شهدت اليوم د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة معهد التخطيط القومي احتفالية تخريج دفعة جديدة من برنامجي الماجيستير الأكاديمي “التخطيط والتنمية” والذي يضم 29 طالبًا، والماجستير المهني “التخطيط للتنمية المستدامة” الذي يضم 190 طالب بمعهد التخطيط القومي –الذراع العلمي والبحثي للوزارة ؛ وذلك بحضور الدكتور علاء زهران، رئيس المعهد، والأساتذة أعضاء هيئة التدريس بالمعهد، والسادة الخريجين.
وخلال كلمتها قالت الدكتورة هالة السعيد إن معهد التخطيط القومي يعد أحد المؤسسات الرائدة والعريقة، على المستويين العربي والإقليمي، فقد أسهم على مدار سِتة عقود في تخريج الكوادر ودعم جهود الدولة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرة إلى مبادرة المعهد بإطلاق اسم الراحل الدكتور/ كمال الجنزوري على دفعة الماجستير الأكاديمي والمهني لعام 2021، تكريمًا لمسيرة العطاء العلمي والوطني المُشرّف لفقيد مصر، وأحد رموزها البارزين.
وأشارت السعيد إلى أن الطلاب يمثلون عددًا كبيرًا من الوزارات والجهات الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، بما يُعزِّز التواصل وتبادل الخبرات بين المؤسسات وشركاء الوطن، مؤكدة حرص معهد التخطيط القومي على تصميم مكوّنات البرنامجين بما يتفق مع الاحتياجات والمتغيّرات الوطنية والإقليمية والدولية في المجال التنموي، وبما يُلبي الاحتياجات العملية للمؤسسات التي يُمثلها الدارسين، سواء الحكومية أو غير الحكومية، بهدف تنمية تلك المؤسسات وتحسين كفاءتها وزيادة فاعليتها، وذلك باستخدام أحدث المناهج التعليمية وأساليب التدريس التي تَمزِج بين تقديم المعارف ونَقل الخبرات العلمية والممارسات التطبيقية، والاستفادة في ذلك من الخبرات العلمية والعملية الكبيرة المتواجدة في المعهد.
وأوضحت الدكتورة هالة السعيد أنه انطلاقًا من حِرص الدولة المصرية على تلبية متطلبات تحقيق التنمية الشاملة، والمتوازنة وتعزيز النمو الاحتوائي في مختلف القطاعات والأقاليم المصرية، أصبح الاستثمار في البشر خياراً لا يَحتَمِل الإرجاء، بل صار تطوير العملية التعليمية وتعزيز مبادرات التدريب وجهود بناء القدرات ضرورة تَفرِضها التحديات التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مُختلَف دول العالم، خاصة مع تزايد الدعوات الدولية والإقليمية لضرورة مواكبة متطلبات ما يُعرَف بالثورة الصناعية الرابعة، وما تَفرضه من فرص وتحديات.
تابعت السعيد أن أبرز تلك التحديات تتمثل في التغيّر المستمر في أساليب الإنتاج وظهور أنماط جديدة من الوظائف، في ظِل الاتجاه المتزايد إلى الاستخدام الكثيف للتكنولوجيا، والميكنة المتطورة في عمليات التصنيع، وانتشار الذكاء الاصطناعي، وتعاظم دوره في مجال الأعمال في إطار سعي المؤسسات لزيادة قدرتها التنافسية.
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن استراتيجيات وخطط التنمية أعطت أولويةً مُطلقةً للاستثمار في البشر، وقد مَثَل ذلك الركيزة الأساسية لرؤية مصر 2030، وبرامج عمل الحكومة، التي تعطي الأولوية لقضايا تمكين الشباب والتدريب وبناء القدرات خصوصًا وأن الشباب يُمثلون الثروة الحقيقية للمجتمع المصري حيث تَتَجاوز نسبتهم 65% من المجتمع.
أضافت الدكتورة هالة السعيد أنه تأكيدًا لذلك فقد تضمن برنامج الإصلاحات الهيكلية محورًا رئيسيًا لرفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني، مع وضع إطار مؤسسي لتفعيل دور القطاع الخاص في مجال التعليم والتدريب، وهو ما تسعى الدولة لتحقيقه من خلال العمل على سَد فجوة وتوفير البيانات، بإنشاء منظومة قومية لمعلومات سوق العمل بهدف تحقيق التوافق بين جانبي العرض والطلب في سوق العمل، وكذلك تطوير منظومة التعليم الفني مع التوسّع في إنشاء المدارس والجامعات التكنولوجية، التي تستهدف تطوير المهارات التي تُلبي احتياجات سوق العمل للطلاب المتفوقين بالتعليم الفني وفَتح آفاق تعليمية تطبيقية جديدة مُرتبطة بقطاعات الصناعة والإنتاج، مع العمل في الوقت ذاته على تعزيز المهارات لوظائف المستقبل، من خلال دعم الشركات الناشئة وتنفيذ برامج ومبادرات للتدريب في مجالات المعرفة الرقمية والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات المتطورة.
وأشارت السعيد خلال كلمتها إلى البرامج التدريبية التي تنفذها الوزارة والمؤسسات التابعة ومنها المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة بهدف رفع قدرات الشباب وسَد الفجوات المهارية، منها برنامج “هي مستقبل رقمي” لسَد الفجوة الرقمية بين الإناث وتعزيز الشمول المالي والذي يستهدف تدريب 2000 سيدة مصرية قبل نهاية العام الجاري، ونحو 7000 سيدة خلال عام 2022، هذا إلى جانب برامج دعم وتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أبرزها مشروع “روّاد 2030” الذي يهدف إلى تمكين الشباب من تأسيس مشروعاتهم الخاصة والعمل على تَكريس ودعم دور ريادة الأعمال في تنمية الاقتصاد الوطني، وتسريع وتيرة الابتكار، وتحفيز التنمية المستدامة وخَلق فرص عمل لائقة، هذا إلى جانب برنامج إدارة الأعمال الحكومية بالتعاون مع جامعة “إسلسكا مصر”، والبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، بالإضافة إلى نشاط الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب.
كما أشارت السعيد إلى مبادرة “كن سفيرًا” والتي تهدف إلى نشر ثقافة التنمية المستدامة بين الشباب، حيث تم تخريج دفعة موجّهة للشباب من عمر 18 وحتى 35، ودفعة أخرى للإعلاميين، وجاري الإعداد لدفعة متخصّصة للعاملين بالوزارات المختلفة والجهات التابعة، تزامنًا مع الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وفي نهاية كلمتها أكدت الدكتورة هالة السعيد أن الاستثمار في البشر وبناء القدرات اللازمة لجهود التنمية عملية مستمرة وممتدة؛ تتطلب سنوات بل عقود من العمل الجاد الذي تتكاتف فيه جهود كل مؤسسات الدولة، وهو أكثر أنماط الاستثمار عائدا- فالإنسان هو الفاعل الرئيسي في جهود التنمية وهو أيضاً غايتها المنشودة.