قال المستشار بهاء المري، رئيس محكمة جنايات المنصورة، مؤلف كتاب «أدب القضاء.. هكذا ترافع العظماء»، إنه نشأ على حب القراءة والأدب بفضل تشجيع والدته، وكان حريصا على زيارة المعارض ودور النشر، وكان يحفظ مرافعات لمكرم عبيد وإبراهيم الهلباوي منذ طفولته وتمنى أن يصبح محاميا، وبدأ الكتابة وهو في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وشارك في مجلة الكلية وإصدارات قصور الثقافة بكتاباته الأدبية.
أوضح المري، أنه كتب موسوعته «هكذا ترافع العظماء من أجل الكتابة فقط والإبداع، لافتا إلى أن الكليات المتخصصة في الدراسات الأدبية لا تناقش أدب القضاء لعدم التعقيب على قرارات القضاء وأحكامه، ولكن في موسوعته رصد أحداث تاريخية بشكل بلاغي متناولا أحكام القضاء فيها ومحاضر الجلسات كمحاكمة قتلة فرج فودة».
لفت رئيس محكمة جنايات المنصورة، أنه بعد 25 يناير 2011 انتشرت حالة من تضليل الشباب وتشكيكهم في نزاهة القضاء، فحرص على تناول الوقائع ومرافعات النيابة والدفاع كاملة وعرض كل ما حدث ويترك للقارئ تكوين وجهة نظره ورأيه الشخصي دون تدخل منه.
أكد حرصه على التوضيح للجمهور أن لغة الأحكام والمرافعات هي جزء من لغة كل أمة، وليس لها غنى عن الأدب لأن اللغة دون أدب ستكون عنيدة ومملة، وأن هناك أحداثا متنوعة تدور في ساحة المحكمة من خوف وقلق وغيره وفي نفس القاعة نسمع صراخات المحكوم عليهم بالإعدام وزغاريد المحكوم عليهم بالبرأة، وتتحول كل قضية لرواية يمكن تأليفها وتحويلها لفيلم أو مسرحية.
قالت الدكتورة هالة عثمان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عدالة ومساندة ومنتدى الصفوة، إن أبجديات الجمهورية الجديدة تبدأ من العدالة ومنصة القضاء، مشيدة بكتاب “هكذا ترافع العظماء” خاصة وأنه يرصد رأى القاضي وخبرته في مجال العمل القضائي، لافتة إلى أن الموسوعة تناولت عظماء المرافعات المصرية على مر التاريخ، موضحة أن القاضي إنسان قد يصيب وقد يخطئ ولكنه يفعل أقصى ما في وسعه ليحقق العدالة، لافتة لدور المجتمع المدني في التوعية بقيمة القضاء والتعريف بنزاهته ومؤسسات الدولة بين صفوف الشباب والنشء الجديد.
أشارت «عثمان» إلى أن المستشار «المري» التزم الأمانة والواقعية والحيادية في رصد الوقائع القانونية والأحداث التي كانت تدور داخل ساحات المحاكم، مؤكدا أن وأن المحامي هو رسول وشفيع المتهم لدى القاضى ويحاول استمالته وإقناعه بأي دليل للبراءة، مشددة” إذا كنا نريد حقا جمهورية جديدة تليق بمدينة العدالة التى أسسها الرئيس السيسي فى العاصمة الإدارية يجب أن ننمى ونحافظ على قيم المحاماة والقضاء والتكامل بيننا وأن ننمي قيم العدالة في نفوسنا وتعاملاتنا، وأن نراعى الله فى كل أعمالنا».
من جانبها، أكدت الإعلامية بسنت عثمان، أن هناك بعض المحامين لا يعتبرون القضاء مكمل لعملهم ودورهم الحقيقي، وهم قلة لا تؤثر في الشكل العام ولكن يجب أخذهم في الاعتبار وتوضيح الأمور إليهم، لافتة إلى أن اللغة هي الأهم بالنسبة للقاضي والمحامي وهي التي تميز أي إنسان عن غيره، موضحة أن تعدد مصادر التعلم المختلطة باللغات الأجنبية يعد من أسباب التراجع في دور اللغة العربية، وأنه يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية من الدولة للحفاظ على اللغة العربية وخاصة مع النشء الجديد.
