أيمن عبد الجواد
أكدت جواهر النقبي مديرة المركز الدولي للاتصال الحكومي، التابع للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة أن العلاقة الشفافة القائمة على أسس راسخة من الثقة والمصداقية مع الجمهور، باتت تحدد قدرة المؤسسات والحكومات على البقاء والاستمرار في أداء وظيفتها، خاصةً بعد التحول الكبير الذي أحدثته وسائل التواصل والتقنيات الحديثة في ساحة الرأي العام والذي يتمثل بدرجة أساسية بتعدد مصادر المعلومات المتاحة للجمهور.
وأشارت النقبي إلى أن الدورة العاشرة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي والتي ستعقد يومي 26 و 27 من سبتمبر القادم، ستعيد تقييم مبادئ الاتصال الحكومي على ضوء التجربة السابقة، وستدفع نحو تبني منهج الاستراتيجيات المرنة، وذلك عبر استضافة صناع قرار ومختصين كان لهم دور مؤثر في مسيرة الاتصال عالمياً.
وأوضحت النقبي إلى أن عملية الاتصال الناجح، وبشكل خاص الاتصال الحكومي، ليس مجرد ردات فعل على ما تفرزه الحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في بلد ما، بل يجب أن يتحول إلى عملية مدروسة وممنهجة تستند لجملة من القواعد والضوابط التي تمنح الاتصال قدرته على التأثير الإيجابي في رأي الجمهور، مع مراعاة أهمية الإبداع والابتكار التي تعزز مرونة وتأثير القواعد الأساسية للاتصال.
الاعتماد على الدراسات
واعتبرت النقبي، أن أولى القواعد الأساسية للاتصال الناجح، هي اعتماد منهجيات واستراتيجيات، تمنح عملية الاتصال عوامل النجاح ودوافع الاستمرار، إلى جانب استخدام الدراسات التي تتناول الحالة المزاجية للجمهور واحتياجاته وتطلعاته ومستويات الثقافة والتعليم والفئات العمرية في البلد، مشيرة إلى أن كل عمل ناجح يستند إلى دراسات وتوقعات مسبقة، وأن الاتصال الحكومي لا يتعامل مع فئة أو حالة أو حادثة واحدة، بل يعد عملية مركبة ومتشعبة تتناول الكثير من القضايا المتداخلة في ذات الوقت، ما يستوجب أن يتم التعامل معه كعلم واسع ومنظومة متكاملة، وليس مجرد ممارسة مهنية عادية.
اتصال مؤثر
وفي ظل تعدد وسائل الاتصال ومصادر الحصول على المعرفة، أكدت النقبي أهمية اختيار الوسيلة السليمة للوصول إلى فئات معينة للجمهور، مشيرة إلى أن فرق الاتصال الحكومي قد تواجه صعوبة في الوصول إلى جمهور الشباب واليافعين، على سبيل المثال، عن طريق البيانات المكتوبة في الصحف والمجلات كونهم يتابعون بالأساس وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وانستغرام وغيرها من المنصات الحديثة، ويهتمون بالطرق غير التقليدية في تقديم المعلومات، منوهة في هذا المجال إلى أهمية أن تكون المؤسسات الرسمية والمتحدثين الرسميين حاضرين وبقوة على وسائل التواصل الاجتماعي سواء من خلال حسابات المؤسسات والهيئات أو من خلال حساباتهم الشخصية.
وكشفت مديرة المركز الدولي للاتصال الحكومي أن ثورة التقنيات وضعت العالم أمام حقائق جديدة لا يجوز تجاهلها وفي مقدمتها حقيقة أن وسائل التواصل الحديثة أنتجت ما تسمى بظاهرة المؤثرين الذين يتمتعون بجمهور يصل إلى مئات الآلاف والملايين من المتابعين، مناشدة فرق الاتصال الحكومي مواكبة هذه الظاهرة والعمل على تحويل المتحدثين الرسميين في مؤسساتهم إلى مؤثرين حقيقيين في ساحة الرأي العام.
أدوات قياس الرأي العام
أما القاعدة الثالثة التي تناولتها النقبي فهي ضرورة تبني واستحداث أدوات لقياس الرأي العام والتعرف على أمزجة الجمهور، واعتبرت أن توجيه الخطاب للجمهور بدون معرفة دقيقة بالرأي العام ومزاج الفئة المستهدفة وتوقعاتها، يعد مغامرة مجهولة النتائج، فالرسالة الموجهة، بحسب النقبي قد لا تحدث الأثر المتوقع إلا إذا قدمت بطريقة ولغة ولهجة معينة تناسب المزاج العام السائد في تلك المرحلة.
ومن أجل تجسيد هذه القاعدة، أكدت أهمية إشراك متخصصين في مجالات العلوم الإنسانية والسلوكية والاقتصادية والاجتماعية إلى جانب خبراء في جمع وتبويب وتحليل البيانات في فرق الاتصال الحكومي، الأمر الذي يمنحها الأدوات اللازمة لفهم وتحليل الرأي العام ووضع المنهجيات المناسبة لكل عملية اتصال.
