عندما نتحدث عن تزايد حالات الطلاق بصورة تدعو الى القلق وفي وقت يعاني فيه الشباب أصلاً من تأخر سن الزواج لأسباب متعددة، نتساءل عن دور رجال الدين ليقدموا لنا روشتة العلاج والفهم الصحيح لقدسية الزواج وأن الإنفصال والفراق هو أبغض الحلال.
وعندما تظهرأنماط مستوردة من الجرائم الغريبة والدخيلة على مجتمعنا مثل الإبن الذي يقتل أمه والأم التي تتخلص من فلذة كبدها و الشاب الصغير الذي يتخلص من حياته وغيرها من الجرائم التي يشيب لها الولدان، فلابد لنا من وقفة مع النفس والبحث عن الملاذ الآمن والحصول على شحنة إيمانية تعيننا على إستكمال رحلة الحياة بما فيها من مشاق وصعاب.
وعندما تتراجع الأخلاق وتسوء المعاملات بين الناس بالصورة التي نشاهدها يومياً وفي كل مكان وموقع خاصة فيما يتعلق بالبيع والشراء، ومانراه ونعاني منه من جشع وإستغلال، فمن الضروري أن نفتش في الدين عن المخرج والضوابط التي تقوم السلوك وتضع حلولاً للواقع الأليم الذي نعيشه.
بالتأكيد من الظلم أن نلقي بالكرة في ملعب الدعاة وأئمة المساجد دون غيرهم أو أن نحملهم وحدهم تبعات مشكلات المجتمع، في وقت تراجع فيه دور الأسرة بصورة ملحوظة، فالأب مشغول في عمل واثنين وثلاث والأم مشتتة بين عملها ــ إن وجد ــ وبين متطلبات البيت واستذكار دروس الأولاد وتلك مهمة لو تعلمون عظيمة وشاقة للغاية.
وهناك أيضاً المؤسسات التعليمية التي لم تعد تقدم دوراً تربوياً يساهم في تصحيح المسارواكتفت بتلقين الأبناء العلم ــ إن قدمته بالصورة المرجوة ــ ونفس الكلام ينطبق على المؤسسات التربوية التي تكتفي بتقديم دراسات نظرية دون أن تتعامل مع الواقع والمشكلات الطارئة والمستحدثة التي تتزايد وتتراكم وتزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
وأيضاً الإعلام وما أدراك ما الإعلام وتأثيره السلبي الخطير في زمن السوشيال ميديا، ذلك الإعلام الموازي الذي ينقل كل شيء ــ وأي شيء ــ بلا ضوابط أو مسئولية مجتمعية أو حتى قانونية إلا فيما ندر، فما يتم نشره الآن على مدار الساعة بمثابة تدمير ممنهج للبنية الأخلاقية للمجتمع.
وسط هذا الوضع والإختفاء الواضح ــ والمريب ــ للعديد من المؤسسات المنوط بها القيام بأدوار مهمة ليس أمامنا إلا الدين لاصلاح ذات البين وإعادة الأمور الى نصابها واستعادة السمات الشخصية الأصيلة لمجتمعنا في أسرع وقت، وهذا لن يأتي الا بإعداد وتدريب الدعاة وصقلهم علمياً وتأهيلهم بأدوات ومتطلبات العصر بما يعزز من أدائهم الدعوي على أساس صحيح ومستنير، مثلما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في لقائه مؤخراً مع وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة.
الدين وحده كفيل بحل اللوغاريتم الصعب واستعادة هويتنا وشخصيتنا وأخلاقنا، المهم أن يكون الدعاة ملمين بأدوات العصر وفي مقدمتها وسائل التواصل الإجتماعي التي باتت أهم معاول الهدم والتغييب حتى لايكونوا في واد والمجتمع كله في واد آخر.
***
“يا أهل المغنى.. دماغنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله.. داحنا شبعنا كلام ماله معنى”.. تلك الكلمات للشاعر الكبير الراحل بيرم التونسي ومن تلحين وغناء زكريا أحمد، ورغم مرور عقود عليها إلا أنها تتلاءم وتنطبق تماماً مع مايحدث هذه الأيام على الساحة الفنية والغنائية على وجه التحديد.
لم نكد ننتهي من مشكلة أغاني المهرجانات والصدام المستمر مع نقابة الموسيقيين وتحديداً النقيب الفنان هاني شاكر، حتى ظهرت بوادر الأزمة الكونية التي نشبت جراء إنفصال شيرين عبد الوهاب وحسام حبيب وما تبع ذلك من سباق قص أو “حلق” الشعر من شيرين وحسام الذي نشر البعض له صوراً “مفبركة” تؤكد أنه فعل مثلها كنوع من التضامن لكن تبين أن المعلومة غير صحيحة وأنه مازال بكامل شعره ولله الحمد.
ولاتسأل عن الفائدة التي ستعود على المجتمع من وراء هذه الأخبار التي تملأ المواقع يومياً، والإعلام مظلوم وبريء تماماً ففي الوقت الذي يتهمه البعض بأن يثير الفتن ويساهم في احداث وقيعة بين الفنانين والفنانات، نجد أنهم هم بذات أنفسهم من يكشفون ــ ويقدمون ــ أخبارهم المثيرة للجدل وأكبر دليل ماحدث في أزمة شيرين الأخيرة فهي التي تحدثت وقالت كل شيءعلى المسرح دون أن يسألها أو يضغط عليها أحد.
المشكلة في تصوري ليست في “شيرين” أو غيرها ولكن في المجتمع الذي بات بحاجة الى إعادة النظر في مسألة القدوة وتقديم وإعلاء النماذج المشرفة والمؤثرة .. وما أكثرها.