع نهر النيل فى قلب القارة السمراء وبالتالى كبح جماح أى قوة تريد التلاعب بحق مصر فى مياه نهر النيل
كما أن تواجد المنتجات المصرية فى دول القارة يزيد مكانة مصر التى بالفعل تحتل مكانة رائعة فى قلوب الأخوة الأفارقة، لما قدمته مصر سابقا لمعظم دول القارة ومساعدتها على الاستقلال، كما أن تسهيل الوصول إلى مصر عبر الطرق البرية الرخيصة يفتح المجال أمام الإخوة الأفارقة لزيارة مصر سواء للدراسة أو الاستثمار، والجامع الأزهر وجامعته يحتلان مكانة كبيرة لدى مسلمى القارة
كما أن استقبال المنتجات الأفريقية فى مصر وإضافة قيمة مضافة لها قبل إرسالها إلى أوروبا أو أى دولة فى العالم فيه مكاسب جمة على مستوى الاستثمار وتحفيز الاقتصاد
وهنا لا يجب تجاهل دور القطاع الخاص فى القيام بالدور الاكبر، والذى يستطيع أن يحقق استفادة كبرى من الاستثمار فى القارة السمراء وبالتالى إدخال العملة الصعبة إلى البلاد وزيادة معدلات التشغيل والقضاء على البطالة، والدولة لا تتأخر على كل مستثمر جاد فى الدعم والمساندة وقت اللزوم