(شينخوا) ـ في أواخر العام 2025، تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة انتقالية مضطربة، في بعض المناطق، حيث يخيّم غبار إعادة الإعمار على الأجواء، بينما يُسمع في مناطق أخرى دوي الطائرات المسيرة المتواصل، في الوقت نفسه ساد هدوء هش حيثما سادت هدنة السلام، ولكنه سيكون عصبيا ومتوترا وضعيفا.
كان هذا العام قد شهد إنهاء عدة صراعات كبرى، لكن السلام الحقيقي لم يتحقق بعد، وتركت هذه الصراعات آثارا غير مستقرة وغير متكافئة، حيث تُختبر قدرة الأفراد على الصمود في مواجهة تحولات جيوسياسية عميقة.
وأظهرت أرقام الأمم المتحدة أن أكثر من 11.8 مليون شخص نزحوا داخلياً في السودان، وأن 21.2 مليون شخص يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي.
هربت ثناء تاج السر من مسقط رأسها الفاشر مرورا بالطويلة، ثم إلى الأبيض وصولا إلى أم درمان، ووُجد والدها، الذي كان صحفيا ويبقى في الفاشر، مقتولا داخل منزله، ما يجسد هذه المأساة بكل تفاصيلها، قائلة إن “الفقد ليس فقط موت أبي، الفقد هو المدينة التي تركناها، البيت، الجيران، المدرسة، ذكرياتنا كلها”.
ويرى عبد الرزاق أن هذه اللحظات صنعت “وعيا جديدا” داخل المجتمع السوداني، مضيفا بالقول لـ(شينخوا) إن “الناس باتوا يدركون أن بقاء السودان كدولة يحتاج مشروعا أكبر من الولاءات التقليدية، كما أن الحرب غيّرت شكل المجتمع نفسه، أبرزت أن قيمة التكافل ما تزال أفضل طريقة لمواجهة أهوال النزاع”.
في المقابل، حافظت منطقة الخليج على استقرار نسبي، ويُعد “إنجازا بحد ذاته” بحسب عبد الله طالب المري، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة ((الراية)) القطرية، حتى مع الغارة الجوية الإسرائيلية المفاجئة على الدوحة في سبتمبر والتي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص على الأقل.
وما تزال المنطقة ككل تعاني من حالة عدم الاستقرار، كما أشار المحلل السياسي السوري فراس علاوي إلى أن سوريا تسعى إلى تحقيق “استقرار تدريجي” و”انتقال سياسي”، بينما يتأرجح لبنان المجاور.
أما اليمن، حسبما قاله الخبير اليمني في إدارة النزاعات مروان الشيباني، ما يزال يعيش في “هدنة معلّقة” و”سلام مؤجّل”، وفي وضع “لا حرب” و”لا سلام”، حيث امتد الصراع إلى ممرات الملاحة في البحر الأحمر مع الإبلاغ عن أكثر من 190 هجوما
— التفكك وإعادة الاصطفاف
أدى العام المضطرب إلى تسريع عملية إعادة المعايرة الاستراتيجية، وكشف عن رؤى مختلفة لمستقبل الشرق الأوسط.
وصف روي كبريك، رئيس قسم الأبحاث في مركز الأبحاث الإسرائيلي ((ميتفيم))، المنطقة بأنها “منطقة في مرحلة انتقالية” مع “عزلة إسرائيل”، بحجة أن النهج الأحادي القائم على القوة الذي تتبعه حكومتها قد عزلها عن الجهود الدبلوماسية الأوسع التي تركز على إقامة دولة فلسطينية.
وقد تجلى هذا العزل في ضربة الدوحة وتصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية، والذي يتصاعد ضد المبادرات الدبلوماسية مثل إعلان نيويورك المدعوم من الأمم المتحدة والذي تم تبنيه في سبتمبر.
في غضون ذلك، تجري عمليات إعادة اصطفاف أخرى. وقال علاوي إن المرحلة الانتقالية في سوريا تحظى بدعم حذر، وأشار كبريك إلى أن هجوم الدوحة دفع إلى تنسيق إقليمي غير مسبوق لوقف حرب غزة، ولاحظ الشيباني أن الملف اليمني أصبح جزءا من “سلة تفاوض أكبر” وليس ملفا مستقلا بذاته مع تعاظم وزن التفاهمات الإقليمية، خصوصا بين الخليج وإيران.
ويكمن وراء عملية إعادة الاصطفاف هذه فراغ مستمر في الحكم الفعال والعادل، وأشار قميحة وآخرون إلى الحاجة الماسة إلى “الحوكمة العالمية” و”الإطار القانوني الدولي” قوي لحماية السيادة وتوطيد الهدنات الهشة، مضيفا إلى أن الشرق الأوسط بحاجة اليوم ليس فقط للتهدئة، بل لبناء مؤسسات قوية وإصلاح اقتصادي شامل وضبط العلاقات الإقليمية والدولية ضمن إطار قواعد دولية واضحة”.
ولكن الوضع، يومياً من غزة إلى السودان، يمثل حلقة مفرغة قد تتوقف فيها الحرب مؤقتا، لكن الاستقرار يبقى بعيد المنال، على سبيل المثال، تشير اليونيسف إلى مقتل طفلين تقريبا يوميا في غزة حتى بعد سريان أحدث اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في أكتوبر الماضي.
وكما توضح قصص العام 2025، فلا يتطلب الطريق قدما وقف إطلاق النار فحسب، بل يتطلب أيضا إعادة تصور جذرية للنظام الإقليمي، أي نظام قادر على تلبية الأمل المتواضع والملحّ لأم لبنانية أو ابنة سودانية أو جدّ من غزة: إعادة البناء والعودة وعيش حياة طبيعية. الشرق الأوسط بمرحلة انتقالية مضطربة، في بعض المناطق، حيث يخيّم غبار إعادة الإعمار على الأجواء، بينما يُسمع في مناطق أخرى دوي الطائرات المسيرة المتواصل، في الوقت نفسه ساد هدوء هش حيثما سادت هدنة السلام، ولكنه سيكون عصبيا ومتوترا وضعيفا.
