كتبها- وليد شاهين
وصفه محبيه بصاحب الحنجرة الفولاذية.. صعب التقليد.
حفظ القرآن على يد الشيخة “مريم رزيق” المسنة الكفيفة.. وبدأ مشواره تألقه بجنيه
بدأ شهرته فى الثالثة عشر من عمره.. وتلقى دعوات من جميع دول العالم
كان شديد التواضع.. كثير العطاء.. صعب التقليد.. لصوته قرارٌ كنسمات الصبح الباكرة.. حينما تداعب صفحات الحقول.. وجواب تهتز لوقع أناته الهادرة أغصان الشجر وتميلُ معه القلوب الخاشعة.. وصفه محبيه بصاحب الحنجرة الفولاذية.. تعلم أن للتلاوة فنُ لايستهان به.. فالوقف والوصل والابتداء لهم أصول وأدب فى التعامل مع آيات الله المحكمات.
ولد الشيخ السيد متولي عبد العال صبيحة يوم السبت 26 أبريل عام 1947 بقرية الفدادنة مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وكان والده مزارعاً بسيطاً محبوباً من أهل قريته، كان له أربع بنات ولِدن قبل الشيخ “سيد” فوهب وليده الذكر الوحيد لحفظ القرآن الكريم ليكون أحد رجال الدين وخادماً لكتاب الله عز وجل ليكون هوناً لأشقائه الأربع من بعده.
حمله والده وهو ابن الخامسة من عمره بيدين حانيتين قست عليهما يَدُ فأْسٍ وشمس حارقة وذهب به إلى كتّاب الفدادنة وقدمه إلى محفظة القرآن فى القرية وهى سيدة مسنة وكفيفة وغير متزوجة تدعى “مريم السيد رزيق” لتقوم بتلقينه الآيات والذكر الحكيم، قال عنها الشيخ ذات مرة “بأن لولاها ما تخرج من القرية حافظاً للقرآن الكريم”، وجدت الشيخة “مريم” علامات النبوغ ومؤشرات الموهبة لدى تلميذها النجيب، فانصب اهتمامها عليه وعاملته معاملة متميزة لتصل به إلى حيث تضعه الموهبة دون تقصير ولا يأس، ولما بلغ السادسة من عمره ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية بالقرية فلم ينشغل بالدراسة عن القرآن، حيث ظل يتردد على كتّاب الشيخة “مريم” حتى أتم حفظ القرآن كاملاً وهو في الثانية عشرة من عمره، بعدها توفيت الشيخة “مريم” عن عمر يناهز 82 عاما قضتها فى تحفيظ القرآن.
لفت الصبى الصغير أنظار أهل قريته عندما كان يتلو القرآن لدوى صوته القوى وحسن أدائه العذب، حتى ذاع صيته بين أبناء القرية، وأصبح قارئ القرية في المناسبات والمآتم، الأمر الذى شجع والده لإثقال موهبته، فذهب به إلى الشيخ “أحمد الصاوي عبدالمعطي” مأذون القرية ليتلقى على يديه علم القراءات وأحكام التجويد، وقرأ عليه القرآن برواية حفص عن عاصم، وعندما مات الشيخ “أحمد الصاوى” خلفه الشيخ “سيد متولي” على المأذونية ليصبح قارئاً للقرآن ومأذوناً لقريته، واستكمالاً لرحلة التعلُّم ذهب إلى قرية “العرين” المجاورة للفدادنة ليتعلم علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ “طه الوكيل” حيث قرأ عليه القرآن برواية ورش وقالون عن نافع.
ذاع صيته في محافظة الشرقية وانهالت عليه الدعوات من كل أنحاء محافظة الشرقية وهو ابن الـ 13 عام، ثم بدأ يغزو المحافظات الأخرى المجاورة لإحياء المآتم وكثيراً ما قرأ بجوار مشاهير وعمالقة التلاوة أمثال الشيخ “مصطفى إسماعيل، والبنا، وعبد الباسط، وحمدي الزامل، والسعيد عبد الصمد الزناتي”.. وغيرهم.
تعلم الشيخ “السيد متولى” مقامات علم النغم على يد أحد الموسيقيين بمدينة فاقوس, وتعلم المقامات التى تليق بقراءة القرآن الكريم, وكان يشدد على أقرانه من القراء بأن يتعلموا أن للمقامات أصول وفروع ولا يؤخذ من المقامات لتلاوة القرآن إلا الأصول فقط، لأن الفروع لا تليق بقراءة القرآن, وتخرج القرآن الكريم عن وقاره، وكان يرى أن المقامات بها تصور لمعانى القرآن الكريم.
لم يتجاوز أجر الشيخ فى بداية شهرته جنيهاً واحداً عام 1961، حتى وصلت شهرته الأفاق عام 1984 بعد أن تعاقدت معه إحدى شركات “الكاسيت” بالشرقية، وبدأت تنهال عليه الدعوات من جانب العديد من دول العالم العربى والإسلامى لإحياء المناسبات والليالى الرمضانية، وقام بتسجيل القرآن لبعض الإذاعات العربية والإسلامية، وله تسجيلات تذاع بالأردن وإيران وبعض دول الخليج، كما تلقى دعوات كثيرة من الدول أجنبية من بينها “أمريكا، وسويسرا، وألمانيا، والهند، وجنوب إفريقيا”.
التحق الشيخ “السيد متولى عبد العال” بالإذاعة المصرية فى وقت متأخر عام 1997 على الرغم من ذيوع شهرته فى مصر والعالم بشكل كبير، كما شارك فى عدة مسابقات تحكيم لحفظة القرآن الكريم والتى أقيمت فى عدد من الدول.
للشيخ ثمانية أبناء، الابن الأكبر “محمد” ويعمل طبيباً بيطرياً، والثانى طبيب بشرى, وست بنات متزوجات فى قريته مسقط رأسه.
توفى القارئ الشيخ “السيد متولي عبد العال” أحد عمالقة قراء القرآن الكريم، يوم الخميس 16 يوليو 2015 عن عمر ناهز 68 عاما، وكانت آخر تلاوة للشيخ قبل أيام قليلة من وفاته، كان قرآن صلاة الفجر والتى نقلها التليفزيون المصرى، من مسجد السيدة زينب.. رحم الله شيخنا الجليل رحمةً واسعة.