لا أدرى فى أية لحظة بدأت محبتى للدكتور شاكر عبد الحميد ؟ وأول مرة بدأت معه أول حوار و تناغم إنسانى؟ أشعر بصدق كأننى أعرفه منذ أن بدأت العين تستقبل المحبين فى هذه الحياة، كأننا نعرف بعضنا قبل أن نكون على هذه الأرض و لم لا ؟ و الأرواح تعارفت و تقابلت قبل أن تنزل على هذه الأرض.
حين تقترب من الدكتور شاكر عبد الحميد تجد مساحات كبيرة خضراء من المحبة و الدفء الإنسانى المستقبل دائما بوجه بشوش و دائم البسمة،لن تشعر أنك مضطر إلى أن تتحفظ أو تفكر كثيرا أنك أمام قامة علمية أو إنسانية عالية و عليك أن تتسلح بشيء غير أن تكون إنسانا فقط،لا أكثر أو أقل. هذا الإنسان النبيل د شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق و الناقد المرموق فى سيكولوجية الإبداع و المترجم القدير لهذا العلم.
شرفت بالعمل معه فى لحظة تاريخية صعبة فى تاريخ مصر،حين استطاع تجار ثورة يناير من القافزين عليها و المنفلتين و الكذبة و الآفاقين و المدعين الثورة و غيرهم أن يحولوا البلد إلى لحظة إنفلات لكل الأشياء، ربما كان بعضهم مرتكز من فعل ثورى و ربما كان نبيلا فى معناه لكن تحول يوما بعد يوم لعمل هدد كيان الوطن كله.
كنت وقتها مديرا عاما لثقافة القليبوبية، و كان الانفلات و عدم النظام و التجاوز و قلة الأدب قد وصلت لمداها و قل ما تشاء لمن حولوا الفعل الثورى النبيل لسبوبة ثورية، شاء القدر أن تكون أول فعالية ثقافية تتم مع الصديق العزيز الشاعر محمد كشيك الذى كان يعمل وقتها رئيسا للادارة المركزية للدراسات و البحوث بالهيئة العامة لقصور الثقافة ، كانت الثورة وقتها على أشدها فى كل مكان ، و فجأة تحولت البلد كلها إلى ثوار و بلطجية و خارجين على القانون و الذوق و الأخلاق، و فى هذه الظروف أبلغنى الشاعر محمد كشيك أنه قدم الدعوة للدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الذى تولى يومها بعد استقالة الدكتور عماد أبو غازى ليحضر إفتتاح تلك الفعالية التى كانت عن سور مجرى العيون فى بنها،لم أكن أفهم العلاقة بين بنها و سور مجرى العيون، لكنها كانت الثورة التى لها من الاستثناءات ما تشاء!!
و وافق د شاكر أن يحضر حفل الافتتاح بقصر ثقافة بنها دون أن يفكر فى أية إجراءات أمنية رغم أن أحد الوزراء قد تعرض لمحاول إغتيال فى اليوم نفسة على الطريق الدائرى، و أبلغنى الشاعر محمد كشيك أن الوزير سوف يأتى، و هرعت كى أبلغ المحافظ وقتها الدكتور عادل زايد بالأمر كى تتخذ المحافظة الإجراءات الأمنية كافة قبل أن يتحرك الوزير كى لا يتعرض الرجل للخطر.
و بعد مشاورات اتصلت بمكتب الوزير و أخبرتهم أن المحافظة ليس لديها خبر و ليس هناك أية استعدادت أمنية لتأمين موكب الوزير و أخبرونى أخيرا أنه يعتذر عن الحضور بعد شرح الموقف و تنفست الصعداء خوفا على الرجل من أى خطر قد يتعرض له.
و ذكرت تلك الحكاية لكى أشير إلى بساطة و إنسانية الرجل، تلك الإنسانية التى لم تجعله يفكر لحظة فى أية خطر كى ربما يحيق به ، لم يفكر إلا فى تلبية دعوة صديقه محمد كشيك و سعد عبد الرحمن و دعم عملهما.
لم تكن تمر مناسبة ما دون أن نتحدث و نتهاتف و نتجاذب بعض أطراف الحديث فى العمل و بعض أمور الحياة ،و كان الحوار الأخير يوصنى بزميل أديب يريد أن ينقل من عمله إلى مكان آخر و شرحت له الوضع و تفهمه، و تم ما كان يريده من دعم للزميل و لا أدرى هل علم بالأمر أم لا، هل أبلغه صاحب المصلحة أم لا؟
كان الدكتور شاكر شيخ عرب المبدعين فى كل مكان فى مصر،لأنه كان قادرا على الوصول للإنسان داخل كل واحد منا فيحل له المشكلة دون جهد كبير،رحمه الله رحمة واسعة و غفر له و جعل من أسلوبه البسيط مدرسة إنسانية فى فن الإدارة.