المكان خالي من كل شيء الا ذلك السراب القادم من بعيد، كلمات يتردد صداها في أركانه، تجلس منزوية على ضوء خافت وبجوارها كوب من القهوة تمتد يدها اليه ثم تعود مرة أخري للحظات! لا أعرف هل ارتشفت منه أم لا؟
اختلست نظراتي نحوها فأخذني بريق عينيها بعيداً في ابحار عميق فهل أغادر المكان أم اطلب من النادل كوباً أخر من القهوة لعل قهوتها باردة ؟ عاودت النظر اليها لتزيح أوهامي بعدما أصبح نومي يتنفس من حضرة اليقظة، وأصبح الماء لا يروي ظمئي، فلا تضيعي العمر يا صديقتي من الخوف كضياع الحب ، فالجمر دوماً يخدع النار ، والاوهام تقتفي الخطي ، وحين كشف الصوفي الهوي القاه صريعاً ، فنحن نصنع الخطايا ثم ننتظر المغفرة ، فيالوعة زليخة ، وصوت يوسف يزلزل أركان البئر ثم يألف الرحيل ، وحلاوة الوصل تمحو الآم الفراق فهلا قرأت كفك عند العراف ليخبرك من أنا ؟
كانت تلك الأحاديث تدورة في ذاكرتي وأنا انتظر أن تأتي اليّ بكوب قهوتها تضعه جانبي نحكي ثم ارتشف منه رشفتي الأخيرة بعدما ابصرت عينيها وتمنيت أن اكتب لها شعراً من رحيق كلماتي أو أسري بها بعيداً في ظلمة الليل باحثاً عن ظلي ، لكن نظراتها تلفها الاسرار والاحداث وامنياتي غمرها موج البحر فويل للعالم اذا انحرف فيه الشعراء والكتاب وتوارت كلماتهم خلف البلاغة والبيان تبحث عن قارئ يعانق حروفها بسحرها ويشعل أفق المجاز، فهل أظل رضيع عينها مسكونا بها دون حراك وشعاب الجبال تسيل على صدرها فيغلبني الظمأ …أم اذهب للعراف لعله في كفي كفها …فما اسوأ الاغتراب في عالم الصمت الذي يكبلني.














