وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف ابني قواعد المجد وحدي ” كلمات كتبها شاعر النيل حافظ ابراهيم ونظمتها كوكب الشرق ام كلثوم قبل عشرات السنوات ليعاد وقعها اليوم في النفوس مع اعادة احياء اكبر واقدم طريق ملكي وديني في العالم وهو طريق ” المواكب ” المعروف بإسم طريق الكباش .
المساء رصدت رحلة بناء الطريق الذي يربط بين معبدي الكرنك والأقصر مرورًا بمعبد موت، ويبلغ إجمالي أطواله 2700م. ويتكون الطريق من رصيف من الحجر الرملي تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس كبش (أحد الرموز المقدسة للمعبود آمون) في المسافة بين الصرح العاشر بالكرنك حتى بوابة معبد موت . ويعد طريق الكباش أقدم أثر أقيم على أساس دينى قبل الاف السنين وشارك معظم ملوك مصر القدماء فى إنشائه طوال اكثر من 1500 عام، ليحكى تاريخ أعظم حضارة عرفها الإنسان، ويربط بين أكبر معابد مصر الفرعونية، وهى مجموعة معابد الكرنك ومعبد الأقصر الذى يعد واحدا من أجمل المعابد الفرعونية والطريق يبلغ طوله 2700 مترا وعرضه 36 مترا ويصطف على جانبيه يوم إنشائه 2300 تمثالا على شكل أبو الهول، يبلغ طول التمثال الواحد 5 أمتار وإرتفاعه مترين و75سم ووزنه 5 أطنان.
يقول الدكتور مصطفي وزيري امين المجلس الأعلي للأثار انه قد تم تشييد هذا الجزء من الطريق خلال عصر الأسرة الثامنة عشرة بداية من الملك امنحتب الثالث ، ثم قام الملك نختنبو الأول من ملوك الأسرة الثلاثين بتشييد الجزء المتبقي من الطريق الذي تتراص على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول برأس آدمية، وتتخلل قواعد التماثيل أحواض زهور دائرية مزودة بقنوات صغيرة استخدمت في توصيل مياه الري للأحواض. وقد تم إضافة بعض الملحقات للطريق في عصور مختلفة، مثل: استراحات للزوارق، ومقياس للنيل، ومعاصر للنبيذ المستخدم في الاحتفالات الكبرى التي كانت تقام على الطريق مثل أعياد الأوبت وعيد الوادي الجميل وغيرها، وحمامات وأحواض اغتسال، ومنطقة تصنيع فخار، ومخازن لحفظ أواني النبيذ.
اشار الي ان أعمال الحفائر بالطريق بدأت في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين بواسطة الأثري زكريا غنيم، تبعه د/ محمد عبد القادر الذي اكتشف بداية الطريق عند معبد الأقصر في الخمسينيات، ثم قام د/ محمود عبدالرازق بالكشف عن أجزاء من الطريق عند معبد الأقصر خلال حقبة الستينيات. وبعد فترة توقف قام د/ محمد الصغير بالكشف عن أجزاء مختلفة من الطريق في منتصفه وعند بدايته بجوار معبد الكرنك خلال الثمانينيات والتسعينيات حتى بداية الألفية الثالثة. تلاه د/ منصور بريك الذي قام بالكشف عن باقي أجزاء الطريق خلال الفترة من 2006م حتى 2011م إلى أن توقف العمل بعد ثورة يناير لنقص الاعتمادات المالية وفي 2017 تم استئناف العمل مرة أخرى للكشف عن باقي أجزاء الطريق تمهيدًا لافتتاحه للزيارة، وفي عام الحالي يقول وزيري انه م اكتشاف 3 رؤوس كباش جديدة .
اللواء دكتور سمير فرج محافظ الأقصر الاسبق يقول ان اعادة احياء طريق الكباش هو المشروع الأكبر، والأشهر، بين مشروعات خطة التنمية الشاملة لتطوير الأقصر، لم تقتصر شهرته على مصر فقط، وإنما امتدت شهرته للعالمية، وخاصة بين أوساط المثقفين والأثريين. وتقوم فكرة مشروع إعادة فتح طريق أبو الهول، المعروف باسم طريق الكباش، على الكشف عن الطريق، الذي كان يربط بين معبدي الأقصر والكرنك، لتسير به المواكب المقدسة للملوك، والآلهة، في احتفالات أعياد الأوبت، من كل عام، في عهد الفراعنة، منذ آلاف السنين. كان الملك يسير على ذلك الطريق، متقدماً علية القوم، من الوزراء، وكبار الكهنة، ورجال الدولة، خلف الزوارق المقدسة، التي كانت تحمل تماثيل الآلهة، بينما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق، يرقصون، في بهجة وسعادة، احتفالاً بالعيد المقدس.
