»» هيثم الملاح: الإدارة العلمية للموارد المائية أكدت قدرة الدولة على تحويل التحديات إلى فرص تنموية
»» ما نعيشه اليوم ثمرة رؤية استباقية وإدارة استراتيجية
في مشهد يعكس كفاءة الإدارة المصرية وتكامل مؤسساتها، نجحت الدولة في تحويل فيضان نهر النيل هذا العام إلى مصدر دعمٍ للتنمية الزراعية والطاقة النظيفة، بفضل خطة علمية محكمة وضعتها وزارة الموارد المائية والري بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة، لمتابعة الموقف المائي على مدار الساعة وضمان سلامة المنشآت الحيوية.
وأكد الخبراء أن السد العالي وبحيرة ناصر يمتلكان قدرة استيعابية فائقة لأي تدفقات قادمة من أعالي النيل، مشيرين إلى أن السد العالي يظل أحد أعظم المنجزات الهندسية في التاريخ الحديث، ورمزًا لقدرة الدولة على التحكم الذكي في الموارد المائية.
من جانبه، قال هيثم الملاح، رئيس مجلس إدارة شركة وديان للتطوير الزراعي، إن ما تشهده مصر حاليًا من استقرارٍ في مواجهة فيضان النيل يُعد نموذجًا فريدًا في الإدارة العلمية والاستباقية للموارد المائية، ويعكس مدى جاهزية الدولة وقدرتها على تحويل التحديات المناخية إلى فرصٍ تنموية مستدامة.
وأوضح أن الحكومة المصرية نفّذت خلال الأعوام الماضية برنامجًا وطنيًا متكاملًا لتأمين المنظومة المائية ورفع كفاءتها التشغيلية، شمل:
• تطوير السد العالي ومفيض توشكى.
• رفع كفاءة القناطر الرئيسية في أسيوط وإدفينا وديروط.
• تأهيل وتبطين شبكات الترع والمصارف بمختلف المحافظات لزيادة كفاءة استخدام المياه وتقليل الفاقد.
وأشار الملاح إلى أن التعامل مع الارتفاع الأخير في مناسيب النيل تم وفق خطة تشغيل دقيقة تضمن سلامة المنشآت المائية، وتوزيع الفائض داخل الحدود الآمنة لبحيرة ناصر، في مشهد يعكس كفاءة التخطيط الحكومي ودقة التنسيق بين أجهزة الدولة.
أوضح الملاح أن الإدارة الرشيدة للفيضان أفرزت العديد من المكاسب المائية والزراعية، من أبرزها:
• تعزيز تغذية الخزانات الجوفية في وادي النيل نتيجة زيادة معدلات الترشيح الطبيعية.
• دعم مشروعات الاستصلاح الزراعي الكبرى في الصحراء الغربية، وفي مقدمتها مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي، الذي يعتمد على مزيج من المياه السطحية والمعالجة والجوفية.
• تحسين كفاءة منظومة الري وتغذية الأراضي الطرفية في الدلتا والصعيد، بما يعزز التحول نحو الزراعة الذكية المستدامة.
• زيادة إنتاج الطاقة الكهرومائية من السد العالي والقناطر الحديثة، ما يساهم في دعم قطاع الطاقة المتجددة وتقليل الضغط على الشبكة الكهربائية.
وأضاف أن الدولة تمتلك اليوم واحدة من أكثر المنظومات المائية تطورًا في الشرق الأوسط وإفريقيا، بعد دعمها بأنظمة رصد وإنذار مبكر متقدمة، وتشريعات حاسمة لحماية المجاري المائية، بالإضافة إلى مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه مثل بحر البقر والحمّام التي تُعد من أكبر النماذج العالمية في الإدارة الذكية للمياه.
واختتم الملاح بالتأكيد على أن ما تحقق هذا العام يثبت أن الاستثمار في البنية التحتية المائية هو استثمار في الأمن القومي ذاته؛ فبينما تحوّل الفيضان في بعض الدول المجاورة إلى أزمة، استطاعت مصر بفضل التخطيط الواعي والرؤية المستقبلية أن تحوله إلى رافدٍ للتنمية الزراعية ومصدر قوة اقتصادية، ومثال يُحتذى به في الإدارة الحديثة للموارد المائية.














