بينما يسابق الاتحاد الأوروبى الزمن لحمل دوله الأعضاء على إقرار حظر كامل على وارداته من المنتجات النفطية الروسية التي لا يزال عديد من الدول الأوروبية تعتمد عليه كمصدر للطاقة وتستورده منها ، وتدرس الدوائر الغربية بديلا جديدا لتبريد ارتفاعات الأسعار في سوق الطاقة العالمي ويخضع نسبة الـ50 في المائة من صادرات النفط الروسي التي لا تسرى عليها العقوبات إلى اسقف تصديرية وتعليق عائدات تصدير النفط الروسي فى حساب دولى لتمويل تعويضات لأوكرانيا .
ويزاوج البديل الجديد بين استمرار معاقبة روسيا وتحقيق استقرار نسبى فى أسواق الطاقة العالمية يخفف من حالة التأزم التى تعانيها اقتصاديات دول العالم .
يأتى ذلك فى وقت يسعى الاتحاد الأوروبى للتنفيذ المحكم لبنود الحزمة السادسة من العقوبات على صادرات النفط الروسية وهو الالتزام الذى منحت كل من المجر وبلغاريا و سلوفاكيا استثناءا من الالتزام به ، وكذلك الزام ” الزبائن البديلة لروسيا ( الهند و الصين ) التي تستقبل نصف صادرات النفط الروسية بحدود معينه للشراء .
ويتباحث قادة الاتحاد الأوروبى وخبراؤه حاليا كفاءة هذا البديل الجديد باعتباره انه قد يخفف من تداعيات الأزمة العالمية الناتجة عن ارتفاعات النفط ، كما سيكون على دول أوروبا وبلدان العالم الأخرى التي لا تزال تشترى النفط الروسي الالتزام بهذا البديل.
عمليا يعنى هذا البديل توسيع مظلة العقوبات وحرمان روسيا من الاستفادة من إيرادات التصدير إلى الأسواق البديلة عن الأسواق الأوروبية ، ويقترح هذا الطرح كذلك فرض أوروبا رسوما استيرادية عالية على النفط الروسي وحجب قيم فواتير الاستيراد النفطى من روسيا في حساب عالمي ” خاص ” لحساب سداد التعويضات لأوكرانيا عما لحق بها من دمار نتيجة العمليات العسكرية الروسية.
ويقوم هذا البديل إلى فكرة تحديد اسقف لا تتعداه صادرات النفط إلى أسواق العالم بما فى ذلك الأسواق الغربية حتى تلك المستثناة من حزمة العقوبات السادسة وأن تلتزم الهند و الصين بذلك وكلاهما يستورد نصف الانتاج الروسى من النفط حاليا على نحو ما تمت الإشارة إليه ، على أن يتم تعليق مستحقات روسيا المالية من صادراتها النفطية وعدم صرفها إلا بعد تحرك موسكو عمليا لإنهاء العمليات العسكرية ضد أوكرانيا والجلوس على طاولة تفاوض والتزامها بدفع تعويضات لأوكرانيا.
ويقول المراقبون أن انتاج روسيا النفطى من المتوقع له ان يتراجع بنهاية العام الجارى بنسبة 10 في المائة فقط مقارنة بالانتاج المتحقق فى العام الماضى وهو ما يعنى ” تأثير طفيف لساسة العقاب الأوروبى الحالية ” حيث لا يتوقع المراقبون – من الناحية العملية – تراجعا موازيا وموجعا لموسكو في إيرادات تصدير نفطها بنهاية العام بسبب ارتفاعات الأسعار التي عوضت اثر انخفاض الانتاج والتصدير بسبب العقوبات.
ويستدل خبراء معهد ستوكهولم لبحوث الطاقة على ” كون العقوبات الغربية غير موجعه بالقدر الكافي لردع الكرملين ” بما صدر عن الحكومة الروسية من تقديرات تتوقع ارتفاعا فى حصيلة الضرائب التى تسددها شركات النفط و الغاز الروسي بنسبة لا تقل عن 60 في المائة من اجمالي المتحصلات الضريبية الروسية بنهاية العام الجاري نتيجة ارتفاعات الأسعار العالمية للطاقة ، وهى النسبة التي كانت 40 في المائة في العام الماضي ، الأمر الذي يعنى ازدهار إيرادات تلك الشركات و ليس انكماشها كما كان يستهدف الغرب .
ويقول المحللون الغربيون انه حتى لو نجح الغرب في فرض حظر تام و محكم على واردات الاتحاد الأوروبي من المنتجات النفطية الروسية المتجهة إلى أسواقه ، فإن هناك صادرات روسية نفطية يعتد بها تتجه إلى أسواق أخرى غير أوروبية في أفريقيا وآسيا التى لا تسرى على دولها حزمة العقوبات السادسة .
