يكتبها- وليد شاهين
علامة مميزة لشهر الصوم
صوته فى الأذان والقرآن يرفع المستمع إلى معانى الآيات
استفتى شيخ الأزهر عن جواز إذاعة القرآن الكريم عبر الأثير.. قبل أن يفتتح بث الإذاعة بصوته عام 1934
لقى ربه فى نفس يوم مولده بعد 68 عاماً قضاها فى خدمة التلاوة
الشيخ محمد رفعت شيخ مشايخ شهر رمضان.. تتلألأ لياليه بصوته الشجى حتى بعد مرور عشرات السنين على رحيله لا يزال صوته زينة الصيام والإفطار معاً.. فهو أجمل الأصوات وأروعها وسر جمالها وجلاله أنه فريد فى معدنه، وهذا الصوت قادر على أن يرفع المستمع إلى مستوى الآيات ومعانيها.
ولد الشيخ فى صبيحة التاسع من مايو عام 1882، ونشأ فى كنف والده بحى المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره نتيجة مرض أصاب عينه.
حفظ القرآن الكريم وهو فى سن الخامسة، حيث التحق بكُتَّاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب، ولم يكتف بما وهبه اللهُ لهُ من صوتٍ شجى، بل وجَّه اهتمامه لدراسة علم القراءات والتفسير، ثم المقامات الموسيقية على يد شيوخ عصره ليكون ذلك عوناً له على قراءة كتاب الله وتجويده.
توفى والده محمود رفعت والذى كان يعمل مأموراً بقسم شرطة الخليفة وهو فى التاسعة من عمره، فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن إعالة أسرته؛ فلجأ إلى القرآن الكريم يعتصم به ولا يرتزق منه.
تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى السيدة زينب عام 1918 وهو فى سن الخامسة عشرة؛ فذاع صيته فى الأفاق ونال محبة الناس وفتح الله بصوته قلوباً قد طال عليها الأمد، وكان من بين الرعيل الأول الذين أسسوا مدرسة التجويد الفرقانى فى مصر، واشتهر بإحيائه ليالى رمضان فى العديد من كبرى المساجد.
افتتح الشيخ محمد رفعت بث الإذاعة المصرية عام 1934 بعد أن استفتى شيخ الأزهر عن جواز إذاعة القرآن الكريم عبر أثير الإذاعة؛ فأفتى له بجواز ذلك نظراً لما كان يؤمن به من وجهة نظره فى عدم جواز ذلك، وكان يقول: “إن وقار القرآن لا يتماشى مع الأغانى الخليعة التى تذيعها الإذاعة”، ولم يلبث حتى أحيا شهر رمضان من خلال الإذاعة التى كان يقرأ عبر أثيرها لمدة ساعتين يومياً فى بثٍ حى على الهواء مباشرةً.
رفض الشيخ جميع العروض التى انهالت عليه من إذاعات العالم الموجهة باللغة العربية لإذاعة القرآن الكريم بصوته، ولم يلتفت إلى الإغراءات المادية التى قدمت له رغم ضخامتها واحتياجه الشديد للمال، حتى طلبت منه الإذاعة البريطانية “بى بى سى” العربية تسجيل القرآن الكريم ليبث عبر أثيرها.
عُرِفَ عن الشيخ أنه كان رحيماً رقيقاً ذا مشاعر جياشة عطوفاً على الفقراء والمحتاجين، فكان يعتادُ على رعاية الأيتام، كما كان معروفاً بتواضعه، وتأثير صوته على غير المسلمين الذين لم يتردد الكثير منهم فى إشهار إسلامهم تأثراً بما سمعوا وحالة الشجن التى كان يقرأ بها آيات الله الحكيم.
لقب الشيخ -رحمه الله- بعددٍ من الألقاب، منها “المعجزة- قيثارة السماء- الروحانى- الربانى- القرآنى- كروان الإذاعة- الصوت الذهبى- الصوت الملائكى- صوت عابد- صوت عذب- صوت رحمة” حيث كان الناس تبكى وتخشى الله عند ذكره لآيات الترهيب وتفرح بذكره آيات الترغيب.
أصيب الشيخ بسرطان الحنجرة سنة 1943 وتوقف عن القراءة ورفض قبول أى عونٍ أو مددٍ ألحَ به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامى؛ على الرغم من عدم قدرته على تكاليف العلاج، وكان يردد كلمته المشهورة: “إن قارئ القرآن لا يهان أو يدان” حيث كان يأبى أن يأخذ أجراً على قراءة القرآن، وكان شعاره فى ذلك قوله تعالى: “وما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجرى إلا على رب العالمين” وظل على هذا المبدأ حتى لحِقَ بالرفيق الأعلى فى نفس يوم مولده سنة 1950.
نعتته الإذاعة المصرية عند وفاته إلى المستمعين بقولها: “أيها المسلمون.. فقدنا اليوم علماً من أعلام الإسلام”، أما الإذاعة السورية فجاء النعى على لسان المفتى، حيث قال: “لقد مات المقرئ الذى وهب صوته للإسلام”.
سئل الشيخ محمد متولى الشعراوى- رحمه الله- عن رأيه فى كلٍ من الشيوخ “محمود خليل الحصرى، وعبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل، ومحمد رفعت” فأجاب بقوله: “إذا أردنا أحكام التلاوة فهو الحصرى.. وإن أردنا حلاوة الصوت فهو عبد الباسط.. وإذا أردنا النفس الطويل مع العذوبة فهو مصطفى إسماعيل.. وإذا أردنا هؤلاء جميعاً فهو الشيخ محمد رفعت”.. رحمهم الله جميعاً رحمةً واسعة.
![](https://almessa.gomhuriaonline.com/wp-content/uploads/2024/03/الشيخ-محمد-رفعت-رحمة-الله-عليه-عام-١٩٣٤-ينتظر-وضع-ختم-توقيعه-علي-تعاقده-مع-الإذاعة.jpg)
![](https://almessa.gomhuriaonline.com/wp-content/uploads/2024/03/الشيخ-محمد-رفعت-4.jpg)
![](https://almessa.gomhuriaonline.com/wp-content/uploads/2024/03/الشيخ-محمد-رفعت-1.jpg)
![](https://almessa.gomhuriaonline.com/wp-content/uploads/2024/03/الشيخ-محمد-رفعت-2.jpg)
![](https://almessa.gomhuriaonline.com/wp-content/uploads/2024/03/الشيخ-محمد-رفعت-3.jpg)