أشاد اللواء أسامة راغب، نائب مدير أكاديمية ناصر العسكرية، بعظمة القضاء المصري تاريخيا، لافتا لدور مكرم عبيد الذي كانت ومازالت مرافعاته في القضايا محل دراسة للمتخصصين في القانون حتى الآن، مطالبا بإعادة نشرها بين طلاب القانون وشباب المحامين ليتعلموا من الأساتذة العظام أسس المحاماة الحقيقة.
أوضحت الروائية غادة صلاح الدين، عضو اتحاد كتاب مصر، أن الكتاب هكذا ترافع العظماء هو من جنس أدبي جديد متفرد على الساحة الأدبية، فيمكن لأي متخصص أن يكتب فى القانون ولكن ليس من السهل أن يفهم أى قارئ ذلك، ولكن ماتميز به الكتاب هو الخلط بين المعلومات القانونية والبلاغة الأدبية، بشكل يسرد قصص وقضايا أثارت الرأي العام في سياق بلاغي أدبي متميز.
قال الدكتور بهاء حسب الله، أستاذ النقد الأدبي بجامعة حلوان، إنه يرى صورة من صور التجديد فى فنون السرد الجديد لأن الكتاب يرصد نوعا من الأدب يزيد عن 100 عام ومازال يثرى فضاء الفكر بنصوصه وعباراته، التى مازال القضاء المصري يستخدمها، موضحا أنه مدرسة مصرية قانونية مصرية شديدة الخصوصية بل وتجاوز القطر المصري الى القطر العربي، لأنه كتاب يرصد تشكيل الأدب وفنون السرد والمقاربة وفنية الاحكام، بالإضافة لرصد تاريخ مصر في فترة ضبابية عام 1906 بالتزامن مع حادثة دنشواي.
قال الشاعر ياسر أنور، إن القاضي صورته لم ولن تنهزم أبداً بل يظل رمزا للهيبة والعظمة، موضحا أن المستشار بهاء المري يضيف جنسا أدبيا أخر للآداب العربية مقارنة بالآداب المتعارف عليها، ومقارنة بالأدب العالمي فكتاب “هكذا يترافع العظماء” يعد إبداعا من نوع جديد.
قال الدكتور محمد شاهين، إن العمليات العقلية التى يجريها المخ من أصعب العمليات المجهدة وتساعده في ذلك المساحات السردية التى تناولتها الموسوعة لتخرج بشكل مثير للعقل وترصد الدافعية للمتهم فى تناول الجريمة، لافتا لأهمية استخدام الإنسانية والمبادئ فى الأحكام القضائية، مؤكدا علاقة القضاء بالمحاماة ودورهما فى تطبيق مبادئ العدل.
أوضح الروائي السعودي أحمد الشاذلي، أن الصالونات الثقافية المتواضعة لا تقام إلا فى مصر، بشكل مثمر مجتمعيا وهو المعروف عن المصريين منذ زمن فمصر كانت هي مصدر المعلومات الوحيدة فى العالم لسنوات طويلة، لافتا إلى أن من يريد أن يعرف كيف بنى المصريون الأهرامات فليستمع لمناقشاتهم الفكرية والثقافية.
جاء ذلك خلال لقاء ثقافي نظمه منتدى الصفوة عن مؤسسة عدالة ومساندة، لمناقشة أدب القضاء بحضور نخبة من المستشارين ورجال القضاء والقانون، منهم المستشار بهاء المري رئيس محكمة جنايات المنصورة، والدكتور هالة عثمان أستاذ القانون الجنائي، والإعلامية بسنت عثمان، والروائية غادة صلاح الدين، عضو اتحاد كتاب مصر، ونخبة من الشعراء وأساتذة النقد الأدبي والبلاغة بالجامعات.