في مشهد إنساني مهيب يعيد رسم ملامح السلم في صعيد مصر، شهدت قرية أبو حزام التابعة لمركز نجع حمادي بمحافظة قنا، اليوم الخميس، واحدة من أكبر المصالحات الثأرية في تاريخ المحافظة، بعدما طوت ثلاث عائلات صفحة الدم، وفتحت صفحة جديدة عنوانها التسامح والمحبة، بعد سنوات طويلة من الخصومات التي راح ضحيتها 10 أشخاص وأُصيب 7 آخرون.
جرت مراسم الصلح داخل المعهد الأزهري بالقرية، في حضور اللواء محمد حامد هاشم، مساعد وزير الداخلية مدير أمن قنا، والإعلامي مصطفى بكري عضو مجلس النواب، واللواء أحمد البدري مدير المباحث الجنائية، والعقيد عبدالله السنوسي رئيس فرع البحث الجنائي، والعقيد حازم الشيخ مأمور مركز نجع حمادي، والمقدم أمين طلعت رئيس مباحث المركز، إلى جانب القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية، ورجال الدين، وأبناء القرى المجاورة الذين احتشدوا لتوثيق لحظة تاريخية تجسد انتصار العقل على الثأر.
وشهدت المراسم تقديم عائلة الحميدات «القودة» إلى عائلة السعدية، وإتمام الصلح بين السعدية والقنادلة، لتنتهي بذلك سنوات من الدم والخصومة، وسط أجواء من التقدير والامتنان للجهود الكبيرة التي تبذلها أجهزة الدولة لترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق السلم المجتمعي في ربوع الصعيد.
كما تم تكريم أسر الضحايا والمصابين تقديرًا لموقفهم النبيل في إعلاء قيم التسامح ووأد الفتنة، وذلك تحت إشراف القيادات الأمنية والتنفيذية بالمحافظة، وبمشاركة الشيخ محمود عبد الهادي رئيس لجنة المصالحات، في حضور جماهيري ضخم غلبت عليه مشاعر الفرح والارتياح.
وخلال كلمته، عبر الإعلامي مصطفى بكري عن سعادته الغامرة بهذا الحدث التاريخي، مؤكدًا أن ما شهدته قرية أبو حزام اليوم هو نموذج مشرف يُحتذى به في التسامح والوعي المجتمعي، قائلاً: «هذه اللحظة تجسد إرادة أهالي أبو حزام في تجاوز الماضي وبناء مستقبل آمن لأبنائهم، وهو مشهد حضاري يعكس توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجهود اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في ترسيخ قيم السلم الاجتماعي والتنمية في الصعيد».
وأشار “بكري” إلى أنه تابع الأزمة منذ بدايتها عام 2021، حين شهدت القرية واحدة من أبشع الوقائع الثأرية، مؤكدًا أن الوصول إلى هذا الصلح التاريخي يُعد إنجازًا أمنيًا ومجتمعيًا كبيرًا، ورسالة أمل إلى كل قرى ونجوع الصعيد.
وأكد الحضور أن ما جرى في أبو حزام ليس مجرد صلحٍ بين عائلات، بل انتصارٌ لثقافة الحياة على منطق الثأر، وتجسيد عملي لقيم العفو التي دعا إليها الإسلام، مؤكدين أن روح التسامح التي سادت المراسم تمثل خطوة مهمة على طريق استقرار المجتمع ودعم مسيرة التنمية والبناء التي تشهدها الدولة المصرية.















