في عرضها لأول تقرير أمام مجلس حقوق الإنسان، أكدت رئيسة لجنة التحقيق الدوليةالمستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأرض الفلسطينية المحتلة، بمافيها القدس الشرقية،وإسرائيل، أن حالة الاحتلال المتواصل لفلسطين، والتمييز طويل الأمد في كل من إسرائيل وفلسطين هو سبب جذري أساسي للعنف المستمر.
قدّمت الرئيسة نافي بيلاي إحاطتها أمام الدورة العادية الخمسين لمجلس حقوق الإنسانفي جنيف، وعرضت أول تقرير يقوم “بتحليل أوجه التشابه في النتائج والتوصيات الصادرة عن جميع بعثات الأمم المتحدة لتقصي الحقائق ولجان التحقيق بشأن الوضع.”
وأشارت إلى أنه جرى التركيز على النتائج والتوصيات التي تتعلق بالأسباب الجذريةالكامنة وراء التوترات المتكررة وعدم الاستقرار وإطالة أمد الصراع.
وقالت انه لوحظ أن العديد من النتائج والتوصيات ذات الصلة بالأسباب الجذرية الكامنةمتعلقة بالكيانات والجماعات المسلحة الفلسطينية، لكنّ الغالبية العظمى كانت موجهةنحو دولة إسرائيل، “وهو ما يؤكد الطبيعة غير المتكافئة للصراع وتبديد الرأي القائل بوجود طرفين على قدم المساواة، وتعكس حقيقة احتلال دولة لأخرى.”
أشارت بيلاي إلي عمليات التهديد بالتهجير القسري وعمليات الهدم وبناء المستوطنات وتوسيعها وعنف المستوطنين والحصار المفروض على غزة، في دورات العنف– مؤكدة أن هذا الواقع، المستمر منذ عقود، يجلب إحساسا عاما باليأس وفقدان الأمل لدى الفلسطينيين في فلسطين وإسرائيل وفي الشتات.
وقالت: “لقد تُركوا بلا أمل في مستقبل أفضل يوفر لهم النطاق الكامل لحقوق الإنسان، دونتمييز.”
وشددت على أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وضعت سياسات واضحة لضمان وترسيخ السيطرة الكاملة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة وكذلك الجولان السورية المحتلة.
وذكرت على سبيل المثال قرار المحكمة العليا بضرورة إجلاء الآلاف من سكان “مسافر يطّا” في الضفة الغربية من مناطق سكناهم.مؤكدة ان هذا القرار يتعارض مع المبادئ الأساسيةللقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان المحددة في تقريرنا.”
انتهاكات واسعة النطاق
بحسب رئيسة لجنة التحقيق الدولية فانه منذ الانتهاء من إعداد التقرير، تلقت اللجنةتقارير عن انتهاكات مستمرة للحقوق الفردية والجماعية – بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة – المميتة في بعض الأحيان، من قبل القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما فيذلك النساء والأطفال والصحفيون.
وقالت: “لا يمكن لسياسات الاحتلال ونزع الملكية والتمييز إلا أن تترجم إلى زيادة الكراهيةوالمزيد من أعمال العنف.”
وأشارت إلى أن الاحتلال المستمر للأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة،والحصار المفروض على غزة لمدة 15 عاما، والتمييز طويل الأمد داخل إسرائيل، “كلها أمورمرتبطة ببعضها البعض، ولا يمكن النظر إليها في معزل عن غيرها.”
وأوضحت أن الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان التي حددتها جميع لجان التحقيق وبعثات تقصي الحقائق السابقة، قد أدى إلى تفاقم الوضع.
وأشارت بيلاي إلى أن مسؤولين فلسطينيين يستخدمون هذا الوضع المستمر من الاحتلال والتمييز لتبرير انتهاكاتهم وتجاوزاتهم للقانون الدولي، بما في ذلك فشل السلطةالفلسطينية في إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
كما أظهرت سلطات الأمر الواقع في غزة القليل من الالتزام تجاه دعم حقوق الإنسان، وعدم الالتزام بالقانون الإنساني الدولي.
قدمت لجنة التحقيق ثلاث توصيات أولها ضرورة إنهاء الاحتلال؛ وأن يحصل جميع الأشخاص في فلسطين وإسرائيل على جميع حقوقهم الإنسانية، دون تمييز، بما في ذلك حقهم في العيش في سلام وأمن إلى جانب جيرانهم؛ وينبغي على المجتمع الدولي التقيّدبالتزاماته الدولية لضمان الاحترام الكامل للقانون الدولي في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، والعمل على ضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم الدولية.
نأسف لأن إسرائيل رفضت حتى الآن التعاون، أو السماح لنا بدخول إسرائيل
وتعتزم اللجنة إجراء تحقيقاتها الخاصة والتحليل القانوني والتوصل إلى نتائج مستقلةفيما يتعلق بالانتهاكات والتجاوزات المزعومة، وتتفاعل بالفعل مع آليات المساءلةالقضائية الدولية بما يتماشى مع ولايتها لإنهاء الإفلات من العقاب وضمان المساءلة، بمافي ذلك المساءلة الجنائية الفردية.
وقد حاولت أكثر من مرة التعامل مع حكومة إسرائيل، تأكيدا على أهمية الإصغاء لجميع الأطراف المعنية. “نأسف لأن إسرائيل رفضت حتى الآن التعاون، أو السماح لنا بدخول إإسرائيل. كما رفضت السماح بالوصول إلى الأرض المحتلة لدولة فلسطين، على الرغم من تعاون الأخيرة النشط ورغبتها في السماح للجنة بالزيارة.”
أشارت اللجنة إلى أن المجتمع الدولي فشل حتى الآن في اتخاذ أي إجراءات ذات مغزى لضمان الامتثال للقانون الدولي، والتأثير على إسرائيل في إنهاء الاحتلال.
يذكر أن التقرير هو عبارة عن تقييم للتوصيات التي قدمتها لجان التحقيق وبعثات تقصي الحقائق السابقة، بالإضافة إلى التوصيات المقدمة منذ عام 2018 من قبل هيئاتمعاهدات الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة والمراجعات الدورية الشاملة لكل من دولةإسرائيل ودولة فلسطين.
وقد أدى تصعيد الأعمال العدائية في غزة في أيار/مايو 2021 – بما في ذلك العنف المتزايدداخل إسرائيل نفسها وضد المدنيين الإسرائيليين – إلى إنشاء هذه اللجنة – مدفوعابالسياق الأوسع للتوترات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفيما تغيّبت إسرائيل عن الجلسة
، قال سفير دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف، إبراهيم خريشة، إن بلاده تدين عدمتعاون إسرائيل مع اللجنة، وعدم السماح لها بالوصول إلى الأرض المحتلة.
ولفت الانتباه إلى أن اللجنة لم تدرج في تقريرها “الانتهاكات والجرائم التي ارتُكبتالشهر الماضي” من قبل السلطة القائمة بالاحتلال. وأوضح أن الاحتلال قام بقتل عدد منالصحفيين والمدنيين وقد وصل عددهم إلى 68 منذ بداية العام.
ودعا إلى الضغط على القوة القائمة بالاحتلال والسماح للجنة بممارسة ولايتها واتخاذإجراءات عقابية بحق السلطة القائمة بالاحتلال إذا ما استمرت في إعاقة تحقيق العدالة.