وبحسب شبكة البلقان الإخبارية .. تشير التقارير الصادرة عن معهد ستوكهولم لبحوث الطاقة إلى أن أسواق الصين والهند وحدها تستوعب نصف صدارات النفط والمنتجات النفطية الروسية وبكميات كبيرة غير مسبوقة تعوض روسيا عن صادراتها إلى الأسواق الغربية الآخذه في التشدد بصورة أكبر تجاه روسيا.
وينبه خبراء معهد ستوكهولم لبحوث الطاقة أن فرض حظر شامل على واردات الغرب من النفط الروسي سيدفع أسعار النفط الخام عالميا صوب ارتفاعات جديدة ” فلكيه ” وهو ما يفيد بصورة مباشرة الخزانة الروسية ، وكشف التقرير كذلك عن أن الحظر الغربي على واردات النفط الروسي قد رفع أسعار النفط العالمية بما في ذلك سعر البرميل من مزيج الاورال للنفط الخام الروسى بنسبة لا تقل عن 30 في المائة حتى منتصف شهر يونيو الجاري.
واستنادا إلى ذلك يعتبر خبراء تجارة النفط أن اتجاه الغرب إلى فرض الحظ الشامل من جانبه على استيراد النفط الروسي ” ستكون له اثاره السلبية على اقتصاد العالم عامه و اقتصاد الغرب خاصة ” متمثله فى ارتفاعات جنونية محتمله في أسعار النفط ويدر أموالا على موسكو ، ومن ثم يعتبر معهد ستوكهولم لبحوث الطاقة أن ” صدور قرار أوروبى بحظر شامل وتام ولا يعرف أية استثناءات على استيراد النفط من روسيا بما يدفع موسكو إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا ، سيكون مستحيل التنفيذ عمليا ” .
وتجدر الإشارة إلى أن أسعار النفط العالمية التي تصل حاليا إلى 120 دولار أمريكى للبرميل قد ادر على الخزانة الروسية فوائض ماليه ضخمه حيث كانت الموازنة العامة الروسية تقدر سعر البرميل الروسي المصدر إلى الأسواق الخارجية بنحو 42 دولار للبرميل فقط ، ويقول الخبراء إن الفارق بين السعر التقديري والسعر السوقي الراهن للبرميل ” بسبب العقوبات ” قد أفاد في حقيقته الخزانة الروسية التي باتت تستقبل إيرادات أكبر لنفط أقل تقوم روسيا بتصديره.
وكان يورى فيدرينكو الرئيس التنفيذي لمؤسسة النفط والغاز الأوكرانية/ يوكو نافتوجاز / قد دعا في الرابع عشر من الشهر الجاري إلى وضع سقف كمى لانتاج النفط الروسي كحل يحقق – من وجهة نظره – استعاده أسواق النفط العالمية لحالتها الطبيعية ويبرد ارتفاعات الأسعار .
واعتبرت الحكومة الأوكرانية أن هذا الطرح قد يكون بديلا أكثر عملية بالإمكان دراسته في خضم البحث عن أشكال بديله تحقق التوازن بين سعى الغرب إلى معاقبة روسيا وفى الوقت ذاته التوصل إلى استقرار نسبى في أسعار النفط العالمية وبذلك لا تكون العقوبات الغربية ضد النفط الروسي ” عقابا للعالم كله “.
ويرى خبراء في الاتحاد الأوروبي أن هذا الطرح الذي تسوق له كييف قد تكون له وجاهته كمحفز لروسيا لانهاء حربها في أوكرانيا وتحقيق إيرادات معتبره لتعويض أوكرانيا عن خسائر الدمار الذى خلفته الحرب ، فضلا عن تبريد ارتفاعات أسعار الطاقة في الأسواق العالمية .
وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة المالية الروسية ، فقد ارتفع الانفاق العسكرى الروسى فى مايو الماضى بنسبة 130 فى المائة عنه فى مايو 2021 مسجلا 630 مليار روبل / 2ر10 مليار دولار أمريكى لسداد فواتير الحرب الروسية في أوكرانيا وهو ما يلتهم 6 في المائة من الناتج المحلى الاجمالي لروسيا ويدفع الكرملين إلى البحث عن مصادر لتمويل استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وفى أبريل الماضى نشرت روسيا أرقاما بشأن مستوى العجز المالي لموازنتها حيث بلغ 260 مليار روبل / 7ر4 مليار دولار أمريكى / تعادل نسبة 5ر2 فى المائة من الناتج المحلى الروسى وذلك بعد اقل من شهرين على بدء الحرب الأوكرانية في الرابع و العشرين من فبراير الماضي ، وارجع المحللون الروس السبب في ذلك إلى قيام موسكو ببيع النفط لقاء 70 دولار للبرميل ” مزيج نفوط الأورال ” وهو سعر اقل بنسبه 30 في المائة عن الأسعار التي كانت سائدة في الأسواق العالمية انذاك تشجيعا لفتح أسواق جديدة للنفط الروسي كبديل عن الأسواق الأوروبية .
ن و ر