في زمن يعج بالمتغيرات وصراع الثقافات لا تتوقف ماكينة الحضارة الرأسمالية الغربية عن بث وتصدير سمومها الثقافية والعبث بفكر ووجدان شعوب المعمورة شرقا وغربا ، وقد تجاوز مرحلة الغزو ،وصولا للغرس الثقافي القيمي الشامل.
وبمنطق خذ من خليلك ما صفا ودع ما فيه الكدر،أتصورأن الخصوصية الحضارية تحتم علينا تنقية كل ما هو غربي ومستورد في العادات والقيم والأدبيات وعادات الإستهلاك وأنماط التعلم ، بل وفي إطلاق المسميات وربطها بالأشياء والمعاني، وأيضا تذهيب خريطة المعرفة الذهنية والإرتقاء بشجرة المفاهيم ، التي تسهم تدريجيا في تحسين التعلم والإدارك والتعرف علي الأشياء من خلال الرموز والرسوم والأشكال،وترسيخ القيم المتفردة.
وفي اعتقادي أن الحكمة والتعقل ومتطلبات الخصوصية الحضارية العريقة تدفعنا للحفاظ علي لغتنا ورموزها وهويتنا بما تحمله من رموز ودلالات ومقدسات ، بكل فخر وإعتزاز.
ومن صورالعبث الفكري والركوع الحضاري ، واستبدال تلك الخصوصية بمصطلحات ومفاهيم غربية، بدأت في استخدام مصطلحات ومترادفات غربية ولاتينية، علي حساب لغتنا العربية الثرية الجميلة ،وانتهت بالتقليد الأعمي لصيحات الموضة، وأنماط الاستهلاك المتصاعدة والترويج للسلاسل والماركات والعلامات التجارية العالمية ،وما ارتبط بها من عروض وتخفيضات تطل علينا كل عام بما يعرف ” بعروض البلاك فرايدي أو الجمعة السوداء” طوال شهر نوفمبر من كل عام ، والتي يعود تاريخها لما عرف في أمريكا قبل عشرات السنين وارتبط بالاحتفال بما بعد الشكر في الولايات المتحدة الامريكية، ويعود جذوره تاريخيا لعام 1869 حيث اشتعلت الأزمة الاقتصادية وما ارتبط بها من كساد ،وما تبعها من عروض ترويجية وتخفيضات.
أي سواد هذا معشر المنبهرين بتقاليع و”افتكاسات ” الغرب ولماذا اختاروا يوم الجمعة بعينه دون أيام الأسبوع.. ولماذا لم يختاروا السبت أو الأحداث باعتبارهما نهاية الاسبوع لدي كل الغربيين!!
ولو افترضنا منطق حسن النوايا والتسامح اللامحدود ورفض نظرية المؤامرة، فهذا لا يبرر بأي حال أن نسير وراءهم ،كما يسير القطيع دون تدبر وتعقل ودراية ، فغني عن الذكر مدي مكانة وقدسية”يوم الجمعة المبارك” عند المسلمين ، باعتباره عيدا أسبوعيا ومحطة استراحة إيمانية لا ينبغي أن نصفها بالسواد ونروج لمفاهيم وعادات وأدبيات غربية مستهجنه.
وقد أحسنت بعض المتاجر والشركات صنعا حين ، صححت المفهوم واستبدلته بما يسمي ” عروض الجمعة البيضاء” ، فقوبلت بالترحيب والاستحسان ، لكن البعض لايزال مصرا علي السير في غية وملازمة طريق الضلال والتقليد الأعمي مصرا علي استخدام مصطلح ” البلاك فرايدي”!!.
ومما يدعونا للأسي والأسف أن هناك عشرات المنصات والمواقع العربية والصفحات الإليكترونية التجارية تروج دون وعي، لهذا الفكر الغربي المارق ..يا سادة أوقفوا هذا العبث..وكفانا استخفافا بديننا وأدبياتنا وحضارتنا العريقة !!