بقلم: مدحت الشيخ
(باحث في الشؤون السياسية والإجتماعية)
كل أكتوبر، تعود الذكريات لتطرق أبوابنا، ليست مجرد صفحات في كتب التاريخ، بل روح حية تسكن وجدان المصريين. النصر الذي تحقق على الأرض أصبح أكثر من حدث عابر، صار علامة محفورة في قلب كل مصري، يذكرنا بالصلابة والإرادة والتحدي أمام المستحيل.
لكن أكتوبر ليس مجرد ذكرى نحتفل بها مرة في العام. هو درس في الوحدة، في الصمود، وفي قدرة المصري على مواجهة أصعب الظروف. هو يعلمنا أن القوة ليست في الأسلحة وحدها، بل في الإرادة الجماعية، في اللحظة التي يقف فيها الشعب متكاتفًا متحديًا كل الصعاب.
النكبة ليست الانكسار، والانتصار ليس مجرد لحظة، بل سلسلة من الصبر والمثابرة والعزيمة. النصر الحقيقي هو الانتصار على الذات قبل أي عدو خارجي، والانتصار على اليأس قبل أي أزمة تواجهنا في حياتنا اليومية.
وفي كل يوم، نجد أثر أكتوبر في حياتنا: في المصري الذي يصبر على زحمة الطرق، وفي من يقف في الطابور الطويل دون أن ينسى الابتسامة، وفي الطالب الذي يكافح ويثابر ليصنع مستقبله، وكأن النصر الذي تحقق منذ عقود أصبح معيارًا يوميًا للصمود والعطاء.
أكتوبر يذكّرنا أن التاريخ لا يموت، وأن الانتصار الحقيقي يظل حيًا في وجدان المصريين، ليس فقط في يوم أو شهر، بل في كل لحظة نختار فيها الصمود، والعطاء، والأمل. ومن هنا، يصبح النصر أكثر من مجرد حدث، بل روح يكتسبها كل مصري ويعيشها في حياته، درسًا دائمًا في الإرادة، ووعدًا بأن القادم أفضل إذا حافظنا على وحدتنا وعزيمتنا.
وما يجعل أكتوبر خالدًا أيضًا هو أن الدروس التي يحملها تتجاوز الميدان والحرب، لتصل إلى حياتنا اليومية. كل تجربة صعبة نمر بها، وكل تحدٍّ جديد نواجهه، نستحضر إرادة المصريين في أكتوبر، ونتعلم أن التكاتف والعمل الجماعي هما سر النجاح الحقيقي. النصر ليس في الأعلام فقط، ولا في الشعارات الرنانة، بل في كل لحظة نثبت فيها أننا قادرون على مواجهة المصاعب وتحويلها إلى قوة دافعة نحو الأفضل.
وفي النهاية، أكتوبر ليس مجرد شهر على التقويم، بل حالة مستمرة من الصمود، درس حي لكل مصري بأن الإرادة والوحدة والأمل هي ما يصنع التاريخ، وليس مجرد الأحداث العابرة.














