شاءت الأقدارأن يودعنا عام2021 قبل أن يذهب بساعات بفاجعة مؤلمة برحيل أستاذنا الفاضل محمد فوده رئيس تحرير المساء الأسبق أحد نجوم العصر الذهبي لجريدة المساء الغراء، ولكن لا نقول إلا ما يرضي فالبقاء لله وحده وإنا لله وإنا إليه راجعون، ففي دنيانا أناس كالملائكة يأتون لأداء مهام خاصة ويرحلون في صمت وهدوء،وكما هو حال العظماء المحبين لوطنهم الغالي يؤدون الأمانة بحب وإخلاص ولا يعرفون إلا لغة العطاء والتجرد وإنكار الذات.
وكم هو مؤلم فراق الأحبة، وربما يكون الأشد إيلاما وداعهم من بعيد دون إلقاء نظرة وداع أو تقديم واجب العزاء، ولكنها مشيئة الله وصدق سبحانه ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) صدق الله العظيم.
وبقلوب مؤمنة بقضاء الله ودعت أسرة المساء رمزا من رموز الصحافة المصرية وكاتبا مرموقا ومعلما فاضلا إنه الأستاذ محمد فوده ،والذي رحل بعيدا عن أرض الوطن بكندا ودفن هناك بعد رحلة علاجية طويلة برفقة أسرته الكريمة.. كان الأستاذ فوده فارسا من فرسان الزمن الجميل ، ومثالا للشرف والنزاهة..عفا ودودا متواضعا حليما خلوقا بشوشا وقورا محبا لكل أبناء أسرة المساء.
وكان للجميع بمثابة الأب الحنون والأخ الأكبر،بتوجيهاته وحكمته وابتسامته وهدوئه وكياسته ، علاوة علي حرفيته في إدارة العمل وفي فن صياغة العناوين والتحرير الصحفي.
وللفقيد مواقف إنسانية ومهنية لاحصرلها يشهد بها كل الزملاء بجريدتنا الغراء، فقد أولاني اهتماما خاصا في فترة التدريب الأولي أوائل التسعينيات بعد تخرجي في كلية الإعلام جامعة القاهرة،وشجعني علي استكمال الدراسات العليا ونيل الماجستير، ورشحني للسهر،وتحمل المسئولية بقسم سكرتارية التحرير بعد شهر واحد من التدريب ، ثم رشحني للتعيين بعد عامين فقط من مرحلة التدريب، ولا أنسي موقفه مع الزميل هشام غباشي رحمه الله حيث أسهم في رعايته والتكفل بعلاجه علي نفقة المؤسسة قبل التعيين خلال فترة إصابته بفيروس c ، ثم الإصرار علي تعيينه رغم مرضه الشديد.
وللفقيد الغالي رصيد علمي ومهني مشرف فهو ابن جامعة الأزهر وحصل علي الشهادة الجامعية والإجازة العالية بمرتبة الشرف فى “العقيدة والفلسفة” عام 1963م.
تولي رئاسة تحرير جريدة “المساء” وعين بمجلس إدارة “مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر.. وله بصمات مهنية عديدة خلال فترة رئاسته لتحرير المساء و مجلة حريتى، كما أشرف على تطوير عدة صحف بجمهورية اليمن ، منها صحيفة “الثورة” اليمنية ومجلة “التعليم” التابعة لوزارة التعليم ، كما أصدر صحيفة “التصحيح” النصف شهرية، وساهم في إصدار مجلة “الحراس” الشهرية التابعة لوزارة الداخلية اليمنية .
أُدرج إسمه فى الموسوعة التى تصدرها الهيئة العامة للإستعلامات عن أهم أعلام مصر ،و حصل على العديد من الشهادات والدروع وشارك فى عشرات الأحاديث والبرامج بالإذاعات والفضائيات المصرية كما أشرف على تدريب عدد كبير من شباب الصحفيين بجريدة “المساء” ومجلة “حريتى”، وأسهم في تطوير الجريدة تحريرا وإخراجا، وحققت المساء في عهده قفزات في أرقام التوزيع، وكما أسهم في تخريج جيل مهني محترف وكوادر صحفية متميزة.
كما شارك الفقيدالغالي فى الكثير من العديد الندوات والمؤتمرات بمختلف أنحاء الجمهورية، و كان مهتما بتقديم متابعات إعلامية شاملة لهموم المواطن بالعاصمة والأقاليم كما شارك فى مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه لطلاب أقسام وكليات الإعلام بالجامعات المصرية. .
رحم الله الفقيد الكبير وأسكنه الفردوس الأعلي بإذن الله ، ففي الجنة تلتقي الأحبه وتنتهي الغربة والألام ،وتطيب الجراح.. خالص العزاء والمواساة لكل محبيه ولأسرته الكريمة.