بقلم: الكاتبة الروائية ھدى حجاجي أحمد
حين توقّف القطار فجأة، لم يكن العطل في المحرّك، بل في الجملة الأخيرة التي كان يقرؤها. أطبق سليم الكتاب بعصبية، كأن الكلمات هي من شدّت فرامل العالم. حوله، تذمّر الركّاب، تبادلوا نظرات القلق، وتساءلوا عن التأخير. وحده كان يعرف أنّ ما حدث ليس صدفة.
قبل دقائق، قرأ سطرًا يقول: «وفي اللحظة التي يقرّر فيها البطل الخروج عن دوره، يتجمّد كلّ شيء.»
ضحك يومها، ثم قال ساخرًا:
— لا أحد يخرج عن نصّه.
لكن القطار توقّف.
نهض سليم، تقدّم نحو الباب المغلق، ففتح بلا مقاومة. خارج العربة، لم يكن هناك رصيف، بل صفحة بيضاء تمتدّ بلا نهاية. خطا خطوة واحدة، فسمع همسًا خلفه:
— إن خرجتَ الآن، لن تعود كما كنت.
التفت، فلم يرَ أحدًا. أدرك فجأة أنّ حياته كلّها كانت تسير على سطور غير مكتوبة بيده: وظيفة لم يخترها، زواج لم يكتمل، خوف يتكرّر كفاصلٍ بين الفقرات. أغلق عينيه، ومشى.
عاد القطار للحركة. تنفّس الركّاب بارتياح. على المقعد الذي كان يجلس عليه سليم، بقي الكتاب مفتوحًا على صفحة جديدة، وفي أعلاها سطرٌ وحيد:
«هنا تبدأ الحكاية حقًّا، حين يخرج البطل خارج النص.»














