منذ عقود طويلة ارتبطت قرية القابوطى في بورسعيد بصوت المطارق على الأخشاب ورائحة الزيوت والدهانات، حيث نشأت ورش صناعة المراكب الخشبية التي حملت صيادي المدينة عبر بحيرة المنزلة والبحر المتوسط. اليوم، تغيّرت الصورة: بعض الورش أُزيل وأخرى بدأت الانتقال شرقًا، وسط تساؤلات عن مستقبل هذه الحرفة التراثية.
القابوطى كان بمثابة “ترسانة شعبية” تخدم الصيادين، لكن مع حملات تطوير بحيرة المنزلة وإزالة العشوائيات، ضاق المكان بالحرفة. في المقابل، تستعد المنطقة الاقتصادية بشرق بورسعيد لتكون مركزًا جديدًا للصناعات البحرية، حيث البنية التحتية الحديثة، ومساحات أكبر، واشتراطات بيئية أكثر صرامة.
قال الحاج منصور السيد 62 سنة – صياد “إحنا عشنا عمرنا كله هنا، أي مركب يتكسر كنا نصلحه في القابوطى في يومين. دلوقتي الإصلاح بعيد ومكلف، مشوار شرق بورسعيد بيكلفنا قد ثمن التصليح نفسه.”
أشار عم صبحي ابراهيم صاحب ورشة “في شرق بورسعيد الورش أنضف وأوسع، لكن الإيجار عالي جدًا والإجراءات معقدة. إحنا صنايعية مش موظفين ورق.”
أضاف محمد رزق صياد شاب أنا ورثت مركب أبويا. آخر مرة رُحت أصلّحها هناك صرفت على الطريق أكتر من الشغل. لازم يكون في ورش قريبة من البحيرة.”
أما محمود الدسوقي شاب صنايعي فيقول اتعلمت المهنة من وأنا صغير، والمكان الجديد أحسن فعلًا، لكن المواصلات نار، نص المرتب بيروح على الطريق.”
حكى ميمى العجيب قصته مع ورش النجارة قال .. انا طول عمري باحب شغل مراكب الخشب وانا اتعلمتها لما رسبت فى سنة ستة خفت اروح بيتنا فى القابوطى ..ذهبت إلى منطقة اللبانة بالكنال الداخلى ففوجئت بالرجالة بتنزل منطقة مراكب الازق وقفت اتفرج واشتغلت معاهم واعطونى ثلاث جنيهات وبدأت رحلة الشغف عندى ..وأصبحت مساعد نجار بعد شهر من المناولة ..والاسطى الذى علمنى الصنعة المعلم العربي شحاته ..وطبعا بعد ماتم نقل الورش إلى شرق بورسعيد الناس تبعثرت فى كل مكان واكملت طريق النجارة بالبيوت
المشاكل التي تواجه أصحاب ترسانات صناعة وإصلاح السفن يقول صاحب ترسانة “بورسعيد مارين مهندس محمد الكتبى “كنا في بادئ الأمر متواجدين بمنطقة الحظائر بالقابوطي وانتقلنا عام 2004 إلى المكان الحالي، وأول مشكلة واجههتنا في المنطقة الجديدة هو تجهيز وإحلال الارض لأنها كانت سهل طينة لا تتحمل ابدا ثقل المعدات الأمر الذى كلفنا حوالى 2 مليون جنيه.. وعملنا ثلاث سنوات بدون كهرباء أو مياه حتى أدخلت الحكومة المرافق، كما نواجه مشكلة عدم الإحساس بالأمان، كوننا نستأجر الأرض من المحافظة، ونتمنى أن يتم إعطاؤها لنا بنظام حق الانتفاع حتى نشعر بالأمان
فى النهاية فإن النقل إلى شرق بورسعيد يمنح الورش فرصة أكبر للتوسع والالتزام بالمعايير البيئية، لكن على الجانب الآخر، الورش الصغيرة مهددة بالإغلاق بسبب ارتفاع التكاليف وبعدها عن مجتمع الصيادين.
تسهيل التراخيص والإيجارات في شرق بورسعيد. وتوفير دعم مالي وقروض ميسرة للورش الصغيرة. وإنشاء خطوط مواصلات مباشرة ومنخفضة التكلفة. وتخصيص نقاط صيانة قريبة من بحيرة المنزلة. وتوفير برامج تدريب للشباب للحفاظ على الحرفة.
بين القابوطى الذي يودّع ورشه وشرق بورسعيد الذي يستقبل صناعات جديدة، تقف صناعة المراكب الخشبية على مفترق طرق. إما أن تحظى بدعم يحافظ على هويتها الشعبية، أو تتلاشى تحت ضغط التطوير والتكاليف.














