بقلم ✍️ د.محمد يحيى فرج
(مدرس الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة جامعة السادات)
مع بداية الألفية، زاد الحديث عن تنويع مصادر الطاقة وعن مصادر الطاقة المتجددة وأهمية الاتجاه إليها، وبينما أصبح هذا الحديث محفوظا لكثرة تكراره وانضمت عباراته الأساسية إلى الكليشيهات المحفوظة، فإن خريطة الطاقة العالمية كانت تتغير بالتدريج..
وكان الاستثمار والابتكار في مجالات الطاقة المتجددة يتوسعان بإستمرار بلا توقف.
فهذا الاهتمام العالمي لم يكن اهتماما نظريا فحسب بل تعداه إلى ازدياد مستمر في الاعتماد على هذه المصادر المتجددة.
فبعد أن كانت حصة المصادر المتجددة في الإنتاج العالمي للكهرباء تمثل 19% فقط في العام 2000، إذا بها تتجاوز حاجز الثلاثين بالمائة في العام 2023 طبقا لمراكز الأبحاث المعنية.
وكان هذا الازدياد الكبير مدفوعا بالنمو الهائل في استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.. وبعد أن كان هذان المصدران يكلفان أكثر من الوقود الأحفوري، أصبحت تكاليف انتاج الطاقة منهما أقل جراء عمليات البحث والتطوير المستمرة.
وهذا النمو السريع لا يقف عند هذه الحدود بل ترسم الخطط العالمية اتجاها طموحا لزيادة حصة المصادر المتجددة لتصل إلى الحصة الغالبة بحلول عام 2050.
بل إننا عندما ننظر الى قطاع مثل النقل كان معروفاً باعتماده الشديد على الوقود الأحفوري، فإننا نلقى أمام أعيننا المركبات الكهربائية وقد أصبحت تغمر الشوارع في أنحاء العالم، وسط توقعات بأن تتخطى عدد السيارات الكهربائية المبيعة في عام 2025 حاجز العشرين مليون سيارة لتتجاوز ربع السيارات المبيعة عالميا وذلك طبقا للوكالة الدولية للطاقة.
وهذه الكهرباء عندما تأتي من مصادر متجددة فإنها تشير بوضوح إلى أى مدى سحبت هذه المصادر البساط من تحت أقدام الوقود الأحفوري.
كما أن نظرة سريعة إلى التقدم الحاصل في تكنولوجيا البطاريات تُخبر بالكثير عن الميادين المفتوحة أمام هذه الطاقة النظيفة ،فالبطاريات الجديدة بسعتها التخزينية الكبيرة وأسعارها المنخفضة وفترات شحنها القصيرة تسهل امكانية تخزين الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة و استخدامها في الكثير والكثير من المجالات.
و دوافع الاتجاه نحو الطاقة المتجددة جلية للجميع بدءا من مقاومة التغير المناخي و تقليل الانبعاثات الكربونية والحفاظ على البيئة ،ومرورا بتنويع مصادر الطاقة و توليد وظائف جديدة وانطلاقا الى العديد من الدوافع و الفوائد الأخرى.
و المتأمل في هذه الأرقام وتلك الحقائق يدرك بعمق أن العالم تغير و يتغير.
وعندما يمس هذا التغير مصادر الطاقة التي هي عصب الحياة الحديثة، فإن المرء يدرك مدى أهمية هذه التغيرات وحجم التأثير الناتج عنها وكم النتائج المترتبة عليها.
كما أن النمو الذي يتسارع و يتسارع نحو الطاقة المتجددة يجعل من التغيرات السابقة خطوات نحو مزيد من التحولات الفارقة و الغير مسبوقة في عالم الطاقة.
و بعد أن يتأمل المرء في كل هذا هل يُصر يا ترى على السؤال المطروح أم أنه قد يقلب السؤال و يتساءل في حيرة عن الطاقة الغير متجددة إلى أين؟.