الحوار الدائم مع المؤسسات
“العلاقة من خلال منصات التواصل مهما كانت مدعومة بالعلوم والأدوات، لا تكفي وحدها للتعرف على الجمهور وتعزيز العلاقة بينه وبين المؤسسات والهيئات الرسمية” بهذه الكلمات بينت جواهر النقبي أهمية القاعدة الرابعة للاتصال الحكومي الناجح، وهي العلاقة المباشرة القائمة على الحوار المتواصل مع مؤسسات المجتمع التي تمثل جميع الفئات بتصنيفاتها المختلفة.
وأوضحت أن الحوار مع مؤسسات المجتمع يعد من أبرز وسائل الاتصال الناجح لأنه يعزز الشراكة الاجتماعيّة في تحقيق أهداف الاتصال الحكومي ويقرب المسافة بين المسؤول وجمهوره، إلى جانب كونه الوسيلة الأنجح للوصول إلى وجدان الجمهور وخلق انطباعات إيجابية لديه حول الممارسات الحكومية للهيئات والمؤسسات، فالجمهور كما وصفته النقبي في هذا السياق، يميل دوماً إلى الرغبة في التعرف مباشرةً على المسؤولين إلى جانب أنه يتأثر بشكل كبير بسماتهم الشخصية.
أقصر الطرق لكسب الجماهير
“من الصعب بناء الثقة وإثباتها، ولكن من السهل فقدانها” هذه المقولة التي يتفق عليها الكثيرون من الفلاسفة والحكماء، تؤكدها جواهر النقبي كواحدةٍ من أهم قواعد النجاح في الاتصال الحكومي، واشارت إلى أن بناء الثقة بفرق وإدارات الاتصال الحكومي لا يجب أن ينفصل عن مساعي بناء الصورة العامة للدولة والمجتمع كون المؤسسة الرسمية تشكل أحد أهم ركائزهما، وأوضحت أن الخلل الذي قد يطرأ على ثقة الجمهور بالاتصال الحكومي يؤدي بالنتيجة إلى علاقة سلبية بين الحكومات ومجتمعاتها، مما يؤثر في قدرة الحكومات على إدارة الإتصال في أكثر الأوقات حساسيةً وهي أوقات الأزمات.
وبينت أن بناء الثقة بالاتصال الحكومي، عملية طويلة وتراكمية، تبدأ بالتمسك الدائم بالمصداقية والشفافية والانفتاح على الرأي العام، وتتطلب التخطيط المسبق وعدم التسرع أو الارتجال من قبل فرق وإدارات الاتصال الحكومي، وكشفت أن سر الاحتفاظ بثقة الجمهور هو انحياز المؤسسات الرسمية الدائم لمصالحه وتطلعاته، بحيث تصبح المصلحة العامة هي البوصلة التي تقود الاتصال الحكومي في كافة المحطات والمراحل.
الشراكة مع الإعلام
في سياق حديثها عن القاعدة السادسة، تناولت مديرة المركز الدولي للاتصال الحكومي دور الإعلام المحلي والعالمي في دعم سياسات وتوجهات الحكومات التي تعبر عن مضمونها من خلال الاتصال الحكومي، وشددت على أهمية إيجاد الصيغ المناسبة لبناء علاقات استراتيجية مع الإعلام والإعلاميين، مشيرة إلى أن هذه العلاقات تعزز قدرة الحكومات في الوصول للجمهور وتسهم في تنويع منصات تواصلها معه.
ونوهت إلى أن مهمة ترسيخ الشراكة مع الإعلام أصبحت أكثر أهمية في هذه المرحلة، فالإعلام إما أن يكون شريكاً أو يكون نداً ومنافساً للمؤسسات الحكومية، وهذه الحالة الأخيرة تتسبب في إرباك الجمهور نتيجة تضارب وتعدد مصادر حصوله على المعرفة.
وأوضحت أن الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة يمتاز بالوعي بمصالح الوطن والالتزام بتطلعات المجتمع وأنه رسخ مكانته شريكاً تنموياً للمؤسسات الحكومية منذ بدايات مسيرة الدولة، مما دعم التوجهات العامة والرؤى المستقبلية المشتركة وجعلها موجهاً للعمل الإعلامي وللاتصال الحكومي على حد سواء.
الدورة القادمة استثنائية
ودعت النقبي أعضاء المؤسسات الحكومية والخاصة والإعلامين والمهتمين بالاتصال الحكومي وبما أفرزته تجاربه التاريخية وكيفية الاستفادة منها لتحقيق تطلعات المجتمعات، إلى حضور الدورة العاشرة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي والتي ستعقد بتنظيم المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة تحت شعار “دروس الماضي، تطلعات المستقبل” يومي 26 و27 سبتمبر المقبل، مؤكدة أنها ستكون دورة مميزة في محاورها وفي مستوى المشاركين وأنها ستقف عند أبرز محطات الاتصال الحكومي التاريخية لتستخلص منها العبر لتعزيز قوة الإتصال وترسيخ دوره في قيادة مسيرة المجتمعات نحو المستقبل والتنمية المستدامة.