بقلم ✍️ د.محمد الجوهري
(دكتوراه اصول التربية والتخطيط التربوي،أمين لجنة التعليم بحزب الجيل الديمقراطي)
في ظل التطورات التكنولوجية والاقتصادية التي يشهدها العالم وفي القلب منه مصر، لم يعد التعليم الثانوي مقصورا على المسار الأكاديمي التقليدي، بل أصبحت المدارس الفنية والتكنولوجية خيارا جذابا للعديد من الطلاب، خاصةً أولئك الذين يبحثون عن تأهيل عملي يضمن لهم فرص عمل فور التخرج.
حيث تتنوع المدارس الثانوية الفنية في مصر بين عدة أنواع، كل منها يركز على تخصصات معينة تلبي احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي، فبينما تقدم المدارس الصناعية تدريبا مكثفا في مجالات الميكانيكا والكهرباء والإلكترونيات، نجد أن المدارس الزراعية تهتم بتعليم الطلاب أحدث التقنيات في مجال الزراعة والري، بينما تخصص المدارس التجارية لشئون الافراد والعاملين والتشويق
الا ان المدارس الزراعية والتجارية تحتاج الى مزيد من التطوير لتواكب التغيرات وتناسب طبيعة المرحلة كما حدث في المدارس الفنية الصناعية.
أما المدارس التكنولوجية، فقد شهدت انتشارًا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث تقدم برامج دراسية متطورة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والميكاترونكس، والطاقة المتجددة، وهي مجالات تشهد طلبا متزايدا في سوق العمل المصري.
ووفقًا للإحصائيات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في مصر، فإن عدد المدارس الثانوية الفنية يتجاوز 2500 مدرسة موزعة على مختلف المحافظات، منها: المدارس الصناعية والاي تصل إلى نحو 1200 مدرسة، وتعد الأكثر انتشارًا , أما المدارس التجارية فيقترب عددها من 800 مدرسة ،والمدارس الزراعية بلغ عددها 500 مدرسة.
أما بالنسبة للمدارس التكنولوجية، فقد زاد عددها بشكل كبير في إطار خطة الدولة لتطوير التعليم الفني، حيث تم إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، والتي وصل عددها إلى أكثر من 50 مدرسة حتى الآن، وتقدم تخصصات مثل الذكاء الاصطناعي، البرمجة، وصيانة الطائرات.
وتختلف شروط الالتحاق بالمدارس الفنية والتكنولوجية في مصر حسب نوع المدرسة، لكنها بشكل عام تعتمد على مجموع الطالب في الشهادة الإعدادية، بالإضافة إلى اجتياز بعض الاختبارات أو المقابلات الشخصية في بعض المدارس المتقدمة مثل مدارس التكنولوجيا التطبيقية.
فعلى سبيل المثال، تتطلب المدارس الصناعية والتجارية والزراعية حصول الطالب على الحد الأدنى من المجموع الذي تحدده كل محافظة، بينما تشترط المدارس التكنولوجية مثل مدارس “p-Tech” أو مدارس “WE” للاتصالات درجات مرتفعة نسبيًا في مواد الرياضيات والعلوم، بالإضافة إلى اجتياز اختبارات القبول التي تقيس المهارات التقنية واللغوية.
وبالرغم من المميزات الكبيرة التي يوفرها التعليم الفني، لا يزال يواجه بعض التحديات، أبرزها النظرة المجتمعية التي تعتبره خيارًا ثانويًا مقارنة بالتعليم العام. كما أن بعض المدارس تعاني من نقص المعدات الحديثة، مما يؤثر على جودة التدريب العملي.
لكن في المقابل، فإن الدولة المصرية تعمل حاليًا على تطوير التعليم الفني بشكل كبير، حيث تم إطلاق مشروع “التعليم الفني 2.0” بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لتحسين البنية التحتية وتأهيل المعلمين. كما أن العديد من الشركات الكبرى تتعاون مع المدارس الفنية لتوفير فرص تدريب وتوظيف للخريجين، مما يضمن لهم مستقبلا وظيفيا واعدا.
وختاما فلم يعد التعليم الفني في مصر مجرد بديل للتعليم العام، بل أصبح طريقا ممهدا نحو فرص عمل ممتازة، خاصة مع توجه الدولة نحو التصنيع والتحول الرقمي. فالطلاب الذين يلتحقون بهذه المدارس يحصلون على مهارات عملية مطلوبة في سوق العمل، ويمكنهم أيضا استكمال دراستهم في الكليات التكنولوجية أو المعاهد العليا.
لذا، فإن على الطلاب وأولياء الأمور إعادة النظر في الصورة النمطية عن التعليم الفني، والاستفادة من الفرص الكبيرة التي يوفرها، خصوصا في ظل وجود دعم حكومي وشراكات مع القطاع الخاص تضمن مستقبلاً مشرقا لخريجي هذا المسار التعليمي المهم.














