بقلم/ الشيخ محمد الشملول
امام وخطيب مسجد البديع بأكتوبر
من أهم الصفات العربية الأصيلة والأخلاق الإسلامية التي تميز المجتمع،صفة النخوة،فماهي؟؟
هي عزة النفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة ،تستتبع الذكر الجميل عند الحق والخلق.
ومن منا لم يسمع بكلمة”نخوة”،إذا حدثت مصيبة تجد من يقول : أنا أعين صاحب تلك المصيبة ،فيكون الجواب والله إنك فعلا عندك نخوة،وإذا تقاعس عن عون صاحب المصيبة قيل له :أليس عندك نخوة يارجل؟؟
والنخوة فى الغالب تختص بالرجال دون النساء،فهي من تمام الرجولة ،بل قد يعتبرها الكثيرون أنها ميزان الرجولة؛
وحينما نتأمل فى القرآن الكريم،والسيرة النبويه الشريفه ،نجد الكثير من النمازج التي ضربت أروع الأمثلة فى الشهامة والنخوة،ومن هذه النمازج (موسى عليه السلام)
قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
توجه موسى عليه السلام إلى أرض مدين،وسأل الله أن يهديه سواء السبيل.
قدر الله أن يرد موسى عليه السلام عين الماء وقت سقي الرعاة لمواشيهم ،وجد (أمة من الناس يسقون)
والمراد بالأمة الجماعة ،أي أن موسى وجد جماعة من الرعاة يسقون أغنامهم من العين .
نظر حوله ،فرأى منظراً عجيباً مثيراً،الرجال منهمكون فى سقي مواشيهم ،ومتجمعون حول عين الماء،وهناك امرأتان بعيدتان عن الماء،معهما أغنامهما،حريصتان على أن لا تقتربا من الماء أثناء تجمع الرجال عليه!!!
لفت هذا المنظر نظر موسى ،وأعجبه حرص المرأتين على الابتعاد عن الرجال وعدم الاختلاط بهم،وتحملهما المشقة الكبيرة فى ذود غنمهما عن الماء لحين انتهاء الرجال من سقي مواشيهم،وشعر نحوهما بالشفقة والرأفة ،وأراد أن يعرف سبب موقفهما،والباعث لهما على هذه المشقة والمعاناة.
توجه نحوهما ،وسألهما قائلاً:(ماخطبكما)؟.
أي ماشأنكما وقصتكما؟ والخطب الأمر العظيم ،أجابت المرأتان موسى قائلتين :(لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير)
ونلاحظ فى سؤال موسى وجواب المرأتين القصد والاختصار ،وتقليل الكلام .
فالدافع الذي دفع موسى للكلام معهما وسؤلهما هو نخوته وشهامته ومروءته وشفقته، هي صفات متأصلة فى شخصيته وكيانه،فلم يكن كلامه معهما من أجل الكلام،أوتلبية للحاجة النفسية فى الميل نحو الجنس الأخر ،والانبساط فى محادثته ومحاورته !!!
ولهذا سألهما بمنتهى الإيجاز ،ليعرف السبب ،ويقدم المساعدة.
والسؤال: أين النخوة وأخلاق الحضارة فى العصر الحالي؟؟؟
أصبحنا كل يوم نسمع ونرى أحداث يندى لها جبين الإنسانية،وتفنن فى وسأئل الاغتصاب،وانتهاك الحرمات!!!
ولا يخفى على أحد مايحدث فى وسائل المواصلات ،ووسائل التوصل الاجتماعي من ابتزاز الفتيات ،وإلصاق التهم بالأبرياء،وماحادثة (بسنت) عنا ببعيد،وقبلها شاب وصديقه خطف أخته وهي باحثة جامعية، محاولا هتك عرضها وتصويرها فى وضع مخل لإجبارها على التنازل عن الميراث!!
والعجيب أنها تولت تربيته بعد يتمه!!
جعل القاضي ينطق بهذه الكلمات قائلاً….
أمنتك فى سربك فروعتها على الملأ،دثرتك فى ظلمة الليل فعريتها نهارا،لم ترع فيها ياأخاها إلا ولاذمة،لم ترع لحرمة الدم والرحم حرمة،لقد جئت شيئاً فريا.
وأخيراً…أهيب بكل أب وأم أن يعلموا أولادهم هذه القيم ،حتى يعيش الجميع فى أمن وسلام،تحدثوا معهم عن القدوات،والنمازج الطيبة،حتى تجدوا حجة تنفعكم أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.