بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي تحييه الأمم المتحدة، في 18 ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي يوافق اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
أعرب المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية عن بالغ القلق إزاء أوضاع المهاجرين على مستوى العالم، في ظل السياسات المتبعة حيال المهاجرين في أوروبا وأمريكا أو في العالم بشكل عام.
يشهد العالم خلال السنوات العشر الأخيرة على التراجع الشديد للسياسات المرحبة بالمهاجرين، وتبني الدول ذات الدخل المرتفع سياسات أكثر صرامة بل أكثر عنف تجاه المهاجرين واللاجئين خاصة من الدول منخفضة الدخل، لنشهد إغلاق الحدود أمامهم واستخدام كافة وسائل القمع الي حد وقوع أعداد من الضحايا، فمشهد المهاجرين من المكسيك على الحدود الأمريكية ومشهد المهاجرين على الحدود البيلاروسية وبولندا أحد دول الاتحاد الأوروبي لخير دليل على التغير المخيف لتلك السياسات.
ففي الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بضرورة احترام حقوق الإنسان وظهور أصوات تطالب توقيع عقوبات على بعض الحكومات بداعي ارتكابه انتهاكات ضد مواطنيها تصمت تلك الأصوات أمام القتل وتشريد وزيادة الإفقار إلى ما يزيد علي (272) مليون شخص من المهاجرين الدوليين “الأشخاص المقيمون في بلد غير بلدهم الأم ” ثلثهم تقريبًا من العمال المهاجرين ويمثلوا نحو 3.5 % من سكان العالم في عام 2019. منهم نحو 38 مليون طفل مهاجر، وثلاثة من كل أربعة مهاجرين دوليين كانوا في سن العمل، أي تتراوح أعمارهم بين 20 و64 عامًا.
يقيم ما يقارب من 31٪ من المهاجرين الدوليين في قارة آسيا و30٪ في أوروبا و26٪ في الأمريكتين و10٪ في أفريقيا و3٪ في البلدان. ويساهم المهاجرين في الناتج الإجمالي بنسبة تتجاوز 9%، كدلالة على ارتفاع إنتاجيتهم.
وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ عدد النازحين قسراً حول العالم 79.5 مليون في نهاية عام 2019، ومن هؤلاء، كان 26 مليونًا من اللاجئين (20.4 مليون لاجئ تحت ولاية المفوضية، و 5.6 مليون لاجئ فلسطيني تحت ولاية الأونروا ( ونزح 45.7 مليون شخص داخليًا، و 4.2 مليون طالب لجوء، و 3.6 مليون فنزويلي نازحون في الخارج.
من جانبه، أشاد د. صلاح هاشم رئيس المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية، بالجهود المبذولة من الدولة المصرية لحوكمة الهجرة والتي أقرها دستور ٢٠١٤ في المادة (٨٨) التي نصت على ” التزام الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين في الخارج، وحمايتهم وكفالة حقوقهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة وإسهامهم في تنمية الوطن، واعمالاً للمبدأ الدستوري السابق خصص الدول المصرية وزارة الهجرة وشئون المصريين في الخارج عام 2015 لوضع سياسة شاملة لهجرة المصريين للخارج في ضوء أهداف التنمية المستدامة تستهدف مواجهة الهجرة الغير شرعية وتشجيع سبل الهجرة الآمنة.
أضاف “هاشم” أن مصر التزمت مصر بأهداف التنمية المستدامة وإتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المعنية لتفعيل الإطار التنفيذي للاتفاقية العالمية من أجل الهجرة الأمنة ووضع اًليات للتنفيذ، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومراجعة كافة التدابير والإجراءات اللازمة لتفعيل الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة.
أوضح أنه في إطار مكافحة الإتجار بالبشر باعتباره جريمة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، يتعرض له الرجال والنساء والأطفال، من خلال الاستغلال الجنسي، والسخرة، والتسول القسري، والزواج القسري، وتجنيد الأطفال، فضلا عن بيع الأعضاء تبذل الحكومة المصرية جهودا كبيرة فأسست اللجنة الوطنية التنسيقية لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار في البشر.
التي تضم في عضويتها ٢٧ وزارة وهيئة ومركز قومي، ومما يؤكد تلك الجهود إعلان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة انخفاض عدد حالات الاتجار بالبشر التي تم رصدها في مصر عام٢٠١٧ إلى (٣٨ حالة)، مقارنة بعدد الحالات المرصودة عام 2016(٨١ حالة).
أكد “هاشم” أن مصر تبذل جهوداً كبيرة في مكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الإتجار بالبشر بالتعاون مع المنظمات الدولية العديدة منها على سبيل المثال تنظيم دورات تدريبية متخصصة للقضاة ووكلاء النيابة العامة وضباط الشرطة والأخصائيين الاجتماعيين وممثلي المجتمع المدني.
أشار رئيس المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية إلي أن تلك الجهود أسفرت عن قيام قامت وزارة الداخلية المصرية بتضمين المواد التعليمية لمكافحة الاتجار بالبشر كجزء من التدريبات والمناهج السنوية لضباط الشرطة الجدد، كما شملت وزارة الخارجية والدفاع وحدات تعليمية خاصة بمكافحة الاتجار في التدريبات الأساسية للمسؤولين.
طالب “هاشم” بضرورة التزام كافة الدول بحماية حقوق المهاجرين والمنصوص عليها في الاتفاقات الدولية المعنية، وخاصة الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم 1990 وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية 2000.
كما طالب الدول التي لم توقع على الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والنظامية والمنتظمة (GCM) لعام 2018 المعروف أيضا باسم ميثاق مراكش ومنها الولايات المتحدة، وأستراليا، وست دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بالالتزام الكامل باحترام حقوق المهاجرين.