اشار الي انه بمرور الأعوام، والقرون، واختفت معظم معالم هذا الطريق المقدس، وظهرت بدلاً منه بيوت ومنازل عشوائية، وأراضي زراعية، لتحجب عنا، واحداً من أهم، وأجمل، الطرق الأثرية في العالم، وتدفن تحتها تلك التماثيل المقدسة عن الفراعنة، لتدمرها مياه ري الزراعات، ومياه الصرف الصحي، التي كانت تغمر تلك التماثيل القابعة أسفلها، لتكون شاهداً للعالم على عبث الحضارة الحديثة، وما صنعته بتراث وتاريخ الأجداد.
وحكي محافظ الأقصر الاسبق خطة التنمية الشاملة لتطوير الأقصر، ومشروع إعادة فتح طريق الكباش، أحد أهم مشروعاتها مؤكدا انه ترك الطريق في عام 2011، عندما ترك منصبه كمحافظ للأقصر، وقد أنهي 95% من أعماله، الذي امتد العمل به طوال فترة وجوده بالأقصر منذ عام 2004. ونظراً لضخامة المشروع، وما كان يتطلب العمل به من أعمال إزالة، وصلت إلى ما يزيد على أربعمائة مبنى، فقد تم تقسيم العمل به إلى أربع قطاعات:
القطاع الأول:
طوله 375 متر، ويبدأ من معبد الأقصر، حتى مبنى المحكمة الوطنية، وقد بدأ العمل، بالفعل، في هذه المنطقة في يناير 2005، بالجزء الواقع أمام مركز شرطة بندر الأقصر، بحديقة الخالدين، وتم الكشف عن العديد من قواعد التماثيل، إلى جانب رؤوس التماثيل الملكية، والتي تؤكد أن الذي قام بإنشائه الملك نختنبو الأول، من الأسرة الثلاثين المصرية.
القطاع الثاني:
طوله 500 متر، ويبدأ من مبنى المحكمة الوطنية، حتى شارع المطحن، وهي المنطقة الأكثر كثافة، من حيث الكتلة السكنية، لذلك بدأ العمل بها متأخراً، لحين تعويض المواطنين عن منازلهم، وبناء منازل جديدة لمن يرغب في الحصول على بديل عيني، وليس بديل مادي، وكذلك إنشاء مبان بديلة للمباني الحكومية، الواقعة في ذلك القطاع، ومن بينها مبنى المحكمة ومدرسة.
القطاع الثالث:
طوله 650 متر، ويبدأ من شارع المطحن، أو تحتمس، حتى بداية شارع المطار، ويعد هذا القطاع جزءاً هاماً من مراحل العمل في فتح الطريق، وهو القطاع الذي بدأ العمل به مباشرة، فور الانتهاء من المرحلة الاسترشادية، التي بلغت 200 متر، نظراً لكونه أراضي زراعية، خالية من المباني، وقد أسفرت أعمال الحفائر، بهذا القطاع، عن الكشف عن عشرة تماثيل لكباش، فوق قواعدهم، إلى جانب العديد من رؤوس التماثيل، التي تم ترميمها علمياً، كما تم الكشف عن مباني من العصور الرومانية، كان من بينها أقدم معصرة نبيذ في عصر البطالمة.
القطاع الرابع:
طوله 425 متر، يبدأ من طريق المطار، حتى بوابة خنسو، بمعبد الكرنك، ويمثل القطاع الأخير للعمل بالمشروع.
ونظراً لأهمية، وضخامة، المشروع، الذي يعد واحداً من أكبر المشروعات الحضارية في العالم، فقد استلزم تضافر جميع الجهات المعنية، للتمكن من تنفيذه، لذلك تم عرض المخطط الخاص بالمشروع، على اللجنة العليا لتطوير الأقصر، وكانت أولى تحدياتها هو تدبير التمويل اللازم لأعمال الكشف، ولتعويضات الأهالي، وتم الحصول على التمويل اللازم لبدء المشروع، من الاتحاد الأوروبي.
