بقلم ✍️ تسنيم عمار
(باحث ماجستير، نائب مدير المشروعات بالمنظمة العالمية لخريجي الأزهر)
في ظل التحديات المتزايدة في بيئات العمل والضغوط المستمرة التي يتعرض لها المديرون في مختلف مستويات الإدارة، باتت الصحة النفسية عنصرا أساسيا لتحقيق الأداء العالي والنجاح المهني.
تشير العديد من الدراسات الحديثة إلى أن نسبة تصل إلى 40% من الموظفين يعانون من ضغوط نفسية تؤثر على إنتاجيتهم، ما يجعل تبني استراتيجيات وقائية وعلاجية أمرًا لا غنى عنه.
يهدف هذا المقال إلى تقديم خطوات عملية مدروسة لتحويل الإرهاق النفسي إلى قوة إنتاجية تساهم في تحسين نتائج العمل.
من الطبيعي تبني ثقافة صحية في بيئة العمل؛ تبدأ رحلة التحول من الإرهاق إلى الأداء العالي بتعزيز بيئة عمل صحية ومستدامة. يحتاج المديرون إلى وضع سياسات واضحة تدعم الصحة النفسية وتراعي احتياجات الأفراد، حيث يشكل ذلك قاعدة متينة للنجاح المؤسسي.
لتطبيق ذلك بخطوات عملية، علينا القيام بالآتي:
١- تقييم البيئة الحالية: إجراء تقييم شامل للحالة النفسية للفريق من خلال استبيانات دورية ومقابلات شخصية. استنادًا إلى الإحصائيات، أظهر تقرير صدر العام الماضي أن 35% من المديرين يعتبرون ضغط العمل هو سبب رئيسي للإرهاق المستمر.
٢- وضع سياسات داعمة: صياغة سياسات واضحة تهدف إلى تقليل الضغوط النفسية، مثل مرونة ساعات العمل وتشجيع فترات الاستراحة. يجب أن تكون السياسات مصممة بحيث تلبي احتياجات الموظفين المختلفة.
٣- تعزيز ثقافة التواصل: تفعيل قنوات الاتصال المفتوحة بين الإدارة والموظفين لخلق بيئة يشعر فيها الجميع بالاستماع والدعم المتبادل.
لا يقتصر الحل على السياسات الوقائية فحسب، بل تتطلب مواجهة الإرهاق النفسي تبني استراتيجيات علاجية عملية يمكن تنفيذها على الفور.
لتطبيق ذلك بخطوات عملية، علينا القيام بالآتي:
١- تقديم الدعم النفسي: توفير جلسات استشارية مع متخصصين في الصحة النفسية داخل الشركة أو من خلال شراكات خارجية. يُذكر أن 25% من المؤسسات التي تعتمد برامج دعم نفسي شهدت انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الإرهاق.
٢- التدريب والتطوير: تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية تهدف إلى تطوير مهارات إدارة التوتر وتحسين تقنيات التنظيم الذاتي. من خلال التدريب المستمر، يمكن للمديرين استخدام أدوات عملية للتعامل مع الضغوط اليومية.
٣- إعادة تقييم الأولويات: مراجعة المهام وتحديد الأولويات بناءً على أهميتها وتأثيرها المباشر على الإنتاجية، مما يساهم في تقليل عبء العمل غير الضروري وتفريغ مساحة للتركيز على المهام الرئيسية.
ولإنجاح التحول النفسي والمهني، يجب اتباع نهج متكامل يجمع بين الإجراءات الوقائية والعلاجية. هذه الخطة تركز على تحويل الإرهاق إلى وسيلة لتعزيز الذات والتحفيز نحو الأداء العالي.
لتطبيق ذلك بخطوات عملية، علينا القيام بالآتي:
١- وضع أهداف واضحة ومحددة: على المديرين تحديد أهداف قصيرة وطويلة المدى ترتبط مباشرة بتحسين الصحة النفسية وزيادة الإنتاجية. استخدم تقنيات التعقب الدوري لتقييم التقدم وتحقيق النتائج المرجوة.
٢- تبني أسلوب الإدارة بالمثال: عندما يظهر المديرون اهتمامًا حقيقيًا بصحتهم النفسية، فإن ذلك يحفز الفريق على اتباع نفس النهج، مما يسهم في بناء ثقافة قوية تعتمد على الصحة والتوازن.
٣- تنفيذ قائمة مرجعية للتطبيق اليومي، تتضمن:
أ. تخصيص وقت يومي للاسترخاء لمدة 10 دقائق.
ب. مراجعة الأهداف والخطط اليومية كل صباح.
ج. تحديد أولويات المهام والتركيز على الأكثر أهمية.
ه. تخصيص فترات راحة قصيرة بين المهام لتجديد النشاط.
و. ممارسة نشاط بدني بسيط مثل المشي لتحريك الدورة الدموية.
ي. التواصل مع فريق العمل للتعبير عن الاحتياجات والدعم المتبادل.
٤- التقييم والمتابعة: يجب على المديرين إجراء تقييم دوري للنتائج والتعديلات اللازمة على الخطة لضمان استمرار التحسن.
في الختام، إن التحول من الإرهاق إلى الأداء العالي ليس مجرد هدف نظري بل هو عملية متكاملة تتطلب التزامًا وإرادة واضحة من قبل المديرين في مختلف المستويات. من خلال تطبيق الخطوات العملية الموضحة في هذا المقال – بدءًا من تحسين بيئة العمل وتبني استراتيجيات علاجية وصولاً إلى تنفيذ خطة عمل متكاملة مدعومة بقائمة مرجعية يومية، يمكن تحقيق توازن صحي ينعكس إيجابيا على الإنتاجية والنجاح المهني.
إن علاقه الصحة النفسية بالإنتاجية تعد من أهم القضايا الحالية في سوق العمل، واستثمارات بسيطة في هذا المجال يمكن أن تؤدي إلى نتائج عالية القيمة. باتباع التعليمات المدروسة وتنفيذ الخطوات المتسلسلة، سيكون للمديرين القدرة على تحويل الإرهاق إلى قوة دافعة نحو الابتكار والأداء العالي، مما يضمن استدامة النجاح والتقدم في بيئة عمل متزايدة التحديات.












