س : هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا ؟
ج : يجيب فضيلة الأستاذ الدكتور مجدى عاشور المستشار العلمى السابق لفضيلة مفتى الجمهورية وهو من العلماء المدققين المشهود لهم بالورع والصلاح وامتلاك ناصية العلم ، قائلا :
أولًا : حثَّ الشرعُ الشريف على مراعاة مناسبة الـمُخْرَج من الزكاة لحاجة الفقراء والمساكين ، واختيار ما هو أنفعُ لهم حتى يتحققَ مقصود الزكاة في الشرع الشريف ، ويدلُّ على ذلك عموم حديث مُعَاذ رضي الله عنه أنه قَالَ لِأَهْلِ اليَمَنِ : «ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ -أَوْ لَبِيسٍ- فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بِالْمَدِينَةِ».
ثانيًا : اتفق الفقهاء على أن إخراج زكاة الفطر من القوت مجزئ ، لكنهم اختلفوا في إجزاء القيمة ، فذهب الحنفيَّة وجماعة من التابعين والإمام أحمد في رواية إلى جواز إخراجها قيمةً من النقود ، وممن روي عنه ذلك الإمام الحسن البصري رضي الله عنه ؛ حيث قال : « لا بأسَ أن تعطيَ الدراهم في صدقة الفطر »، وهذا ما فعله أيضًا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ؛ فعن وَكِيعٍ عن قُرَّة قال : جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر : « نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم ». ونصف الصاع هنا هو ما أخذ به الأحناف خاصةً في القمح أو الدقيق، في حين أخذ الجمهور بالصاع في ذلك، على اختلاف بينهم في مقدار الصاع.
والخلاصة : أن المختار في الفتوى هو ما ذهب إليه الحنفية ومَنْ وافقهم من مشروعية إخراج زكاة الفطر بالقيمة ؛ لكونه أوفقَ لمقاصدِ الشرع من تحقيق مقصود الزكاة وهو الإغناء، وهو يحصل بالقيمة التي هي أقربُ إلى منفعة الفقير ؛ لأنه يتمكَّن بها من شراء ما يحتاج إليه في يوم العيد ؛ حيث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ” اغْنُوهُم عن السؤال في هذا اليوم ” .
والله أعلم