محمد عثمان رئيس لجنة التسويق السياحي اكد انه عقب ثورة يناير توقف العمل بالمشروع لنقص الاعتمادات المالية الا ان الرئيس السيسي اعطي قبلة الحياة لاستئناف العمل بالمشروع حيث جاهدت وزارة الاثار و المحافظون في الفترة من 2011 وحتي 2017 لاستكمال المراحل المتبقية منه ففي عام 2013 تمكن السفير عزت سعد بالتعاون مع وزارة الاثار من تنفيذ مشروع اضاءة ما تم اكتشافه من الطريق وفي عامي 2014 و 2015 نجح اللواء مهندس طارق سعد الدين في انشاء عدد 2 كوبري بتكلفة 50 مليون جنيه اعلي الطريق لفتح مساره وفي عام 2017 اعلن وزير الأثار عن استئناف العمل بالطريق وتم التنسيق مع محافظ الأقصر في ذلك الوقت محمد بدر لفتح اخر مسار في الطريق وتم بذل جهود كبيرة لتطوير الطريق وتزيينه، وفي العام الحالي تمكن وزير السياحة والأثار والمحافظ المستشار مصطفي ألهم بالتنسيق مع الاجهزة المعنية من ازالة منازل نجع ابو عصبة وتعويضهم وازالة مبني قصر ال اندراوس ليتم كشف معالم الطريق بالكامل وتتأهب الأقصر للافتتاحه .
المستشار مصطفي ألهم محافظ الأقصر حكي خطة تطوير الأقصر مؤكدا ان الامر لم يتوقف عند المشروع الأصلى وهو إعادة كشف طريق الكباش بل كانت خطة التطوير تسير جنبا إلى جنب مع تطوير البنية التحتية وتطوير الخدمات، بتوجيهات الرئيس السيسى وبدأ العمل بتنفيذ خطة لتجديد الهوية البصرية لطريق الكباش، ضمن رؤية فنية تستهدف إضفاء هوية موحدة لمدينة الأقصر بكاملها، باعتبارها مدينة سياحية ومقصدا سياحيا بارزا، مع تنفيذ أعمال الإنارة على جانبي الطريق بما يتيح الزيارة ليلاً، إلى جانب استكمال أعمال الرصف والتشجير حتى نهاية طريق الكباش، على النحو الذي يحقق المظهر الحضاري المميز لهذا الموقع الأثري.
واشار الي انه تم تزيين المحافظة السياحية وذلك استمرارا لمشروعات التطوير السابقة التي شملت مشروع الكورنيش العلوي والسفلي وتطوير 4 ميادين رئيسية وحديقة الطفل وتطوير ساحة سيدي أبو الحجاج وشارع السوق السياحي، ومشروع إنشاء مرسى سياحي جديد ومرسى معدية الأهالي وضم عدد 2 عبارة نهرية جديدة ومشروع إعادة إنارة جبل القرنة بالبر الغربي، وغيرها من مشروعات التطوير الأخرى.
واضاف أنه تم طلاء واجهات اكثر من 2000 منزلا بالمناطق المستهدفة داخل مدينة الأقصر، كما تم تنفيذ اكثر من 8 الاف أعمال بردورات وتنفيذ 3 الاف متر انترلوك والانتهاء من اعمال الرصف .
كما تم تنفيذ أعمال تطوير عدد 2 ميادين هما ميدان النافورة وميدان مدخل المطار وتنفيذ عدد 2 نافورة بنسبة تنفيذ وهما نافورة المطار ونافورة ميدان الملك عبدالله، كما تم تشجير 5 طرق وهم طريق المطار والكباش ومعبد الكرنك والتماسيح ومكتبة الأقصر والكومنولث وميدان الملك عبدالله كما تم إضافة إنشاء عدد 2 ميدان آخرين بطريق المطار بالزراعات والإضاءة وطرق الري الحديثة، وتجميل وتزيين ميادين المدينة حتى تواكب ذلك الحدث الهام والمرتقب.
وأكد ألهم، على أن تلك الأعمال الضخمة تأتي في ضوء اهتمام السيد رئيس الجمهورية بهذا المشروع القومي وتنفيذاً لتوجيهات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، كما وجه المحافظ الشكر للهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة الطرق والجهاز المركزي للتعمير ممثلا في اللواء محمود نصار رئيس الجهاز، والمهندس حسني منصور رئيس فرع الجهاز بالبحر الأحمر على سرعة تنفيذ كافة المشروعات الجارية وطبقا للمواصفات القياسية