كان هذا العام قد شهد إنهاء عدة صراعات كبرى، لكن السلام الحقيقي لم يتحقق بعد، وتركت هذه الصراعات آثارا غير مستقرة وغير متكافئة، حيث تُختبر قدرة الأفراد على الصمود في مواجهة تحولات جيوسياسية عميقة.
وأظهرت أرقام الأمم المتحدة أن أكثر من 11.8 مليون شخص نزحوا داخلياً في السودان، وأن 21.2 مليون شخص يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي.
هربت ثناء تاج السر من مسقط رأسها الفاشر مرورا بالطويلة، ثم إلى الأبيض وصولا إلى أم درمان، ووُجد والدها، الذي كان صحفيا ويبقى في الفاشر، مقتولا داخل منزله، ما يجسد هذه المأساة بكل تفاصيلها، قائلة إن “الفقد ليس فقط موت أبي، الفقد هو المدينة التي تركناها، البيت، الجيران، المدرسة، ذكرياتنا كلها”.
ويرى عبد الرزاق أن هذه اللحظات صنعت “وعيا جديدا” داخل المجتمع السوداني، مضيفا بالقول لـ((شينخوا)) إن “الناس باتوا يدركون أن بقاء السودان كدولة يحتاج مشروعا أكبر من الولاءات التقليدية، كما أن الحرب غيّرت شكل المجتمع نفسه، أبرزت أن قيمة التكافل ما تزال أفضل طريقة لمواجهة أهوال النزاع”.
في المقابل، حافظت منطقة الخليج على استقرار نسبي، ويُعد “إنجازا بحد ذاته” بحسب عبد الله طالب المري، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة (الراية) القطرية، حتى مع الغارة الجوية الإسرائيلية المفاجئة على الدوحة في سبتمبر والتي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص على الأقل.
وما تزال المنطقة ككل تعاني من حالة عدم الاستقرار، كما أشار المحلل السياسي السوري فراس علاوي إلى أن سوريا تسعى إلى تحقيق “استقرار تدريجي” و”انتقال سياسي”، بينما يتأرجح لبنان المجاور.
أما اليمن، حسبما قاله الخبير اليمني في إدارة النزاعات مروان الشيباني، ما يزال يعيش في “هدنة معلّقة” و”سلام مؤجّل”، وفي وضع “لا حرب” و”لا سلام”، حيث امتد الصراع إلى ممرات الملاحة في البحر الأحمر مع الإبلاغ عن أكثر من 190 هجوما
— التفكك وإعادة الاصطفاف
أدى العام المضطرب إلى تسريع عملية إعادة المعايرة الاستراتيجية، وكشف عن رؤى مختلفة لمستقبل الشرق الأوسط.
وصف روي كبريك، رئيس قسم الأبحاث في مركز الأبحاث الإسرائيلي ((ميتفيم))، المنطقة بأنها “منطقة في مرحلة انتقالية” مع “عزلة إسرائيل”، بحجة أن النهج الأحادي القائم على القوة الذي تتبعه حكومتها قد عزلها عن الجهود الدبلوماسية الأوسع التي تركز على إقامة دولة فلسطينية.
وقد تجلى هذا العزل في ضربة الدوحة وتصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية، والذي يتصاعد ضد المبادرات الدبلوماسية مثل إعلان نيويورك المدعوم من الأمم المتحدة والذي تم تبنيه في سبتمبر.
في غضون ذلك، تجري عمليات إعادة اصطفاف أخرى. وقال علاوي إن المرحلة الانتقالية في سوريا تحظى بدعم حذر، وأشار كبريك إلى أن هجوم الدوحة دفع إلى تنسيق إقليمي غير مسبوق لوقف حرب غزة، ولاحظ الشيباني أن الملف اليمني أصبح جزءا من “سلة تفاوض أكبر” وليس ملفا مستقلا بذاته مع تعاظم وزن التفاهمات الإقليمية، خصوصا بين الخليج وإيران.
ويكمن وراء عملية إعادة الاصطفاف هذه فراغ مستمر في الحكم الفعال والعادل، وأشار قميحة وآخرون إلى الحاجة الماسة إلى “الحوكمة العالمية” و”الإطار القانوني الدولي” قوي لحماية السيادة وتوطيد الهدنات الهشة، مضيفا إلى أن الشرق الأوسط بحاجة اليوم ليس فقط للتهدئة، بل لبناء مؤسسات قوية وإصلاح اقتصادي شامل وضبط العلاقات الإقليمية والدولية ضمن إطار قواعد دولية واضحة”.
ولكن الوضع، يومياً من غزة إلى السودان، يمثل حلقة مفرغة قد تتوقف فيها الحرب مؤقتا، لكن الاستقرار يبقى بعيد المنال، على سبيل المثال، تشير اليونيسف إلى مقتل طفلين تقريبا يوميا في غزة حتى بعد سريان أحدث اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في أكتوبر الماضي.
وكما توضح قصص العام 2025، فلا يتطلب الطريق قدما وقف إطلاق النار فحسب، بل يتطلب أيضا إعادة تصور جذرية للنظام الإقليمي، أي نظام قادر على تلبية الأمل المتواضع والملحّ لأم لبنانية أو ابنة سودانية أو جدّ من غزة: إعادة البناء والعودة وعيش حياة طبيعية.













